مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبِين، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين. 
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبِين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين. 
أَيُّهَـــــا الإِخْـــــــوَةُ وَالأَخَـــــــوَات:
السَّــــــلَامُ عَلَيْكُـــمْ وَرَحْمَـــــةُ اللَّهِ وَبَـرَكَاتُـــــهُ؛؛؛
    في تطورات العدوان الإسرائيلي الهمجي، الوحشيّ، الإجرامي، الفظيع، على الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة خلال هذا الأسبوع: 
كانت الحصيلة الأسبوعية، للإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بشراكةٍ أمريكية ضد الشعب الفلسطيني: أكثر من (ثلاثة آلاف وخمسمائة) من الشهداء والجرحى، من: الأطفال، والنساء، والنازحين، والساعين للحصول على الغذاء لأنفسهم ولأسرهم وأهليهم، والبعض أيضاً من الصناديق والطرود، التي يُلقى بها على رؤوسهم من الطائرات باسم أنها [مساعدات]، فيلقى بها عليهم من الجو؛ وأدَّت إلى استشهاد البعض من أبناء الشعب الفلسطيني، وثِّقت حالاتٌ منها ونشرت في وسائل الإعلام. 
وهي في واقع الحال خدعةٌ قاتلة، لـ [ذر الرماد في العيون] كما يقولون، في مقابل الضَّجَّة العالمية الكبرى، والاستياء العام في مختلف أنحاء العالم، تجاه جريمة التجويع، التي هي جريمة كبرى، من أبشع، وأفظع، وأسوأ، وأقبح، وأشنع الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة، لمَّا كان لها هذا الصدى الكبير في التضامن مع الشعب الفلسطيني في مختلف أنحاء العالم؛ يحاول العدو الإسرائيلي أن يخادع الجميع، باسم أنه يسمح بإلقاء المساعدات على رؤوس أبناء الشعب الفلسطيني، وفق مخطط مُعَيَّن، مستوى مُعَيَّن، وطريقة مُعَيَّنة، تحدثنا عمَّا فيها من استهداف للشعب الفلسطيني، ومخادعة للشعوب والأمم. 
بحسب الأرقام، لو يتم الاستمرار بهذه الوتيرة، التي هي قائمة في إلقاء ما يُسَمَّى بالمساعدات على رؤوس أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة بشكلٍ مستمر، بنفس هذه الوتيرة التي هي قائمة؛ لَمَا توفَّر منها خلال ثمانية أشهر، إلَّا ما يقابل يوماً واحداً مما يمكن أن يدخل عبر المنافذ وفي البر، ويصل إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة، حيث لا يوجد هناك أي عائق سوى المنع من قِبَل العدو الإسرائيلي، يعني: ليست مسألة إلقاء المساعدات من الجو مسألة ضرورية؛ لأنَّه لا بديل هناك عنها؛ بل بالإمكان بكل يسر إدخال المساعدات بالشاحنات- أصلاً- المتواجدة، والتي فوقها الكثير من المواد الغذائية. 
والعدو الإسرائيلي، مع الضَّجَّة العالمية الكبرى، يترك المجال لإدخال القليل جدًّا منها، مما يحمل مواد غذائية قد انتهت صلاحية استخدامها؛ وبـذلك ينشر الأمراض، هناك عِدَّة أمراض ظهرت في قطاع غَزَّة، هي ناتجة عن استخدام مواد غذائية منتهية الصلاحية؛ لأن العدو الإسرائيلي حجزها في الشاحنات على أبواب المنافذ حتى انتهت صلاحيتها، ثم يسمح بدخول القليل منها، مما له آثار وأضرار على الشعب الفلسطيني. 
ولا يزال هناك شهداء يومياً من التجويع نفسه، في كل يوم هناك إعلان عن ارتقاء المزيد من الشهداء، ولاسيَّما من الأطفال، الذين هم الأكثر تضرُّراً، والأقل تحمُّلاً، ومعاناتهم كبيرةٌ جدًّا؛ نتيجةً للتجويع وسوء التغذية. 
كذلك في مصائد الموت الأمريكية الإسرائيلية، لا تزال تُقَدِّم وجبات القتل باستمرار في كل يوم، وهناك شهادة لـ (منظمة أطباء بلا حدود)، عن الجرائم الكبرى التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ومعه الأمريكي من خلال مصائد الموت تلك، في شهادة (منظمة أطباء بلا حدود)، يقولون: [أُصيب أطفالٌ برصاصاتٍ في صدورهم، أثناء محاولتهم الحصول على الطعام]، عندما يتَّجهون إلى تلك المصائد التي صُمِّمَت- باعتراف أمريكيين- لقتل الشعب الفلسطيني، مع التجويع الشديد، حيث يضطر الكثير إلى الذهاب إليها بهدف الحصول على الغذاء، فإذا ذهبوا وتجمَّعوا هناك، يبدأ العدو الإسرائيلي بارتكاب الجرائم الكبيرة، في استهدافهم أثناء ذهابهم، وأثناء تجمعهم، وما بعد مغادرتهم لتلك المصائد، يستهدفهم في كل المراحل.
[أصيب أطفالٌ برصاصاتٍ في صدورهم]، بكل وحشيَّة وإجرام، يتعمَّد الجنود الصهاينة الاستهداف المباشر، والقنص المتعمَّد للأطفال؛ ولـذلك يصيبونهم بالرصاصات في صدورهم، يعني: إصابات قاتلة عمداً؛ لأنَّهم يحاولون الإبادة للأطفال، والاستئصال للأطفال في قطاع غَزَّة، [وسُحِق الناس، أو اختنقوا، في تدافعٍ]، يعني: أثناء حالة التَّجَمًّع، أثناء التَّجَمُّع للحصول على الغذاء، [وقتلت حشودٌ بأكملها بالرصاص]، العدو الإسرائيلي يستهدف التَّجَمُّعات، أثناء التَّجَمُّع للناس يستهدفهم بشكلٍ مباشر؛ ولـذلك إلى هذا المستوى من الإجرام: الإبادة والقتل لحشود من أبناء الشعب الفلسطيني أثناء تجمُّعهم، فيعمل على قتلهم وإبادتهم، [وقُتلت حشودٌ بأكملها بالرصاص في نقاط التوزيع]. 
ولهول هذه المأساة والجريمة الكبرى من قِبَل العدو الإسرائيلي في التجويع، ومعه الإبادة بالرصاص، والقتل، والقذائف، والغارات الجَّوِّيَّة، والقنابل الأمريكية المدمِّرة والحارقة، هناك أيضاً شهادة من (منظمة الأونروا)، تقول: [أطفال غَزَّة يموتون جوعاً وقصفاً، وتباد عائلاتٌ]، عائلات بأكملها تباد، وفعلاً في السجل الفلسطيني هناك الكثير الكثير من العائلات التي أبيدت بالكامل، وأحياء، وجيلٌ كامل، يعني: العدو الإسرائيلي هو يستهدف جيلاً كاملاً من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة. 
ولهـذا، العنوان والتوصيف العالمي- وفعلاً أصبح توصيفاً عالمياً- لما يرتكبه العدو الإسرائيلي من جرائم ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة، هو: الإبادة الجماعية، مع أنه من الصعب على الغرب، في وسائله الإعلامية، في مؤسساته الرسمية، التي هي خاضعة للصهيونية العالمية، أن يعترف بهذه الحقيقة؛ لكنَّها حقيقة فرضت نفسها، فرضت نفسها حتى في المجتمعات الغربية، وأصبح الكل يتحدثون عن التوصيف للإجرام الإسرائيلي بأنه إبادة جماعية، فهي جريمة هذا العصر، جريمة هذا القرن، جريمةٌ كبرى، مهولة، رهيبة، فظيعة؛ ولهـذا حتى عندما يأتي الحديث عن الأطفال على وجه الخصوص، مع أنَّ ما يفعله العدو الإسرائيلي جرمٌ عظيم، قتله للأطفال، وللكبار، وللصغار، وللشباب، وللمسنين، وللرجال، وللنساء، قتله واستهدافه بكل أنواع الاستهداف لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة، لأبناء الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، ولكن ما يفعله في قطاع غَزَّة هو أكثر من أيِّ مكانٍ آخر، وأسوأ، وأكبر إجراماً، وأفظع إجراماً، هو جريمة تجاه الإنسان كإنسان، سواءً كان طفلاً، كبيراً، صغيراً، شاباً، رجلاً، امرأة، ضد الإنسان كإنسان، استباحة للحياة الإنسانية، انتهاك لحرمة الحياة الإنسانية، ولكن هناك إجماع عالمي على مدى وحشيَّة وإجرام الاستهداف للأطفال. 
في واقع المجتمع البشري بكله، الأطفال يحظون في الأعراف، في الشرع الإلهي، في القوانين، في التقاليد، في كل ما له صلة بأعراف المجتمع البشري وفطرته، ومنطلقاته في الحياة، وواقعه الاجتماعي، أنَّ الأطفال يجب أن يحظوا بالمزيد من الرعاية، من الحماية، من الاهتمام؛ ولـذلك استهداف لهم يُعَبِّر عن: قسوة، إجرام، وحشيَّة، طغيان، انتهاك لكل الحرمات، تجاوزٌ لكل الاعتبارات المتعارف عليها في المجتمع البشري، فالعدو الإسرائيلي متوحِّش، لا يعطي أيَّ اعتبار لأي شيء، لا يمتلك قيماً إنسانية، هو تجرَّد من كلِّ القيم الإنسانية، ولا مشاعر إنسانية، شذَّ عن الفطرة، الفطرة البشرية شذَّ عنها، والحالة التي يجسِّدها الإجرام الإسرائيلي هي شاهدةٌ على أنه قد بلغ إلى حد التَّجَرُّد من كل المشاعر الإنسانية، والقيم الإنسانية الفطرية التي فطر الله الناس عليها، وأنه لا يعترف لا بشرعٍ إلهي، ولا بقيم إنسانية وأخلاقية، ولا بقوانين، ولا بمواثيق، ولا بحقوق، ولا بأعراف؛ لأن استهدافه للأطفال في غَزَّة هو استهداف كبير جدًّا، يعني: واحدٌ من جرائمه الأساسية الممارسة يومياً بتعمُّد، وعلى نحوٍ واسع، وعلى نحوٍ واسع، مسار أساس في مساراته الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني. 
