لم تُسخَر لسوادِ عينيك، بل لسوادِ جحيمِ جهنم أوقدت لهيبها… أنفقت عليها المليارات، وتزاحمت على أبوابِها الكفاءات، وعلى ثرى موائدِها ضاعت الأعمارُ…
إن كنت صغيرًا فهي لك كأمٍ ظاهرُها الحنانُ، تُمسك بثدييها فترويك من حليبِها المسرطنِ لتنبُتَ مشوهَ الأفكارِ قبلَ الأطرافِ!
وإن كنتَ في مقتبلِ العمرِ تزينتْ لك حتى وكأنها عروسٌ عشرينة بكرٌ في أبهى حلتِها، فإذا بها عجوزٌ شمطاءَ ركلتها تربةُ الأرضِ القاحلةِ !
وإن كنت قد تجاوزت الخمسين، فيمكن أن تكون لك كمرشدٍ صالحٍ يأخذ بنواصي عقلِك وقلبِك إلى أعالي درجاتِ الرقي، وإذا بها تقذفك في أسفلِ دركاتِ الظلامِ والتيه!
بكلِّ يقينٍ إنها وسائلُ إعلامِ عصرنا الحديث!
تؤدي وسائلُ الإعلام التي تسير في فَلَكِ البيتِ الأبيضِ وظائفَ متعددةٍ في عمليةِ تخطيطِ وتنفيذِ السياسة الداخليةِ والخارجيةِ لأمريكا عبرَ وسائلَ مختلفةٍ من مرئِيٍ ومسموعٍ ومقروءٍ .
في السابقِِ كان التضليلُ يتم عن طريقِ تحويرِ وفبركِة في صياغةِ الأخبارِ، من أجلِ إخراجِها في الصورةِ التي تخدمُ مصالحَ الدولِ العظمى المتسلطةِ على العالمِ، أما اليومَ فقد ظهرتْ أذرعٌ إعلاميةٌ متعددتٌ منها مراكزُ بحوثٍ، ومؤسساتُ دراساتٍ بحثيةٍ متنوعةٍ، وشركاتِ إنتاجٍ سنمائي على رأسها هوليود ودزني، في ظاهر الأمر أنها وسائل ترفيه، وفي الحقيقة هي وسائل ترسيخ المفاهيمِ والسمومِ التي يردها الغربُ أن تغزوَ العالم، وأهم ذلك:
* حربهم على ثوابت الإسلام وكلُ ما يتعلق بالمسلمين.
* إظهار المسلمين ما بين إرهابيٍ متعطشٍ للدماء وكائنٍ جاهل يسوده التخلف والجهل يعيش في القرون الوسطى!
قال كاتبُ السينما الأمريكي نورمان كازينير: الأفلامُ الأمريكيةُ المرسلة إلى الخارجُ تخدُم احتياجاتِ الدعاية الأمريكية، فهي تحمل مضامينَ تساعد على تشويهِ الدين الإسلامي وتختزله في ديانة تتبنى العنفَ وتحرضُ على التطرف وتعارض الحداثة، وتساهمُ في غرسِ وتعميقِ مفاهيم الإسلاموفوبيا والربط بين الإسلام والإرهابِ والشعائر الإسلامية والتطرف.
وقد تسائل الصحفي جاكستون مستنكرًا بقوله: هل يمكن أن تخرج صورة العربي أو المسلم في السينما عن تصويره على أنه واحد من ثلاثة: مليونير أو إرهابي أو عربيد، فأين العربُ والمسلمون العاديون في السينما الأمريكية؟! وهل آن الأوان لكي تتوقف هيوليوود عن هذه الحرب؟!
اللوبي العالمي الموالي لإسرائيل بات بشكلٍ ملحوظٍ يسيطرُ على جُلِّ وربما كلِّ وسائل الإعلام الأمريكية من صحافة ونشر وسينما ومحتوى فيديو وشبكات أنترنت.
ولم يتوقف الأمر على الإعلام الأمريكي بل شملت السيطرةُ وسائلَ إعلام عربيةٍ ومراكزَ إعلامية لها تأثيرُها في صناعةِ الرأي العام العربي والإسلامي، حتى باتَ الإعلامُ العربي لا يقل خطراً وفتكاً بالثقافة الإسلامية والعادات والتقاليدِ العربية الأصيلة، حتى ظهرت جاهلية القرن الواحد والعشرين !
فقد استطاع الإعلامُ العربي الموالي للإعلام الغربي من إظهار المجتمعاتِ الغربيةِ بأنها صاحبةُ الثقافةِ والأمانة والحضارة، تتمتع نسائُها بالحرية والعيشِ الرغيد، هذه الأدواتُ تقارن حالَ تلكم المجتمعاتِ بالمجتمعاتِ العربيةِ المغلوبِ على أمرِها بصورةٍ غير مِهَنية، على إثر ذلك تظهر صورة المجتمعات العربية أقربَ إلى غابةٍ يتقاتلُ على ترابِها الضعيف قبل القوي!
شعوبٌ متخاصمةٌ قابلةٌ للفوضى ومستعدة للثوران في كلِّ وقتٍ وكأنها قنبلةٌ لا تدري متى تنفجر، يملأ واقعهم الجهلُ والتخلفُ، وما درت تلك الوسائل الإعلامية أن سببَ ما بالغْتُم في إظهارِه هو تسلطُ الغربِ الذي جاء بمرتزقةٍ من شذاذِ الفطرِ، ليوليهم على رقابِ المجتمعاتِ العربية المسلمة فيكونوا أولياءَ أمورِهم، ليوصلوهم إلى الحال الذي وصلت إليه معظمُ البلدانِ اليومَ.
من هنا نعي جيداً حجمَ التأثيرِ الإعلامي الذي يسحر العقولَ والقلوبَ، وهو القادر على أن يجعل من الكذب حقيقةً ومن الخيال واقعًا، يجب أن نعيشه وفق ما تمليه علينا قوى الشر والظلام العالمي.
لكننا لن نصدقكم ولن تنطلي علينا أكاذيبُكم .. فمهما بهرجتم من صور الكذب وحجبتم من أخبارِ واقعِكم التعيس، فليس لنا رأيان ولسنا بحاجةٍ إلى أن نعرف منكم أكثر.
ففي صوت الحق تكتمل عندنا صورةُ اليقين الواضح.