إن التضليل الإعلامي أداة ، وسلاح فتاك يستخدمه الأعداء لمواجهة خصومهم في كل مجالات الحياة ، والتضليل الإعلامي يعني تقديم الأخبار ، والواقع ، وترويج الأباطيل بطرق ملتوية على غير حقيقتها، وتختلف معاييره بين مؤسسة إعلامية ،وأخرى، وإعلامي وأخر، وذلك حسب توفر شروط التضليل لديها من حيث الجانب التكنولوجي والمالي ، ومراكز الأبحاث لدراسة توجهات الشعوب المراد تضليلها وغزوها..
والتضليل في المعنى القراني يعني خسارة وهلاك و العدول عن الطريق المستقيم ويضاده الهداية
يقول الله تعالى:(من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها )( سورة الإسراء الآية 15)
وقال تعالى : (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ۖ فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ۗ وإن كثيرا من الناس لفاسقون) (سورة المائدة الآية49 )
وقال تعالى : (قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين)( سورة القصص الآية85)
وقال تعالى : (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين ) (سورة الزمر الآية 22)
ويقول الله تعالى في سياق مخاطبة بني إسرائيل: (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) (سورة البقرة: الآية 42)
وينشط التضليل الإعلامي في المراحل المحورية التاريخية ،والمهمة ،والحساسة كأزمنة الحروب، والانقلابات وتغيير الأنظمة ، وإعادة صياغة الدول، واحتدام التنافس ، وصراع القوى السياسية ، والاقتصادية، والمجتمعية ، والدينية
هنا يدخل التضليل الإعلامي كأهم أداة لمواجهة الخصوم او لكسب الصراع ، وتحقيق المصالح بين القوى المتصارعة ، والمتنافسة.
ولذلك نجد قوى الظلال الاستكبار العالمي التي تسيطر على اغلب وسائل الإعلام في العالم هي من تفرض رؤيتها على شعوب العالم من خلال مراكز الأبحاث والدراسات المسبقة لثقافة الشعوب ، و التحكم في المعلومات، والأنباء التي تتم نشرها بطرق تناسب أفكار هذه الدول وهي من تعلب الدور الأكبر والمآثر في تضليل شعوب العالم ،والمسبب الرئيسي لإيصال الأمة العربية، والإسلامية ، إلى ما وصلت إليه من التخلف ،والتأخر ،والانحطاط معتمدة على ما تملكه من أجهزة حديثة ،وتكنولوجيا متقدمة، وخطط علمية مدروسة
ومفهوم الإعلام أو الإعلان في المعنى القراني يعني البيان والتبليغ ،والدعوة ، والأذان والتنذير،
ويعني تزويد الجماهير بالأخبار الصحيحة ،والمعلومات السليمة ، والحقائق الثابتة.
يقول الله تعالى : (اأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) (سورة المائدة الآية67 )
وقال : (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) (سورة الحج الآية 27)
وقال تعالى : ﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ﴾(سورة النحل الآية 125 )
ويعني في المفهوم الحديث الأخبار، والتحليل، والنقل المباشر بحسب رؤية ومنطلقات ، وأهداف جهة معينة .
ان القرآن أعظم سلاح إعلامي في مواجهة قوى الضلال العالي ففيه نجاة العباد وفلاحهم ، ففيه الخير والهدى، والسكينة والسعادة ، والطمأنينة وهو اقوى سلاح دفاعي لكل ما هو قائم وقادم ، وهو نعمة عظيمة من الخالق عز وجل للبشرية لترسيخ العقيدة الصحيحة النقية ، والدفاع عنها ورد شبهات الكافرين ، ومقارعتهم بالحجج الدامغات وبيان فساد أقوالهم وأعمالهم ، وفساد معتقداتهم.
ان جميع الأنبياء السابقون ارسلهم الله إلى أقوامهم خاصة وربما إلى قبيلة واحدة من القوم وربما إلى عائلة واحدة أما رسول الله صلى الله عليه واله سلم فقد كانت رسالته عامة إلى البشرية كافة أبيضهم وأسودهم عربا كانوا أو عجما لإنقاذهم من الظلم والجهل الذي كانوا يعيشون فيه يقول سبحانه وتعالى: ﴿ قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ﴾ ﴾(سورة الأعراف الآية 185 )
وقال تعالى: (تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذير) ﴾(سورة الفرقان الآية 1 )
وقال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }(الأنبياء الآية 107)
إن القرآن هو أعظم وسيلة إعلامية عرفها تاريخ الإنسانية وهو القطب الأعظم في الدين والمهمة التي بعث الله بها نبي هذه الأمة وخاتم الرسل من حيث شموليته تأثيره في جميع المجالات من حيث الخطاب ، والقصص ، وضرب الأمثال والتكرار ، والجدال ، والحوار مع المخالفين والترغيب، والترهيب ،
والقرآن الكريم هو الرسالة الإعلامية المقدسة معجزة الإسلام الخالدة وهو الدستور الشامل الجامع المنظم لشؤون الأمة الإسلامية في الأمور كلها وهو المرجع الرئيس للنشاط الإعلامي الذي يرسم للدعاة والمرشدين خططهم ويحدد، مجالات نشاطهم ويحقق ، أهدافهم ويستطيع الإعلامي ان يتزود منه ليدعم الحقيقة ويستعين به في معالجة قضايا المجتمع المعاصرة.