يستهدف العدو الإسرائيلي في قطاع غَزَّة كل أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف فئاتهم، ومن الفئات التي يركِّز عليها في الاستهداف: الاستهداف للإعلاميين، في هذا الأسبوع كان هناك مجزرة متعمَّدة لِسِتَّة من الإعلاميين في خيمتهم، استهداف مقصود لهم، العدو الإسرائيلي استهدفهم، مهَّد ما قبل عملية الاستهداف لهم وما بعدها، وهي جريمة واضحة، وفي بعض الإحصائيات: أنَّ عدد الشهداء من الإعلاميين والصحافيين قد بلغ في قطاع غَزَّة إلى (مائتي وثلاثين شهيد)، أو أكثر، فالعدو الإسرائيلي يركِّز على استهداف الإعلاميين والصحافيين، لماذا؟ لأنَّ العدو الإسرائيلي لا يريد للحقيقة، ولما يفعله من إجرام ضد الشعب الفلسطيني، أن يصل إلى الناس في مختلف أنحاء العالم، لا يريد للعالم أن يطَّلع على الكثير من الحقائق، التي هي حقائق ثابتة، دامغة، ولاسيَّما في هذه المرحلة، عندما أصبح هناك ضَجَّة عالمية كبيرة، واستياء إنساني في المجتمعات البشرية في الكثير منها، ونظرة إلى العدو الإسرائيلي بحقيقته الإجرامية، ككيانٍ مجرمٍ ظالمٍ، وعصبةٍ مجرمةٍ طاغيةٍ مفسدة، بلغت من الإجرام ما لم يبلغه غيرها في كل أنحاء الأرض، هذا أقلق العدو الإسرائيلي. 
العدو الإسرائيلي لم يُبقِ شيئاً من الجرائم بأشكالها وأصنافها، وبأبشع الممارسة لها، إلَّا واستخدمه ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة، كل أشكال وأنواع الجرائم، والأعداء الصهاينة هم مجرمون من جهة، وهم أيضاً متفننون في الممارسة للجرائم، وفي أنواع الجرائم، وفي ابتكار أساليب الاضطهاد، والتعذيب، والظلم، والإجرام؛ ولـذلك عندما نتأمل في أنواع الجرائم التي يرتكبونها ضد الشعب الفلسطيني، وفي أشكالها، وأشكال وأنواع الممارسات الإجرامية؛ ينذهل الإنسان، يُذهل الإنسان، يصاب بالذهول، ويندهش إلى أي مستوى يمكن أن يكونوا قد بلغوه من التَّوَحُّش، والعدوانية، والحقد، هذا يعبِّر عن حقيقتهم، عن نفسياتهم، عن أحقادهم، عن توجُّهاتهم، ويكشف لنا ما هم عليه، وما الذي يريدونه، وما يسعون له؛ لأنهم يعملون ما يعملون لاعتبارين أساسيين: 
-    اعتبار يعود إلى تلك النفسية المتوحِّشة، الهمجية، الإجرامية، الحقودة، التي لديها نظرة ازدراء، وحقد، وتوجُّهات عدوانية إلى أنهى مستوى، ضد أُمَّتِنا وضد شعوبنا. 
-    ومن جهةٍ أخرى: جرائمهم أيضاً لها أهداف، هم يعملون على الإبادة الجماعية؛ لأنهم يريدون أن يقتلوا أكبر قدرٍ ممكن من أبناء الأُمَّة، أن يبيدوا بكل أشكال ووسائل الإبادة أكبر قدر ممكن من الناس في مجتمعاتنا.
هذا من أهدافهم الرئيسية: الإبادة بكل الوسائل والأساليب: عبر الأوبئة، عبر القتل المباشر، والجرائم التي هي من خلال الإبادة الجماعية بالقنابل، بالقذائف، بكل وسائل القتل، وأيضاً بالتجويع والتعطيش، ومنع الرعاية الطبية للجرحى والمرضى... وكل وسائل الإبادة، والتهجير القسري أيضاً مع الإبادة هو هدفٌ من أهدافهم، فلديهم هدف تجاه هذه الأُمَّة، هو: السعي لإبادة أكبر قدر ممكن منها، وتهجير أيضاً أعداد كبيرة منها، والإخضاع والسيطرة على البقية، وقتل من يمكن أيضاً قتلهم بشكلٍ غير مباشر، العدو الإسرائيلي يقتل بقدر ما يمكنه بشكلٍ مباشر، يبيد بكل وسائل الإبادة الجماعية أكبر قدر ممكن يمكنه أن يبيده، ويسعى أيضاً عبر الآخرين، من خلال الفتن التي يهندس لها، ويصنعها، إلى تحقيق مثل هذا الهدف، والإبادة لآخرين... وهكذا. 
ولـذلك فالحصيلة الإجرامية في قطاع غَزَّة، للعدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، حصيلة كبيرة جدًّا، عندما نتأمل المدَّة الزمنية، والنطاق الجغرافي المحدود، وقد بلغت الحصيلة على مدى ستمائة وستة وسبعين يوماً، إلى: (واحد وستين ألفاً وسبعمائة شهيد)، وما يقارب الـ (مائة وأربعة وخمسين ألف جريح)؛ ليبلغ الرقم الإجمالي مع المفقودين: أكثر من (مائتين وخمسة وعشرين ألف وسبعمائة فلسطيني)، والنطاق الجغرافي لقطاع غَزَّة هو نطاق محدود، يعني: في هذا النطاق الجغرافي المحدود، بلغ الإجرام الإسرائيلي بالقتل للناس، للنفس البشرية التي يقول الله عنها: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة:32]، هذا مما خاطب به بني إسرائيل، الذين استبدلوه بافتراء على الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ونصوص أخرى تبيح لهم الإبادة للناس؛ بينما الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" حذَّرهم، وبيَّن لهم عبر رسله وفي كتبه: أنَّ {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة:32]، جريمة رهيبة، مهولة، فظيعة؛ ولكنَّهم بعد ذلك مستمرُّون في إسرافهم، الإسراف هو العنوان لإجرامهم، الإسراف: تجاوز لكل الحدود في الكم والنوع والكيف في مستوى الإجرام، والعياذ بالله! 
أيضاً مع القتل- كما قلنا- بالرصاص، هناك التجويع، التعطيش، منع الخدمة الطبية، والتدمير لها، والتهجير القسري من مناطق إلى أخرى في شمال القطاع، في جنوب القطاع، في مناطق متفرقة من القطاع، تهجير مستمر، في كل مرحلة يعلن العدو الإسرائيلي منطقةً يوصِّفها بأنها حمراء، يجعلها منطقة قتل، ويحدد مناطق يسمِّيها آمنة، ويستهدف تلك المناطق، ثم يستهدف النازحين في المناطق التي سمَّاها آمنة، ثم يهجِّرهم إلى مكانٍ آخر... وهكذا، لا يترك لهم فرصة الاستقرار نهائياً، كأسلوب من أساليبه وممارساته الإجرامية، التي تهدف إلى التضييق الشديد عليهم.
يقول حاخامٌ إسرائيليٌ بارزٌ: [كل طفلٍ في غَزَّة يجب أن يموت جوعاً]، حاخاماتهم هم الذين يمثِّلون المرجعية الدينية والروحية لديهم، وهم بهذا المستوى من الإجرام، يعني: عندما تنظر إلى مجتمع في قادته العسكريين والسياسيين، وفي مرجعياته وزعاماته الدينية والروحية، تجدهم جميعاً- وحتى الطبقة المثقَّفة والمعلِّمة- كلهم في حالة رهيبة جدًّا من النزعة الإجرامية، التي هي بالنسبة لهم فكرٌ، ومعتقدٌ، وثقافةٌ، ونفسيةٌ، معتقداتٌ يؤمنون بها؛ وبالتالي هم الجهة الموجِّهة للمجتمع نفسه، المربِّية لجيله الناشئ، يربُّونهم تربية على الإجرام، يثقِّفونهم به، يجعلون منه- كما قلنا- ثقافةً لهم، ورؤية، ومعتقداً، هذا المستوى من الإجرام حتى لمرجعياتهم وزعاماتهم، التي هي باسم زعامات دينية ومرجعيات روحية ودينية، مجرمون إلى أنهى مستوى، هذه الوحشيَّة والعدوانية ضد مَنْ؟ ضد الأطفال، هكذا يقول: [كل طفل في غَزَّة يجب أن يموت جوعاً]، عنده أنَّ هذا من الواجبات، يعني: يقدِّم هذا كفتوى دينية أيضاً، منطق زعاماتهم السياسية نفس المنطق، منطق نخبهم الثقافية والفكرية نفس المنطق... الكل؛ ولهذا يتباهون بجرائمهم في قطاع غَزَّة. 
مجنَّدات، ويفترض بالمرأة أنها من أكثر الناس عطفاً، ولاسيَّما على الأطفال، المرأة في فطرتها؛ لأنها تكون أُمّاً، فهي أكثر عاطفةً تجاه الأطفال، بينما المجنَّدات الإسرائيليات اليهوديات الصهيونيات، تتباهى الواحدة مِنهُنَّ بأنها قتلت أعداداً كبيرةً من الأطفال بشكلٍ متعمَّد، وأنها كانت تتسلى بقتلهم وإبادتهم، بإطلاق الرصاص عليهم، تختار في ذلك الطفل أن تطلق الرصاص على صدره، والآخر على رأسه، والآخر تبدأ بأطرافه، ثم تكمل... وهكذا، مستوى فظيع جدًّا من الإجرام والتَّوَحُّش!
