المؤمنون يستفيدون حتى أيضاً من أعدائهم.
المهملون, المتخاذلون, المقصرون هم عادة يفوتهم أن يتداركوا تقصيرهم في كثير من الحالات، لكن من هم ينطلقون في الأعمال سيكتشفون أنهم أصابوا فيفرحوا، وقد يكتشفون أنهم أخطأوا في موقف معين, أو في قرار معين, هم أيضاً من سيستفيدون من خطأهم، ما هي أسبابه؟ منشأوه؟ نتائجه؟ فيصححون وضعيتهم من جديد، يستفيدون من أخطائهم..
وهكذا المؤمنون يستفيدون حتى أيضاً من أعدائهم.
من عظمة الإسلام أنك عندما تتحرك له تجد كل شيء يخدمك حتى أعداؤك. لماذا؟ لأنك عندما يكون موقفك حق، ومنطقك حق، أوليس موقف الحق, ومنطق الحق هو الذي ينسجم مع فطرة الإنسان وكرامته؟ الطرف الآخر الذي هو عدوك هو بالطبع عدو مبطل، كل ما يأتي من جانبه باطل، وكل ما يقوله ضدك هو بالطبع يكون باطلاً، وكل موقف أو تحرك من جانبه يحصل ضدك هو أيضاً باطل، من كل باطله تستطيع أن تغذي حركتك, تستطيع أن تزيد مَن حولك بصيرةً؛ لتقول لهم: انظروا ماذا يعملون، انظروا ماذا قالوا: وكيف تؤدي أعمالهم، أو تؤدي أقوالهم إلى نتائج هكذا.
منطق القرآن الكريم أليس على هذا النحو؟ أليس هو في سورة [التوبة] مَن أوضحَ لنا باطل أهل الكتاب؛ ليزيدنا بصيرة من خلال فهمنا لواقعهم، وما هم عليه من باطل، وكيف ستكون نتائج باطلهم فيما إذا سادوا في هذه الدنيا، وفيما إذا استحكمت قبضتهم على أي أمة أو مجتمع، فيزداد الناس بصيرة.
وإذا كنت تنطلق في ميادين العمل أنت أيضاً من ستعرف المتغيرات، وتعرف الأحداث، وتعرف الأمور فتلمس فيها كل ما يعتبر فرصة لك لتعمل, لتتحرك, لتقول.. لكن من يتخاذلون لا يستفيدون من عدوٍ، بل لا يستفيدون من هدى الله، وتمر الأحداث, والمتغيرات, وتَدَاوُل الأيام فلا يفهمون شيئاً، لا يعرف أن هذا الحدث كان في صالحه لو كان من العاملين، وأنه لو كان هناك حركة لاستطاعت أن تستغل هذا الحدث فيكون استغلاله هو ما يخدم أهدافها، وما يعزز من قوتها.
لهذا تجد المتخاذل عمره متخاذل، تمر أربعون سنة وهو على وضعية واحدة، والدنيا أمامه مقفلة؛ لأنه ساكت؛ لأنه جامد؛ لأنه معرض بذهنيته، فمتى يمكن أن يعرف أن هذه الحركة أو هذا الحدث أو هذا الأمر الطارئ هو مما سيكون أيضاً من العون لأهل الحق في ضرب أهل الباطل، لا يفهم شيئاً من هذا.
إذاً فأمام كل حدث وهو ما أقول دائماً وأكرر: المؤمنون هم من قال الله عنهم: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران:173) زادهم إيماناً، وكلمة: زادهم إيماناً تعني الكثير من صور الحدث التي تعزز الإيمان في نفسك... قد يكون ذلك الحدث الذي يخوفك به الآخرون هو ما زادك إيماناً من جهة أنك اكتشفت أن تحركك, وأن عملك كان في محله، أوليس هذا من زيادة الإيمان؟ فتكون واثقاً من نفسك, وواثقاً من عملك.
تزداد إيماناً أيضاً عندما تعرف أن عدوك تحرك، لماذا تحرك؟ هو أنه أصبح ينظر إليك أنك أصبحت رقماً كبيراً، وأنك أصبحت تشكل خطراً بالغاً عليه، أوليس هذا هو ما يسعد الإنسان المؤمن أن يعلم من نفسه أن عمله له أثره البالغ في نفوس الأعداء؟ فعندما يتحرك الآخرون ضدك فاعرف أن عملك كان أيضاً عملاً له أثره الكبير، وأن تحركك في مواجهة أعداء الله يُحسب له ألف حساب، سيكون ذلك من جانبهم شهادة لك بأن موقفك حق؛ لأن عملك ضدهم هو منطلق من ماذا؟ من حق أليس كذلك؟ أي أن هذا الحق حرك الباطل هناك، فلو كان موقفي باطلاً لكان منسجماً مع ذلك الباطل، أليس كذلك؟ لأن الحق ضد للباطل، والباطل ضد للحق لا ينسجمان.
ولهذا كان يقول الإمام الخميني (رحمة الله عليه): ((نفخر أن يكون أعداؤنا كأمريكا، وهذا مما يزيدنا بصيرة)). وكان يقول - بمعنى عبارته - ((لو أنني رأيت أمريكا تنظر إليّ كصديق لشككت في نفسي)).
إذاً فصحت موقفك - وأنت تتحرك على أساس من الحق - يشهد له تحرك أعدائك ضدك، أليس هذا مما يزيد الإنسان إيماناً؟.
الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة خطر دخول أمريكا اليمن
ألقاها_السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 3/2/2002م |
اليمن - صعدة