إن انتشار الإسلام اليوم في كل بقاع الارض كان ولا يزال بفضل جهود الدعوة الإعلامية الذي بذلها الرسول الأعظم في هذا الصدد وهي جهود شمل نورها الأرض بمن عليها
فقد نهج في دعوته نهجًا خاصًا ،ووضع لهذه الدعوة أصولاً ومعايير قرانية ثابته وواضحة ، ودقيقة لا تحتمل لبسًا أو غموضًا من الآيات الكريمة منها
قوله عز وجل : (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا ) (الأحزاب الآية 45-46) وقوله في سورة المائدة: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) (المائدة الآية 67).
فكانت الرسالة القرآنية الإنسانية المحمدية كامله وخالدة فقد ختم الله الرسالات برسالة سيدنا محمد وختم النبوات بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ﴾ (سورة المائدة الآية 3)
ما نشهدة اليوم من تطور عالمي كبير في جميع جوانب الحياة منها العلمية والفكرية نجد الأمة الإسلامية في جانب الدراسات المتعمقة ، والبحوث العلمية التي تناولت الإعلام في المنظور الإسلامي لا تزال ضعيفة إذا لم تكن شبه مفقودة.
كما أن المنهج الإسلامي في الإعلام لم يأخذ طريقه بعد لغياب الإستراتيجية وعدم وضوح الرؤية المدروسة لنشر الدين الإسلامي بمفهومة القرآني الصحيح بما يتناسب مع المعطيات العصرية في وسائل الإعلام ،ونظم المعلومات ما جعلنا نخسر الكثير من أسباب النجاح وعوامل الإنتشار والتأثير.
وفي ظل ما تمر به أمتنا الإسلامية من حروب وفتن طائفية ومناطقية وجهل وفقر كان للتضليل الإعلامي لقوى الاستكبار والإجرام العالمي الدور الرئيسي لإيصال الأمة إلى ما وصلت إليه فالجهل بمخاطر الإعلام وأساليبه الخبيثة ، والملتوية لا يعني إننا سنكون في مأمن من تأثيره وعواقبه بل إننا إذا لم نتقن إستخدام الوسائل الإعلامية الحديثة وأساليب توجهيها فنحن في مأزق وتخلّف كبير . ولهذا كان لابد لنا عزيزي القارئ من وقفة مع علماء اليمن ـ من كانوا ولا زالوا لهم الفضل الأكبر في وعي وحكمة وصمود وثبات وانتصار أبناء شعبنا اليمني أمام هذا العدوان الغاشم بحشده ، وترسانته العسكرية ، والإعلامية الضخمة التي لم يشهد التاريخ لها مثيل . نقف معهم لأخذ العبر والدروس،و تربية النفس ، وتزكيتها وصلاحها ،وتوعيتهم بمخاطر التضليل الإعلامي وسبل مواجهتها ..
نقف معكم عزيزي القارئ مع الأستاذ العلامة المجاهد / محمد بن سقاف الكاف
عضو الهيئة عليا للإفتاء اليمنية
س5: ما هي رسالتكم اليوم إلى عامة الشعب اليمني القادرين على إستخدام شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي ؟
ج: أخاطب أهلي وإخواني من أبناء وطني اليمني المشاركين في مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت أن يفعلوا نشاطهم بما يخدم قضايا وطنهم ومجابهة عدوهم سواء بالأسلوب أو الكلمة أو الصورة فلقد أصبح الإنترنت أو وسيلة الإعلام الأولى والتي يجلس أمامها المتلقي بشكل شبه دائم فلازمكم استغلالها الإستغلال الصائب واستثمارها الإستثمار الأمثل .