هذا لا ينفصل عن حقيقة أنَّ هذا العدو هو بهذا الشكل، يعني: لا ننظر إلى جرائمه، إلى أفعاله، إلى تصرفاته، وكأنها تصرفات هناك، ليس لها صلة بما هم عليه، ما هم عليه فكرياً، ثقافياً، حتى في توجُّهاتهم السياسية، في نظرتهم إلى الناس، يجب أن ندرك أنها تجسِّد حقيقة ما هم عليه، فننظر إليهم هم على أنهم بهذا المستوى من التَّوَحُّش، والعدوانية، والإجرام، والحقد؛ وبالتالي هم خطرٌ حقيقيٌ على شعوب أُمَّتِنا عندما تتغافل وتتجاهل حقيقة هذا العدو، وخطورة هذا العدو، الخطر الأكبر على أُمَّتِنا هو في هذا التجاهل والتغافل، وفي التَّقَبُّل لما يحاول البعض من أوليائهم الموالين لهم، المشاركين لهم في إجرامهم بالموالاة لهم، من أن يقدِّموا صورةً إيجابيةً عنهم.
    العــدو الإســرائيلي أيضــاً مستمـرٌ في انتهــاكه لحرمــة المسجــد الأقصـى:
ويجب على أُمَّتِنا وبالذات على كلِّ الجهات التي لها نشاط توجيهي، من: علماء، ومثقفين، ومعلِّمين، وخطباء... وغيرهم، أن يرسِّخوا في أوساط أُمَّتِنا قدسية المسجد الأقصى، أن تبقى هذه القدسية راسخة، وما تعنيه لنا مقدَّساتنا الإسلامية، وعن خطورة التفريط بها؛ لأن من الأشياء المؤسفة في واقع أُمَّتِنا الإسلامية، وشعوبها بشكلٍ عام، هو: أنَّ اليهود أثَّروا عليها بسياسة الترويض، إضافةً إلى أنَّ هناك إغفال في النشاط التوجيهي والتعليمي والتثقيفي لكثير من المسائل المهمة، والعدو- في نفس الوقت- يشتغل في اتِّجاهٍ معاكس؛ لنزع ارتباط الأُمَّة، وفصل ارتباط الأُمَّة بكل ما هو مهمٌ لها من مبادئ إسلامية، المبادئ الأكثر أهميةً لِلأُمَّة؛ يفصل الأُمَّة عنها، وكذلك القيم الأكثر أهميةً لِلأُمَّة؛ يفصل الأُمَّة عنها، ويقدِّم النقيض والبديل، الذي له أثره المختلف تماماً في واقع الأُمَّة. 
ففي واقع الأُمَّة وفي داخلها الجهات الموجِّهة لِلأُمَّة، وبسياساتٍ رسمية من الحكام والحكومات، تضيع، وتشطب، وتسكت عن الأشياء المهمة من مبادئ، من قيم، من تعليمات، من كل ما يساهم في نهضة أُمَّتِنا، ووعيها، وبصيرتها، وشعورها بالمسؤولية، وتأهيلها تربوياً، وأخلاقياً، ومعرفياً للقيام بدورها، ومن جهة العدو له شغل مناقض، وبديل، يترك الأثر السيء جدًّا في نفسية الأُمَّة. 
فقدسيَّة المسجد الأقصى من أهم ما ينبغي التركيز عليه في واقع الأُمَّة، وعلاقة الأُمَّة بالمقدَّسات، وخطورة التفريط بالمقدَّسات، وما تعني لها هذه المعالم الإلهية، التي لها أهميةٌ كبرى في ارتباطها الديني، وفي تماسكها الديني والمعتقدي، على مستوى العقيدة والإيمان، وفي صلتها بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى". 
الأعداء الصهاينة يستمرُّون في الاقتحامات، في مساعي التهويد، يركِّزون على رفع الأعلام الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى، بل وصل الحال إلى رفع علم اليهود الصهاينة على صحن مسجد قبة الصخرة. 
العدو الإسرائيلي أيضاً يستمر على إجبار المقدسيين من أبناء الشعب الفلسطيني بهدم منازلهم، وتكرَّر هذا في خلال هذا الأسبوع. 
    فيمـــا يتعلَّـق أيضـــاً بالاعتـــداءات في الضِّفَّـــة الغربيــــة: 
-    العدو الإسرائيلي مستمر فيما فعله بالمخيَّمات الكبرى: (في مخيَّم جنين، في مخيَّم طولكرم، ونور شمس)، عملية التهجير مستمرَّة للأهالي من هذه المخيَّمات الكبرى، التدمير، النسف، التغيير لمعالمها.
-    وكذلك مستمرٌ في التهجير القسري للأهالي في أنحاء متفرقة من الضِّفَّة الغربية، مع كل أشكال الاعتداءات عليهم، وعلى ممتلكاتهم، وعلى مواشيهم، وفي هذا الأسبوع أكثر من (واحد وستين) عملية تدمير ممتلكات، إحدى وستين عملية لتدمير الممتلكات خلال هذا الأسبوع في الضِّفَّة الغربية، وأكثر من (مائة وسبعين) عملية مداهمة. 
فالعدو الإسرائيلي في حالة استهداف مستمر للشعب الفلسطيني في الضِّفَّة الغربية، ينشئ المزيد من البؤر الاستيطانية على أراضٍ مغتصبة، والتقط المجرم الذي يسمُّونه بوزير المالية الإسرائيلي التقط صورةً في إحدى المغتصبات في الضِّفَّة الغربية، قرب جدار مكتوبٌ عليه الشعار الإسرائيلي: [الموت للعرب]، وهذا شعار إسرائيلي منذ بداية الاحتلال الصهيوني اليهودي لفلسطين، وهم يهتفون به في مناسباتهم، في تجمعاتهم، [الموت للعرب]، وتوجُّههم العملي، السياسي، مشروعهم الصهيوني، مخططهم الصهيوني، هو فعلاً لإماتة العرب، الإماتة بالقتل، والإماتة لِلأُمَّة كأُمِّة، لا يبقى لها استقلالها، ولا حُرِّيَّتها، ولا كرامتها، موت لِلأُمَّة، الموت الجماعي ككيانٍ عظيم، وفق ما وهب الله لها من مقومات؛ لتكون أُمَّةً رائدةً في المجتمع البشري، بإسلامها، بقرآنها، بقيمها الإسلامية والعظيمة، بتعاليم الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فيما كان يمكن أن تصل إليه بذلك، وهو الشيء العظيم جدًّا في المجتمع البشري، وهم يريدون لها أن تكون أُمَّةً ذليلة، خانعةً لهم، أن يستعبدوها بالفعل، بكل ما تعنيه كلمة استعباد، وهي حالة أسوأ من الحالة التي كان العرب فيها يعبِّدون أنفسهم للأصنام الحجرية، حينما يعبِّدون أنفسهم للعدو الإسرائيلي، العدو الإسرائيلي هو أسوأ، أقبح، أضل، أفسد من الأصنام الحجرية التي لم تكن لا تنطق، ولا تتكلم ولا شيء. 
قبول الأُمَّة- هذه الأُمَّة التي هي بمئات الملايين- بأن تخنع، وتخضع الخضوع التام للعدو الإسرائيلي، هو عبودية بكل ما تعنيه الكلمة؛ ولهـذا لا يمكن لأي إنسانٍ مؤمن بقي له ذرةٌ من إيمان، ولأي إنسانٍ حُرٍّ بقي له ذرةٌ من إنسانية وشعور بالكرامة الإنسانية، أن يقبل بالعبودية لمن؟! للعدو الإسرائيلي بكل ما هو عليه من لؤم، من حقد، من دناءة، من خسَّة، من إجرام، من توحش، من سوء، ذلك العدو الظلامي، المفسد، المضل، الذي هو امتداد لحركة الشيطان، لعداوة الشيطان، لسوء الشيطان في الأرض، أن يُعِبِّد الإنسان نفسه له، هذه طامة كبرى، يجب على أُمَّتِنا أن تفيق من حقيقة هذا الانحدار الخطير جدًّا في واقعها، والسيء للغاية. 
العدو الإسرائيلي يريد فعلاً أن يميت العرب، هذا الشعار اليهودي الصهيوني له دلالة، ليس مجرَّد كلمات يطلقونها في الهواء، كلمات عبَّرت عن حقدهم، عن رؤيتهم، عن توجُّهاتهم، وممارساتهم كلها قائمةٌ على هذا الأساس، فما الذي يجري في واقعنا نحن كمسلمين في البلاد العربية؟ في البلاد العربية: الكثير من الأنظمة يمنع أن تهتف أنت بمقولة: [الموت لإسرائيل]؛ لتعبِّر عن عدائك لعدوٍ ابتدأك هو بالعداء، والحقد، والظلم، والإجرام، واستهدف أُمَّتك، واستهدف مقدَّساتك، واستهدف دينك، هويتك، يسيء إلى نبيك، إلى قرآنك... إلى كل شيء. 
العدو الإسرائيلي أعلن في هذا الأسبوع عن قراره بالسيطرة على مدينة غَزَّة، وأنَّه يُعِدُّ العِدَّة لذلك:
من الواضح أنَّ العدو الإسرائيلي سعى منذ بداية عدوانه على قطاع غَزَّة، سعى عملياً لاحتلال قطاع غَزَّة؛ ولـذلك لم يكن عدوانه على قطاع غَزَّة عدواناً جوِّياً فحسب، بإلقاء القنابل الأمريكية، والتدمير والنسف الشامل لقطاع غَزَّة، وتدمير كل مقومات الحياة فيه، والإبادة الجماعية بالقنابل والقذائف لسكان القطاع؛ بل مع ذلك: حرَّك عمليات بَرِّيَّة في مسارات متعدِّدة في قطاع غَزَّة، واستمر على هذا الفعل، هو يعمل بخمس فرق عسكرية في قطاع غَزَّة، في عدوان بري، في توغُّلات بَرِّيَّة، في مساعٍ لاحتلال قطاع غَزَّة، واحتل مساحةً كبيرةً في قطاع غَزَّة، ولاسيَّما المناطق التي هي مناطق مكشوفة، مثل: أماكن زراعية، أماكن مكشوفة، يسهل عليه احتلالها، والتَّوَغُّل فيها. 
ولكن الجديد في هذا الإعلان هو: سعي العدو الإسرائيلي للاستهداف لمليون فلسطيني في مدينة غَزَّة؛ لأن تركيزه الآن هو على مدينة غَزَّة، مع أنه سعى لِلتَّوَغُّل في قطاع غَزَّة، واستهدف عِدَّة أحياء منها بتوغُّلاته البرِّيَّة، وفشل في ذلك، هو يحاول بهذا الإعلان، وبما يعدُّ له أيضاً مع هذا الإعلان، أن يستهدف مليون فلسطيني في مدينة غَزَّة، بالتهجير، بالقتل، بالمضايقة، وأن يستهدف ما بقي فيها، وهي نسبة محدودة جدًّا من المساكن، من الأحياء، بالتدمير والنسف الشامل، يعني: هي خطوة تصعيدية في إطار إجرامه المتواصل الفظيع ضد الشعب الفلسطيني. 
لقي هذا الإعلان استنكاراً كبيراً على المستوى العالمي، في التصريحات، والإعلانات، والبيانات، ولكن لا يكفي ذلك، لابدَّ من توجُّهات عملية في الضغط على العدو الإسرائيلي لإيقاف إجرامه وعدوانه. 
المستهدف بشكلٍ رئيسيٍ وأساسيٍ من مثل هذا العدوان، هو: الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، هم المدنيون العُزَّل، هم الأهالي، وهذا واضح في كل قطاع غَزَّة، في شماله، في جنوبه، في وسطه، المتضرر الأكبر، المستهدف الأكبر: المدنيون بشكلٍ عام، العُزَّل من السلاح؛ أمَّا الإخوة المجاهدون فهم يتصدون ببسالة، يقاتلون ببسالة، وعملياتهم الفاعلة والمؤثِّرة على العدو واضحة، وتثبتها الحقائق والوقائع والمشاهد التي تنشر لذلك؛ فالعدو الإسرائيلي: 
-    يسعى إلى تهجير مليون فلسطيني من مدينة غَزَّة.
-    يسعى إلى ارتكاب المزيد من جرائم الإبادة الجماعية.
-    يسعى لتدمير بقايا المساكن في مدينة غَزَّة، وهي جريمة رهيبة جدًّا.
يجب أن يكون هناك توجُّه عام لمنعه من هذه الخطوة.
    فيمـــا يتعلَّـق بالثبـــــات الفلسطينــي: 
يواصل الإخوة المجاهدون في قطاع غَزَّة عملياتهم الجهادية البطولية العظيمة في التَّصَدِّي للعدو الإسرائيلي، ونفَّذت (كتائب القسَّام) في هذه الأيام قرابة (اثني عشرة عملية) متنوعة: 
-    من قنصٍ لجنود العدو.
-    من تدميرٍ لآلياته.
-    من قصفٍ لتحشُّدات العدو في كل محاور القتال.
ونفَّذت (سرايا القدس) أيضاً عمليات متنوعة:
-    منها: القصف بصواريخ (قدس3) لثلاث مغتصبات.
-    ومنها أيضاً: الاستهداف بالقصف لمواقع قيادة وسيطرة للعدو، وكذلك تحشُّدات للعدو، وتوغُّلات في جنوب (مدينة رفح)، وتجمُّعات للجنود الصهاينة شرق (حي التفاح) في مدينة غَزَّة.
هناك عمليات أيضاً للفصائل الأخرى، ومن أجمل ما نشاهده في قطاع غَزَّة: هو مستوى التعاون بين الفصائل المجاهدة في قطاع غَزَّة، والتنسيق، وهذا من أهم عناصر القُوَّة، وهو في إطار أيضاً التوجيهات من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، الذي يقول في كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف:4]، التعاون قُوَّة، تظافر الجهود يعطي ثمرةً عظيمة في أثرها في الواقع. 
    فيمـــا يتعلَّــق بسـوريـــا: 
يستمر العدو الإسرائيلي في كل أشكال اعتداءاته، متجاوزاً للاتِّفاقيات مع الجماعات المسيطرة على سوريا، بالرغم من أنها قبلت والتزمت بإخلاء الجنوب السوري من كل تواجدٍ عسكريٍ لها، الجماعات المسيطرة على سوريا قبلت بذلك: إخلاء الجنوب السوري من كل تواجدٍ عسكريٍ لها، ولكن العدو الإسرائيلي يريد أن يتم إخلاء الجنوب السوري له، له هو، يعني: ليست المسألة أنه يريد فقط أن يبقى خالياً ويتركه، وإنما يريد إخلاءه له؛ ولـذلك يستمر في نشاطه في الجنوب السوري في كل أشكال الاعتداءات، من: 
-    حركة دوريات عسكرية، وكأنه مملوكٌ له، كأن الجنوب السوري أصبح مملوكاً له! دوريات عسكرية مستمرِّة.
-    حواجز في الطرقات، وتفتيش للأهالي.
-    مداهمات للأهالي إلى المنازل.
-    التهجير من بعض الأماكن.
-    الخطف لبعض الأهالي.
كل أشكال الاعتداءات، والانتهاكات، والتجريف، والاستحداثات، وتثبيت المواقع... وغير ذلك، فمساره مسار يتجاوز كل الاتِّفاقيات، وهو يثبت بذلك عملياً أنه لا يريد السَّلام؛ وإنما يريد الاستسلام، يريد من الآخرين الاستسلام، ليست المسألة أنه سيتركهم، ويترك أوطانهم، ويترك ما تحت سيطرتهم لهم، احتراماً وتقديراً؛ لأنهم أثبتوا حسن نواياهم تجاهه، وأثبتوا أنهم لا يعتبرونه عدواً، ولا يريدون أن يعملوا ضده أي شيء؛ لا يُقَدِّر ذلك لأحد إطلاقاً، إطلاقاً. 
العدو الإسرائيلي هو من الأساس أتى إلى منطقتنا بدءاً بفلسطين من أجل أن يحتل، له المخطط الصهيوني الذي سنتحدث عنه أيضاً في سياق الكلام، فهو يستمر في سوريا في: الاقتحامات، والاختطافات، وإقامة الحواجز على الطرقات، وحركة الدوريات العسكرية، والاستباحة التَّامَّة للجنوب السوري، واغتال أيضاً في طريق سوريا إلى لبنان القيادي في الجبهة الشعبية الفلسطينية/ محمد خليل (أبو خليل)، والقائد الميداني/ مفيد حسن حسين، وتم تشييعهما في (مخيَّم اليرموك).
     في لبنــــــان كــذلـك: 
يواصل العدو الإسرائيلي كل انتهاكاته الجسيمة لاتِّفاقه مع الدولة اللبنانية، ذلك الاتِّفاق الذي عليه ضمين هو الأمريكي، والضمين أيضاً الفرنسي، ضمناء دوليون، ومع ذلك لا يعبأ به، ولا يكترث له، ولا يلتزم به، وبالأمس كان ما يُسَمَّى برئيس أركان جيش العدو يتباهى ويفتخر بما يقومون به من انتهاكات جسيمة لذلك الاتِّفاق، بخروقاتهم التي هي انتهاك كامل، عدوان بكل ما تعنيه الكلمة، عدوان على لبنان والشعب اللبناني، فافتخر بأنهم قتلوا من أبناء الشعب اللبناني ما بعد الاتِّفاق هذا: (مائتين وأربعين شهيداً)، وبأنهم أيضاً نفَّذوا (ستمائة غارة جَوِّيَّة)، مستهدفين بها الشعب اللبناني، منها: غارات في الضاحية الجنوبية لبيروت. 
العدو الإسرائيلي استمر في جرائم القتل بالغارات، والقصف المدفعي، والإطلاق يومياً لرشقات رشاشة من المواقع التي يحتلها في جنوب لبنان، يستبيح الأجواء اللبنانية، يستبيح المياه الإقليمية اللبنانية في البحر، يستمر في الاحتلال لتلك المواقع التي احتلها ما بعد عدوانه الأخير على لبنان.
فالعدو الإسرائيلي تباهى بقتل (مائتين وأربعين شهيد لبناني)، فهذا هو الحال بالنسبة للعدو الإسرائيلي، هو في حالة اعتداء مستمر على لبنان؛ ولـذلك كان الشيء الطبيعي، الطبيعي جدًّا، الفطري، وأيضاً في إطار المسؤولية: أن يكون جهد الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها هو السعي لإيقاف العدوان الإسرائيلي؛ لأنه الذي يشكِّل خطراً على لبنان، وهو أيضاً الذي هو في حالة اعتداء مستمر، وإضرار وانتهاك للسيادة اللبنانية بشكلٍ يومي، وبأعداد كبيرة في كل يوم، أنواع الانتهاكات في كل يوم للسيادة اللبنانية، هذا ما كان ينبغي أن تقوم به الدولة اللبنانية، وأن توظِّف لذلك كل الإمكانات، وبالدرجة الأولى أن يكون الموقف اللبناني (رسمياً، وشعبياً، وبكل مكوناته) في هذا الاتِّجاه: منع العدو الإسرائيلي من الاستمرار في اعتدائه على لبنان؛ ولكن ما الذي حدث؟ 
العدو الإسرائيلي يسعى لتجاوز الاتِّفاق وكأنه لم يكن، وفرض ما يريده هو من إملاءات على الحكومة اللبنانية، لمصلحته هو فقط، وليس لمصلحة لبنان، بدعمٍ أمريكي، وشراكة أمريكية معه في الضغوط على الحكومة اللبنانية؛ ولـذلك فإعلان الحكومة اللبنانية خضوعها وتبنِّيها للورقة الأمريكية، المتضمِّنة للإملاءات الإسرائيلية، خيانة للبنان، وتفريط في السيادة اللبنانية، وإساءة إلى الشعب اللبناني بكل ما تعنيه الكلمة، كيف تقبل وبالمكشوف، بالمكشوف وهذه مسألة واضحة، لم تكن في الخفاء والسر، بل كانت مسألةً معلنة، ورقة أمريكية، أتى بها مندوبٌ أمريكيٌ إلى الحكومة اللبنانية، تتضمن إملاءات إسرائيلية، فتقوم الحكومة اللبنانية بالخضوع للأمريكي والإسرائيلي، والتَّبَنِّي لتلك الورقة، ولتلك الإملاءات الإسرائيلية، التي ليست في مصلحة لبنان؛ وإنما هي خطرٌ على لبنان، وتهدف إلى إثارة الفتنة في داخل لبنان، وإلى أن يتحوَّل الدور للحكومة اللبنانية كشرطيٍ للإسرائيلي، للإسرائيلي، ولخدمة الإسرائيلي، وهذا هو الشيء المؤسف!