س1: ما هو دور العلماء اليوم في مواجهة التضليل الإعلامي للعدوان ؟
ج: لقد أوكل الله تعالى لأهل العلم الريادة والقيادة للأمة حيث قال تعالى: مخاطباً للمؤمنين (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا)﴿النساء الآية ٨٣﴾
وقال فيما يختص بأهل العلم في حماية بيضة الإسلام في حال الحروب والاضطرابات فقال تعالى : (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)﴿التوبة الآية 122﴾ وجعلهم الله تعالى المجيبين والمرشدين والموجهين لكل متعلم، ومسترشد ،وجاهل ، ومستبصر بقول العليم الحكيم تبارك وتعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)﴿النحل الآية 43 ﴾
فالدور الحقيقي بناء على مسؤوليتهم الشرعية وتكليفهم الإلهي يلزمهم من مواقعهم العلمية أو البحثية أو الدعوية أو الإعلامية أمام الزخم المعلوماتي والتضاربات الخبرية بغثها وسمينها وصدقها وكذبها وحقها وباطلها واتسع وتنوع نشاطها سواء مرئي أو مكتوب أو مسموع أو وسائل تواصل الكتروني أمور أهمها:-
تكوين برنامج علمي وعلمائي متكامل التكوين والنشاطات يكون رديفاًً وموجهاً للإعلام القائم سواء بالتوجيه أو إعطاء تحفيز معنوي وتثبيت جهادي موصل للحشد القتالي والتثبيت الإيماني ، وتفنيد شبه وأكاذيب الإعلام المسموم أو المأزوم.
إحياء دور المنبر والذي له بالغ الأثر في تكوين العقليات المجتمعية خاصة في المجتمعات الأمية وهو صوت الإسلام وإعلامه المؤثر عبر التاريخ والعصور.
بيان كذب الإعلام المعادي مع الأخذ في الاعتبار أن أغلب الإعلام العالمي هو بوق صهيوأمريكي .
( الشعب) بإعلام موثوق ينظمه المنهج القرآني
إظهار جرم الترويج الإشاعي والأرجافي خاصة السائد في وسائل الإعلام المعاصرة.
إبراز الأقلام والكفاءات الإعلامية والتثقيفية على نحو رعوي ودعائي منظم.
س2: في ظل هذا العدوان المستمر على أبناء شعبنا اليمني المسلم.. هل الإعلام اليوم يلعب دور في سير المعركة وتحديد توجهات الرأي العام وامتنا ؟
ج: لا يوجد جسر تواصل أو معرفة لمن لم يكون في خطوط النار وجبهات القتال إلا وسائل الإعلام فإن لم تكن صادقة وناقلة لتفاصيل الأحداث بمهنية وحرفية ومصداقية وموضوعية وتوثيق فإن الفشل حليفه،والمتلقي لاشك يفرز ويميز للوهلة الأولى للنقل بل أصبح مميزاً وعارفاً لمناهل التلقي.
وأصبح هذا المشهد جلياً في تميز إعلامنا الحربي أمام وسائل إعلام العدوان الذي صار مضرب الأمثال في العصر الحديث للكذب .
ونجد بروز المصادر الإعلامية كأداة فاعلة في برمجة الرأي العام وشحذ الهمم ونقل الخبر وتصوير الحدث.
س3: ما هي رسالتكم اليوم في ظل هذا العدوان المستمر إلى وسائل الإعلام والإعلاميين والكتاب ؟
ج: يجب على مؤسسات الإعلام والإعلاميين والكتاب والخطباء والدعاة أن يكونون لسان صدق وقلم حق ويدركون المعنى الجهادي لسلاح الكلمة وقوة القلم وسلطان المنابر الدعوية والإعلامية وأنها رسالة الجهاد ولا يقل دورهم عن دور المقاتل والقائد والرافد والباذل نفسه وماله في سبيل أمته وقضيته وأعظمها إقامة العدالة ، ،والحق ،ونصرة المستضعفين ،وجهاد الظالمين ،والجائرين ،والمعتدين .
س4: برز الكثير من الكتاب ، والإعلاميين الأحرار في ضل هذا العدوان ما واجب وزارة الإعلام تجاههم ؟
ج: لقد أفرزت الأحداث الثورية ، والعدوان على اليمن من قبل قوى الشر الأمريكي ، والصهيوني ، والسعودي ، والإماراتي ومن شايعهم ، وناصرهم وأيدهم ،كُتاباً وأقلاما مبدعة وصادقة خارج المؤسسات الإعلامية ،والصحفية(وسائل التواصل الاجتماعي) وداخلها لم تجد من يحتضنها أو يدعمها أو يبرزها وينشر أفكارها ويتعين على وزارة الإعلام في المقام الأول لعب هذا الدور ومن ثم على مؤسسات الإعلام المجاهد والمقاوم وكذلك العلماء والتربويين .
س5: ما هو دور وسائل الإعلام الحزبية ،ومنظمات المجتمع المدني اليوم في مواجهة التضليل الإعلامي ؟
ج: يجب ويلزم من واقع التكليف الشرعي ، والمنطلق الإيماني ، والواجب الوطني أن يكونوا صوارم قاطعة لإعلام العدوان سواء كانوا ضمن عمل فردي أو عبر منظمات المجتمع المدني أو الحزبي فيواجهون التضليل الإعلامي المعادي وتعريته لا يداهنوا ولا يواربوا ولا يجاملوا فالعدو واحد الوطن المعتدى عليه واحد .فمن التفريط ، والخيانة خرق هذا الميثاق بأي حال من الأحوال .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم / عبدالله احمد يحيى الجنيد