ولـذلك فالقضية الأساسية في هذا الموضوع: أنه قرارٌ إسرائيليٌ أمريكي، وتبنِّي الحكومة اللبنانية له فضيحةٌ كبيرةٌ لها، ولا يغيِّر من الحقيقة شيئاً، هو ليس بقرارٍ لبنانيٍ، وليس قراراً حُرّاً، ولا مسؤولاً، ما فعلته الحكومة اللبنانية هو تبنٍّ لقرارٍ أمريكيٍ إسرائيلي؛ ولـذلك لا ننتقل إلى التوصيف إلى أنه قرار لبناني، ليس قراراً لبنانياً، ولا قراراً حُرّاً، ولا مسؤولاً، هو تبنٍّ فقط لإملاءاتٍ إسرائيلية، فيجب النظر إليه دائماً على أنه قرار إسرائيلي أمريكي؛ وبالتـالي لا يجوز أبداً الخنوع لهذا القرار الإسرائيلي الأمريكي، لمجرَّد أنَّ الحكومة اللبنانية تبنَّته بِحُجَّة الضغوط، الضغوط ليست حُجَّةً لها، كان بإمكانها ألَّا تنضغط. 
لماذا تعاني الحكومات العربية- بشكلٍ عام- من هذا الضعف المخزي؟ هي سريعة الانضغاط لأي ضغوط أمريكية، لأي ضغوط أمريكية وإسرائيلية، سريعة الانضغاط، وكأنها كما في المثل الشعبي: [اغصبني وأنا أطيع]، يعني: جاهزة، جاهزة لِلتَّذَرُّع بالضغوط الأمريكية والإسرائيلية، لتبنِّي ما يريده الأمريكي والإسرائيلي، مما هو خطرٌ على شعوبها، وعلى أوطانها، وعلى حاضرها، وعلى مستقبلها، ومما له أخطار كبيرة عليها. 
المصالح الأمريكية هي في المقابل شرٌّ على أُمَّتِنا، ليس هناك مصالح مشتركة مع الإسرائيلي، المصالح الإسرائيلية هي مصالح خالصة للإسرائيلي، فيما هو ضرٌّ، وشرٌّ، وعدوانٌ على شعوبنا، وعلى بلداننا، هذه حقيقة ثابتة. 
لماذا يريد العدو تجريد لبنان من السلاح الوحيد الذي يحمي لبنان؟ 
لأنه من المعروف والمقطوع به، والواضح لكل الناس، أنَّ الجيش اللبناني لن يحمي لبنان في مواجهة العدو الإسرائيلي، هذا ما لا يكون؛ لاعتبارات واضحة، لن يصدر أي قرار سياسي في لبنان من الجهات الرسمية في لبنان بالمواجهة للعدو الإسرائيلي، والواقع يثبت ذلك، كل هذه العقود من الزمن، المسألة أكثر من أربعين عاماً، في كلها والعدو الإسرائيلي أصلاً هو في حالة اعتداء واستهداف للبنان، واحتلال لأراضٍ لبنانية، ومنها: مزارع شبعا، وسابقاً وصل إلى بيروت، وما بعد ذلك في كل محطات التحرير، التي كانت- بفضل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"- على أيدي المجاهدين والمقاومة اللبنانية، ففي كل هذه المراحل، وما بعدها بالأولى، يعني: الوضع من الآن فصاعداً من الواضح أنَّ الجيش اللبناني هو أبعد ما سيكون عن أن يوجَّه له قرار، أو أن يصدر له قرارٌ سياسيٌ رسميٌ بالمواجهة لإسرائيل، لم يواجه مضى، ولم يصدر له قرارٌ في ما مضى في ظروف أفضل من هذه بكثير، فالآن الحالة أبعد، وكذلك على مستوى التسليح، على مستوى القدرات...
من المصلحة للبنان أن التجربة في المقاومة، والتي هي حقٌّ مشروعٌ في نفس الوقت، حقٌّ مشروع بكل ما تعنيه الكلمة، وتجربة ناجحة، أثبتت نجاحها على مدى أربعين عاماً، من الخير للبنان أن تحظى هذه المقاومة بالاحتضان الرسمي والشعبي، عنصر قُوَّة وحيد للبنان، في أن تحظى أيضاً بالحماية والاحتضان الرسمي والشعبي، لا أن تحارب من قوى ومكونات موالية للعدو الإسرائيلي، ثم تكون التَّوَجُّهات الرسمية خاضعة للعدو الإسرائيلي، وملبية لإملاءاته، هذا شيءٌ مخزٍ بكل ما تعنيه الكلمة. 
العدو الإسرائيلي يسعى لتجريد لبنان من سلاحه الذي يحميه، وهو سلاح المقاومة؛ لأنه يريد أن تبقى لبنان مستباحةً له، وأن يتخلَّص من العائق الذي مثَّل عائقاً حقيقياً فعلياً، تثبت الحقائق ذلك على مدى أربعين عاماً، عائقاً أمامه عن ذلك: عن الاستباحة للبنان، والسيطرة على ما يريده في لبنان.
المشكلة- يا شعوب أُمَّتِنا، ويا أيُّها الشعب اللبناني- ليست هي سلاح المقاومة، وسلاح الأحرار من أبناء الأُمَّة، هذا سلاحٌ يحميكم، يدافع عنكم، عن حُرِّيَّتِكُم، عن شرفكم، عن استقلالكم، عن كرامتكم، عن هويتكم، في مواجهة أسوأ، وأقبح، وأظلم عدو لكم، وهو العدو الإسرائيلي. 
المشكلة على أُمَّتِنا هي في السلاح الذي بيد العدو الإسرائيلي، الذي يقتل الأطفال، يبيد المدنيين، يدمِّر منازلكم، يستهدفكم، هو سلاح لقتلكم، لإبادتكم، لقتل أطفالكم، لقتل نسائكم، لاحتلال أوطانكم، لنهب ثرواتكم، لإخضاعكم، لمصادرة حُرِّيَّتِكُم واستقلالكم، لاستباحتكم في كل شيء: في الدم، والعرض، والأرض، والمال، والمقدَّسات... وكل شيء.
ولـذلك ينبغي أن يكون الموقف العام على مستوى شعوب أُمَّتِنا، وعلى المستوى الرسمي في بلداننا، هو تجاه السلاح الإسرائيلي، والتسليح للعدو الإسرائيلي، وأن نصرخ في وجه كل الدول التي تزوِّد العدو الإسرائيلي بالسلاح؛ لأنها تزوِّده بالسلاح لقتل الأطفال والنساء، وارتكاب أبشع الجرائم، وفعلاً هذا له أثر، يعني: هناك بعض الدول الغربية هي من أكثر الدول دعماً للعدو الإسرائيلي بالسلاح، مع الضَّجَّة القائمة تجاه الجرائم الإسرائيلية في قطاع غَزَّة، البعض منها، ومنها ألمانيا- وهي من أكبر الداعمين بالسلاح للعدو الإسرائيلي- أعلنت عن تعليق إمدادها بالسلاح للعدو الإسرائيلي الذي يمكن أن يستخدمه في قطاع غَزَّة إلى إشعارٍ آخر، وهناك غير ألمانيا أيضاً: بعض البلدان الأوروبية، كيف لو كانت الضَّجَّة كبيرة في واقع أُمَّتِنا رسمياً وشعبياً، ومعها قرارات، ومعها سياسات على المستوى السياسي والاقتصادي؟ لكان هناك- فعلاً- ضغوط على المجتمعات الغربية في منع التسليح للعدو الإسرائيلي. 
يجب أن يكون الحديث في أوساط أُمَّتِنا بكلها (رسمياً، وشعبياً)، وأن يمتد هذا الصوت إلى بقية الشعوب والأمم في أنحاء الأرض، إلى أنَّ العدو الإسرائيلي من لا ينبغي أن يمتلك السلاح، امتلاكه للسلاح خطر على المجتمعات البشرية، خطر على الأطفال، خطر على النساء، خطر على المدنيين العُزَّل من السلاح، خطرٌ في كل شيء، سببٌ لإثارة المشاكل العالمية، خطر على الأمن والاستقرار العالمي والإقليمي، هذه هي الحقيقة الواضحة، الثابتة، فلماذا يتبنَّى البعض المنطق الإسرائيلي، والموقف الإسرائيلي، والإملاءات الإسرائيلية، ثم تتحوَّل المسألة بعبارات ثانية؟! 
والشيء الظريف، والذي لحظناه بالأمس فيما يتعلَّق بالحكومة اللبنانية: أنها تُظهر الحساسية حتى تجاه عبارات التضامن مع لبنان، والمواقف التي هي عبارة عن تضامن مع لبنان ضد العدو الإسرائيلي، فنسمع منطق: [لا تتدخَّلوا في الشؤون اللبنانية، ولن نقبل لكم أن تتدخَّلوا في الشؤون اللبنانية]، إنهم يسمُّون كل أشكال المساندة للبنان عسكرياً، أو سياسياً... أو بأي شكلٍ من الأشكال، يسمُّون ذلك إذا كان من قِبَل مسلم، بلد مسلم، دولة مسلمة، يسمُّونه بماذا؟ [بِالتَّدَخُّل في الشؤون اللبنانية]، ثم يردُّون بنبرة عالية، وصوت مرتفع وجريء؛ ولكنَّنا نراهم في حالة خضوع مخزٍ، ومسيء، وحالة ذلة بكل ما تعنيه الكلمة، في مقابل ما يفعله العدو الإسرائيلي من جرائم، وانتهاكات، واعتداءات على السيادة اللبنانية، وأكثر من تدخُّل، ما يفعله الأمريكي والإسرائيلي في لبنان أكثر من مسألة تدخُّل: احتلال، انتهاك، قتل، استباحة تامَّة للسيادة اللبنانية، فلا نسمع هذا المنطق الذي يوجِّهونه تجاه هذه الدولة الإسلامية أو تلك، حينما تعبِّر عن تضامنها مع لبنان، هذا لؤم، هذا لؤمٌ من الحكومة اللبنانية، ومن بعض المسؤولين فيها، إنهم يظهرون لؤمهم حتى تجاه حزب الله، تجاه المقاومة اللبنانية، تجاه الشعب اللبناني، من اللؤم أن تتبنَّى المنطق الإسرائيلي، والإملاءات الإسرائيلية، وأن تخضع لها بكل ذل، ثم تواجه أي عبارات أو مواقف للتضامن مع بلدك، وكأنك سياديٌ؛ لست سيادياً يا من تخضع للإملاءات الإسرائيلية وتتبناها ضد شعبك، وضد أحرار شعبك، لست سيادياً. 
السعي لتجريد بلداننا وشعوبنا من السلاح، وبالذات السلاح الذي يحميها من الخطر الإسرائيلي، من الاستباحة الإسرائيلية، من السيطرة الإسرائيلية، هو ركنٌ من أركان المخطط الصهيوني الذي يستهدف أُمَّتِنا. 
العدو الإسرائيلي ومعه الأمريكي، يسعى لتجريد أُمَّتِنا من كل عناصر القُوَّة، ومنها: السلاح الذي يحميها ضده، لا بأس عند الإسرائيلي والأمريكيين أن يقتني البعض من أُمَّتِنا السلاح، ولكن في مناطق مُعَيَّنة، وعلى أساس أن يكون فيما يخدم العدو الإسرائيلي والأمريكي: 
-    لقتال من يعادي أمريكا وإسرائيل، من يسعى لحماية أُمَّتِنا من العدو الإسرائيلي والأمريكي، من يقف عائقاً بوجه السيطرة الإسرائيلية على أُمَّتِنا وشعوبها وبلدانها.
-    وأيضاً من يسعى لإثارة الفتن تحت العناوين الطائفية، والمناطقية... وغيرها من أنواع الفتن، التي يهندس لها العدو الإسرائيلي والأمريكي، ويستثمر فيها اليهود الصهاينة، ويستفيدون منها، وبالمقدار والمستوى المُعَيَّن لأداء هذه المهمة؛ لأنها مهمة تخدم إسرائيل، وإلى أجلٍ مسمى، إلى أن تكتمل المهمة، بعد اكتمال المهمة يختلف الحال، يختلف الأسلوب الإسرائيلي والتعامل الإسرائيلي.
ولـذلك المغفلون، والحاقدون، والعملاء، الذين يصوِّرون للناس أنَّ المشكلة هي في سلاح هذه الأُمَّة الذي يحميها، السلاح الذي بيد أحرارها، بيد شرفائها، الأوفياء لها، لدينها، الذين هم سياديون حقيقيون، يحمون الأوطان، يقفون بوجه المعتدي، ليست هذه هي المشكلة، المشكلة هي في السلاح الإسرائيلي، وفي تجريد هذه الأُمَّة من السلاح الذي يحميها. 
خضوع الحكومة اللبنانية للأوامر والإملاءات الإسرائيلية والأمريكية، هو لوحده دليلٌ كافٍ، وبرهانٌ قاطع على أنَّ الحكومة اللبنانية لن تحمي لبنان، ولن تحمي اللبنانيين؛ لأنها إذا كانت بهذا المستوى من الخضوع للأمريكي والإسرائيلي، والطاعة للأمريكي والإسرائيلي، والتَّبَنِّي للإملاءات والأوامر الأمريكية والإسرائيلية، يعني: هي تتبنَّى إملاءات العدو، أوامر العدو، فكيف ستحمي شعبها، وأبناء شعبها من ذلك العدو، الذي هو عدوٌ حقيقيٌ للبنان؟! فهي تبرهن بذلك: بالتَّبَنِّي للقرارات والإملاءات الأمريكية الإسرائيلية، أنها لن تحمي شعبها، ولن تحمي اللبنانيين أبداً. 
والأمريكي والإسرائيلي، العدو الصهيوني في كل أذرعته- وهو أخطبوط، أخطبوط له أذرعة متعدِّدة، الأمريكي منها، الإسرائيلي منها، البريطاني منها- هو يسعى إلى أن يتحوَّل الدور الحكومي، دور الحكومات، الجيوش، الأجهزة الأمنية في بلداننا، إلى دور له وظيفة أساسية واحدة، هي: تنفيذ الأوامر والتوجيهات الأمريكية والإسرائيلية، التي تخدم أمريكا وإسرائيل، في مقابل ماذا؟ في مقابل تثبيت السيطرة الأمريكية والإسرائيلية على أُمَّتِنا، وهي سيطرة ينتج عنها: 
-    أن تخسر هذه الأُمَّة حُرِّيَّتها، واستقلالها، ومصالحها الكبرى.
-    وأن تتنفَّذ المؤامرات والخطط التدميرية لهذه الأُمَّة، والمُضِرَّة بها في كل شيء، ضرر خالص على هذه الأُمَّة، وشر مطلق على هذه الأُمَّة، وهذه مسألة واضحة. 
ما هو دور السلطة الفلسطينية الذي تؤدِّيه باسم أنها سلطة فلسطينية في فلسطين؟! أيٌّ منه يمثل مصلحةً وخيراً للشعب الفلسطيني؟ أبرز دور لها هو ما يندرج تحت عنوان (التنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي)، لا تحمي شعبها، لا تدافع عن حقوقه، ولا يمثل تحرُّكها أي شيء فيه خير أو مصلحة واضحة للشعب الفلسطيني، لكنها تتعاون بفاعلية- فاعلية ملموسة واضحة- مع العدو الإسرائيلي، ضد أحرار الشعب الفلسطيني، وكم هناك من المظلومين من أبناء الشعب الفلسطيني، ممن تعاونت السلطة الفلسطينية مع العدو الإسرائيلي في قتلهم، أو في اختطافهم، أو في الاستهداف لهم بأي شكلٍ من الأشكال! 
وهذا هو الدور الذي تريده إسرائيل، وتريده أمريكا، من كل حكومات المنطقة، من كل جيوشها، من كل أجهزتها الأمنية: أن تكون أداةً بيد الصهيونية، بيد أمريكا، وبيد إسرائيل، ضد شعوبها، وأن يكون هذا الدور الوظيفي هو الأساس لها، وهذه كارثة، وهذا أكثر من مسألة استسلام، أكثر من مسألة استسلام: خيانة لشعوب هذه الأُمَّة، وظلم لها. 
لا يختلف الحال عن الحكومات التي كان ينشئها الاستعمار أثناء احتلاله في الحقبة الاستعمارية الماضية، في شكلها الماضي لبلدان أُمَّتِنا، فيقيمون حكومةً محليَّة، تؤدِّي هذا الدور، وانظروا، انظروا- مثلاً- إلى جريمة قتل الشهيد/ عز الدين القسَّام، من الذي ذهب لقتله والهجوم عليه، مع ثلَّته المؤمنة المجاهدة التي كانت معه، مع رفاقه الشهداء والمجاهدين؟! عدد منهم ممن هم من الشرطة المحلية، يعني: من البوليس المحلي، يعني: من فلسطين، من فلسطين، يعني: من العرب، كان هناك متجنِّدون مع البريطاني، جنودٌ معهم، باسم أنهم شرطة محلية عربية، وذهبوا هم، والعدد منهم أكثر من عدد البريطانيين الذين ذهبوا لقتله، وشاركوا في قتله، بل حتى فيما يذكره التاريخ عن الاشتباكات، أنه كان حريصاً مع رفاقه كيف يتجنَّب الإصابة لهم، واستفاد البريطاني منهم لهذا الاعتبار نفسه، في تسهيل مهمة قتل الشهيد/ عز الدين القسَّام. 
فالأمريكي والإسرائيلي يريد أن يحوِّل الحكومات، الجيوش، الأجهزة الأمنية، ومعها أيضاً من ينشط معها من أحزاب، من نخب، من أبواق إعلامية، من أقلام مسمومة، تُسَطِّر الأباطيل في الدعاية لخدمة العدو الإسرائيلي، والاستهداف لكل من يقف بوجه العدو الإسرائيلي، يريد أن يستخدم الجميع كأداة ضد شعوبهم، ضد أوطانهم، ضد أمتهم وبلدانهم. 
الانسياق وراء المخطط الصهيوني هو كارثة؛ لأن كل هذه تفاصيل في إطار المخطط:
-    نزع السلاح لإزاحة العوائق من أيدي المقاومة والأحرار. 
-    السعي أيضاً لترسيخ القبول شعبياً ورسمياً بمسألة تنفيذ المؤامرات، والخطط، والإملاءات الأمريكية والإسرائيلية، أن تكون مسألة مقبولة، يعني: أن يتقبَّل اللبنانيون المسألة؛ لأنها أمر أمريكي، ومطلب إسرائيلي، ولابدَّ من تنفيذه، لا يجوز مخالفته! تتحوَّل هذه المسألة إلى مسألة مقبولة في أوساط الشعوب، وفي أوساط الجميع: النخب، الجهات الرسمية.
هذا جزءٌ من المخطط الصهيوني نفسه، الانسياق وراء المخطط الصهيوني كارثة، كارثة رهيبة على الناس، على شعوبنا، كارثة عليهم في الدين والدنيا، وخسارة مطلقة، شاملة، فظيعة، رهيبة، كبيرة، لا يمكن أن يقبل بها إنسانٌ بقي له وعيٌ إنساني، إنسان يتعقَّل، يفهم، إلَّا من يتحوَّل إلى إنسان متبلِّد، أشبه بالحيوان، أشبه بالأنعام، يرضى على نفسه بكل هذه الخسارة، خسارة ماذا؟ خسارة الحُرِّيَّة، الشرف، الكرامة، الاستقلال، الخسارة لإنسانيتك حتى، حتى للجانب الإنساني للإنسان، القبول بالاستعباد، والذل، والهوان، والخزي، وأن يخسر الناس دينهم ودنياهم، هذا ما لا ينبغي القبول به إطلاقاً. 
في هذا الأسبوع أيضاً كان هناك تصريحات للمجرم (نتنياهو)، في مقابلةٍ له مع (قناة 24)، قناة صهيونية إسرائيلية، وسألوه عن إيمانه بالمخطط الصهيوني والمشروع الصهيوني [إسرائيل الكبرى]، وأكَّد ذلك، أكَّد ذلك، والمسألة واضحة من جانب الأمريكي، من جانب الإسرائيلي، من جانب كبار المجرمين الصهاينة، مسألة واضحة ومعلنة، مع ذلك ليس هناك أي زعيم عربي، في البلدان العربية التي تظهر نفسها كبيرةً وقائدةً لهذه الأُمَّة، يجرؤ على أن يرد عليه، مع أنه استهداف لكل الأُمَّة، هل يجرؤ مثلاً زعيم مصر، أو زعيم السعودية، أن يعلن الرد القاسي القوي، الذي تحته موقف فعلي على كلام (نتنياهو)، وهو استهانة بكل هذه الأُمَّة، حتى بلبنان، وحتى بالأردن، حتى بسوريا، حتى بالعراق، مع ذلك يجرؤ ويجاهر، وفعلاً هم يتحرَّكون على هذا الأساس، والمسألة واضحة في ثقافتهم، في سياساتهم، في كل أمورهم. 
الانسياق وراء المخطط الصهيوني الذي عنوانه: [تغيير الشرق الأوسط] ارتداد كبير حتى عن القيم الإنسانية، حتى عن تعاليم الإسلام، قبول بالعبودية والخنوع لأسوأ، وأجرم، وأفسد، وأقبح عدو، سبب لخسارة الدنيا والآخرة ممن يقبلون بذلك، وهنا يتَّضح أيضاً عظمة، وأهمية، وضرورة، وقيمة الموقف الصحيح، والاتِّجاه الصحيح، الذي هو يقابل كل تلك المفردات، الذي هو حُرِّيَّة، شرف، كرامة، عِزَّة، رشد، حكمة، صواب، دين، إيمان، تقوى، جهاد، حينما يتَّجه الناس على أساس تعاليم الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ووفق ما تمليه حتى الفطرة الإنسانية، في مواجهة هذا المخطط الصهيوني، الذي عنوانه: [الشرق الأوسط الجديد]، ومضمونه: المخطط الصهيوني لتنفيذ المشروع الإسرائيلي، الذي يهدف إلى إنشاء وإقامة [إسرائيل الكبرى]، في مقابل ماذا؟ الأُمَّة التي تُفَكَّك وتصغر، أُمَّة تتحوَّل إلى أُمَّة صاغرة، ذليلة، (الأُمَّة العربية) صاغرة، ذليلة، مهانة، مداسة بأقدام اليهود وأحذيتهم، خانعة لهم، خاضعة لهم بالمطلق، مستباحة لهم في: دمها، وعرضها، وشرفها، وكرامتها، مستباحة لهم في أوطانها وثرواتها، في مقدَّساتها، وفي هويتها... في كل شيء. 
كفى بالجرائم اليومية، التي ينفِّذها العدو الإسرائيلي بشراكة أمريكية ضد الشعب الفلسطيني، دليلاً وبرهاناً في أن يكون لدى أُمَّتِنا صورة واضحة عن حقيقة العدو الإسرائيلي، إضافةً إلى ما ورد في القرآن الكريم، لماذا تتنكَّر أُمَّتِنا، وعلماؤها من علماء الدين، ومثقفوها، ونخبها، لكل ما ذكره الله من الحقائق في القرآن الكريم عن أولئك الأعداء، عن فريق الشر، والغدر، والكفر، والإجرام، والظلم، والحقد، والعداوة من أهل الكتاب، عن اليهود بكل ما هم عليه من إجرام؟ والقرآن مليءٌ بالحديث عنهم، في: (سورة البقرة، وآل عمران، وسورة النساء، وسورة التوبة...) وسور كثيرة في القرآن الكريم، في (سورة المائدة)، في كثيرٍ من سور القرآن، في كثيرٍ من آياته، تنكُّر تام لكل تلك الحقائق في كتاب الله تعالى، وتعامٍ عن حقائق محسوسة، مشاهدة، أبصرها العالم، ملأت سمع الدنيا وبصرها، وتجاهل لما عليه اليهود في معتقداتهم، في ثقافتهم. 
كان لدي هنا الكثير من النصوص والأقوال، التي يعبِّرون بها عن حقدهم، عن معتقدهم، عن نظرتهم إلى أُمَّتِنا، إلى العالم، إلى مختلف الشعوب والأمم من غيرهم، ولكن لضيق الوقت لا يتسع لي إلَّا الحديث عن القليل منها.
ممـا يقولونــه في نصـوصهــم تـلك: 
    يقولون لعنهم الله وأخزاهم: [يجب على كلِّ يهوديٍ أن يبذل جهده لمنع استملاك باقي الأمم في الأرض، لتبقى السلطة لليهود وحدهم، وقبل أن يحكم اليهود نهائياً على باقي الأمم، يلزم أن تقوم الحرب على قدمٍ وساق، ويهلك ثلثا العالم، ويبقى اليهود مدة سبع سنوات يحرقون الأسلحة التي غنموها بعد الحرب]. 
    يقولون عن غيرهم من الشعوب والأمم، وفي المقدِّمة (العرب)، ممن يسمُّونهم بالأغيار: [أنهم خنازير نجسة، وأنَّ الكلاب أفضل منهم، وأنهم خُلِقُوا على هيئة إنسان؛ ليكونوا لائقين بخدمة اليهود، الذين يزعمون أنَّ الدنيا خُلِقَت من أجلهم، وأنه لا قرابة بين الأغيار]، يعني: الشعوب الأخرى من غيرهم؛ [لأنهم أشبه بالحمير، وبيوت باقي الأمم نظير حظائر وزرائب للحيوانات].
من ينظر إليك هذه النظرة، وهي بالنسبة له معتقد، وفي نفس الوقت استراتيجية يبني عليها سياساته، يبني عليها موقفه منك، تعامله معك، علاقته بك، كيف تنظر أنت في المقابل نظرة إليه محترمة، وتقبل بأن تخضع له؟! هذه كارثة، كارثة! 
انظروا إلى كيفية علاقتنا الإيمانية بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، نؤمن بأن الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هو ربنا، ربوبيته قائمة على أساس التكريم لنا، {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}[الإسراء:70]، هكذا يقول: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}[الإسراء:70]، كرَّمنا في خلقنا، في صورتنا، في نعمه علينا، في هديه لنا، في تعاليمه القيِّمة لنا؛ أمَّا أولئك فهي كارثة، طامة كبرى بحقدهم، بنظرتهم. 
الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" كيف يقابل إيمان الإنسان به؟ يقابله بالمحبة لك، {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة:54] بالمحبة، بالرحمة، بالتكريم، بالجزاء العظيم، يشرِّفك، يكرِّمك في الدنيا والآخرة، في الجنَّة من أعظم ما يجازي الله به عباده المؤمنين، ويقابل به عملهم الصالح، الذي كان لهم هم، ولمصلحتهم هم، وهو غنيٌ عن كل ما عملوا، يقابله بالتكريم العظيم، بالتكريم العظيم؛ أمَّا أولئك فكارثة. 
    يقولون: [اقتل الصالح من غير اليهود]، والصالح عندهم بمعاييرهم هم، يعني: الخانع لهم، الخاضع لهم، الذي يعمل لخدمتهم، يستحق القتل، وعندهم يستحق القتل؛ إنما ليكمل مهمته أولاً، [ومحرمٌ على اليهود أن ينقذ أحداً من الأغيار من هلاك، أو يخرجه من حفرةٍ يقع فيها، بل عليه أن يَسُدّها بحجر].
هكذا هم، فكيف يتبنَّى البعض تلبية مطالبهم، والالتزام بأوامرهم، والخدمة لهم في أوساط أُمَّتِنا؟!
    فيمـــا يتعلَّـق بالمظاهــرات الداعمـــة والمسانـــدة لغَــــزَّة: 
-    كان هناك تحرُّك في خمسة بلدان عربية وإسلامية، يتصدَّرها اليمن، ويتصدَّر كل النشاط الشعبي وكل المظاهرات والمسيرات عالمياً.
-    مظاهرات في سبعة عشر بلداً من بلدان العالم، منها: في بريطانيا، واعتقلت بريطانيا- بريطانيا الحضارة والتَّقَدُّم، بريطانيا وحقوق الإنسان- اعتقلت مُسِنّاً مقعداً أعمى؛ لتضامنه مع فلسطين، يعني: لم تُقَدِّر له وضعيته الإنسانية. 
هناك من المواقف الإيجابية: أخبار وتقارير عن توجُّه صندوق الثروة السيادي النرويجي لوقف استثماراته في كيان العدو؛ بسبب العدوان على غَزَّة، هذه خطوة إيجابية، يعني: خطوة في المقاطعة الاقتصادية، وما الذي يقابلها عند العرب؟! 
انظروا إلى هذه المفارقات العجيبة، المحزنة، المؤسفة: 
-    صندوق الثروة السيادية النرويجية يتَّخذ قراراً بإيقاف استثماراته مع العدو الإسرائيلي، ويقاطع العدو الإسرائيلي اقتصادياً؛ مصر العربية تتَّجه لعقد أكبر صفقة في تاريخها مع العدو الإسرائيلي في الغاز! هذه قصة عجيبة جدًّا. 
-    النظام السعودي يُحَرِّك سفينته [بحري ينبع] لتنقل السلاح للعدو الإسرائيلي؛ وهناك أنظمة حتى أوروبية تُعَلِّق صادراتها من السلاح للعدو الإسرائيلي، بل في أحد الموانئ الإيطالية يحتج العمال على السفينة السعودية التي أرادت أن ترسو في مينائهم، وصعدوا فوقها، ووثَّقوا الشحنة التي عليها من الأسلحة التي تنقل للعدو الإسرائيلي، ومنعوا استقرارها في رسوِّها في ذلك الميناء؛ احتجاجاً على أنها تنقل السلاح لقتل الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة، لقتل أطفاله ونسائه، لارتكاب تلك الجرائم الوحشيَّة، في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. 
ماذا دهى العرب؟! ماذا دهى هذه الحكومات التي هبطت إلى هذه الدرجة، تُعين العدو الإسرائيلي، عدوها، عدو نبيها، عدو إسلامها، عدو شعوبها؟! فيما هناك أنظمة أخرى، بلدان أخرى، على الأقل باعتبار المصلحة السياسية، أو لاعتبارات إنسانية، تتحرَّج وتتَّخذ قرارات بوقف مستوى من التعاون؛ تقوم الأنظمة العربية بما هو أكثر منه، هذه مفارقات عجيبة! 
-    (مجموعة لاهاي) مجموعة من الحكومات والأنظمة، على رأسها مَنْ؟ جنوب أفريقيا، وكولومبيا، بلدان غير مسلمة، لكن بالدافع الإنساني، نظَّمت نفسها كمجموعة تتَّخذ قرارات عملية بالمقاطعة للعدو الإسرائيلي، وبمسارات مساندة للشعب الفلسطيني على المستوى القانوني، والسياسي، والدبلوماسي، وأنشطة ومواقف عملية مع مقاطعة اقتصادية، أين الجامعة العربية من أن تكون في مثل هذا المستوى من الموقف المتقدِّم؟! 
هناك مشكلة في واقعنا العربي، هناك مشكلة واضحة في السياسات الرسمية العربية، قرارات بالمساندة للعدو الإسرائيلي، بالشراكة، بالدعم، جريمة رهيبة جدًّا، النقل للسلاح للعدو الإسرائيلي الذي يقتل به أبناء الشعب الفلسطيني، والشعب اللبناني، والشعب السوري، ويستهدف به هذه الأُمَّة، جريمة رهيبة، مشاركة في الإجرام، وخيانة لِلأُمَّة، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جدًّا، فوارق في المواقف! 
    فيمـــا يتعلَّـق بجبهـــة الإسنــــاد مـن يمـن الإيمــان والحكمـــة، في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس): 
عمليـــات هذا الأسبــوع استهـــدفت: 
-    أهدافاً تابعةً للعدو الإسرائيلي في: (يافا، وحيفا، وعسقلان، وبئر السبع، والنقب، وأم الرشراش) في فلسطين المحتلة.
-    وكذلك استهداف سفينة مخالفة لقرار الحظر في أقصى شمال البحر الأحمر.
العمليات مستمرَّة في مسارها العسكري والبحري أيضاً. 
في هذا السياق نفسه: في تأثير العمليات اليمنية على العدو الإسرائيلي، أعلنت شركتا الخطوط الجَّوِّيَّة الهندية والإيطالية عن تأجيل عودتهما للعمل في (مطار اللُدّ)، الذي يسميه العدو الإسرائيلي باسم أحد مجرميه، من أسوأ مجرميه [بن غوريون]، حتى الخامس والعشرين من أكتوبر والثلاثين من سبتمبر؛ بسبب الوضع في فلسطين، يعني: التأثير للعمليات اليمنية. 
    فيمــــا يتعلَّــق بالأنشطـــة الشعبيـــة ليمننـــا وبلدنـــا العزيــز: 
-    الخروج المليوني للشعب اليمني في الأسبوع الماضي بلغ إلى: (ألف وثلاثمائة وستة وخمسين) مسيرة ووقفة وتظاهرة، خروجاً عظيماً، مشرِّفاً، لائقاً بالشعب اليمني (يمن الإيمان والحكمة). 
-    التظاهرات فيما يتعلَّق بالجامعات اليمنية: أيضاً كان هناك تظاهرات بالأمس ضخمة، وحاشدة، وكبيرة، ومشرِّفة:
o    في جامعة صنعاء، وجامعة الحديدة، والجامعات الأهلية في الحديدة، والمعاهد المهنية والفنية.
o    وأيضاً في جامعة إب، كان هناك خروج عظيم وكبير للطلاب والمعلمين والكادر الجامعي.
o    وفي جامعة عمران، وكذلك كان خروجاً عظيماً وكبيراً.
o    وفي جامعة المحويت، كان خروجاً مشرِّفاً. 
هذه من نعمة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، هذا النموذج لليمن، للشعب اليمني، في الموقف المتكامل رسمياً وشعبياً، عسكرياً وفي كل المجالات، وهذا النشاط الطلابي المتميِّز، والمتصدِّر لكل الساحة العالمية، وهناك أيضاً نداءات من هذه الجامعات، وفي مقدِّمتها: جامعة صنعاء، تنادي بقية الجامعات في العالم العربي والإسلامي؛ لأن من المفترض أن يكون للنخبة الطلابية والأكاديمية فضيلة السبق في المجتمعات العربية، والتَّصَدُّر للموقف ضد العدو الإسرائيلي، وفي مساندة الشعب الفلسطيني؛ لأن هذا يعبِّر عن وعي، عن معرفة، عن علم، عن رشد، عن مسؤولية، عن أخلاق، عن انتماء إيماني أصيل، عن شعور بالمسؤولية الإنسانية، والأخلاقية، والدينية... وبكل الاعتبارات، فكيف يغيَّب هذا المستوى من أبناء الشعوب، هذه النخبة الأكاديمية والتعليمية والطلابية، كيف تغيب في الساحة العربية والإسلامية، ليكون حالها كحال البقية، فيما لا يعبِّر لا عن وعي، ولا عن إحساس بالمسؤولية، ولا عن اهتمام!
لو نتأمل في حال الكثير من الطلاب والمعلمين حتى في الجامعة الأمريكية، وهم يواجهون القمع والاضطهاد، البعض فُصلوا من دراستهم، البعض أيضاً سُجنوا واعتقلوا، البعض منهم أيضاً طُردوا، مورست بحقهم انتهاكات كثيرة، ومع ذلك يُصِرُّون على موقفهم، يثبتون على موقفهم. 
الثبات والموقف الصحيح هو ترجمة وتجسيد عملي للبصيرة، للوعي، للرشد، للحكمة، للإيمان، للقيم الإنسانية والأخلاقية؛ ولـذلك هو الخيار الصحيح، والتَّوجُّه الصحيح.
فيما حالة الجمود، والاستسلام، والتخاذل، هي تعبِّر عن حالة هزيمة نفسية، ونقص في الوعي، والرشد، والحكمة، والبصيرة، وحالة عمى. 
أمَّا الموالاة للعدو الأمريكي والإسرائيلي، والوقوف مع العدو الأمريكي والإسرائيلي بأي شكلٍ من الأشكال، هو يعبِّر عن خيانة، عن إفلاس إنساني وأخلاقي، عن بُعد تام عن القيم الدينية والإنسانية، عن مشاركة للأعداء في الإجرام؛ ولـذلك قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[التوبة:23]. 
هناك أهمية كبيرة جدًّا للأنشطة التوجيهية والتثقيفية، التي تزيد أُمَّتِنا الإسلامية بكلها بصيرةً، ووعياً، ورشداً، وفهماً، في مواجهة مؤامرات الأعداء، وتزيدها أيضاً شعوراً بالمسؤولية، وثقةً بالله، الجهد الإعلامي، والتثقيفي، والتوعوي، والتعليمي، في الاتِّجاه الحق، هو ركنٌ أساس من الأركان التي تحتاج إليها الأُمَّة في مشروعها، لمواجهة المخطط اليهودي الصهيوني الذي يستهدفها، هناك أهمية كبرى لذلك في شعوب أُمَّتِنا، لِلتَّصَدِّي لكل أبواق الصهيونية، وأقلامها، وعملائها، الذين يحاولون أن يُخضعوا الأُمَّة لها، وأن يشوِّهوا كل موقفٍ صحيح، واتِّجاهٍ صحيح، وأيضاً لتذكير الأُمَّة بمسؤوليتها واستنهاضها، وأيضاً على مستوى النشاط العالمي، النشاط العالمي مهم جدًّا، الذي يفضح العدو الصهيوني، ومعه شريكه الأمريكي، يوصل الصورة الحقيقية للمظلومية للشعب الفلسطيني إلى مختلف الشعوب والبلدان في أنحاء العالم، ولاحظنا الأثر المتنامي لهذا الجهد، مع أنه لا يزال جهداً محدوداً، لكن له أثره، أثره في تنامي الوعي العالمي، عن الإجرام الصهيوني، والخطر الإسرائيلي والأمريكي ضد شعوب الأُمَّة، بل ضد كل شعوب العالم.
أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج المليوني العظيم يوم غدٍ الجمعة- إن شاء الله تعالى- في العاصمة صنعاء، وبقية المحافظات والساحات، الخروج المعبِّر عن إيمان، ووفاء، ونخوة، وشهامة، وشرف، وكرامة هذا الشعب، وأنه شعبٌ يليق فعلاً بما قاله عنه رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ": ((الْإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّة))، وفعلاً لأنَّ الإيمان يمان، نجد أنَّ هذا الشعب عزيزٌ بِعِزَّة إيمانه، ويتبنَّى المواقف التي هي مواقف عِزَّة، مواقف شجاعة، ومواقف شرف وكرامة.
نَسْألُ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيه عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَلِمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء. 
وَالسَّـــــلَامُ عَلَـيْكُـــمْ وَرَحْـمَـــــةُ اللَّهِ وَبَــرَكَاتـــُهُ؛؛؛


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر