يقول الله -سبحانه وتعالى-: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء: الآية32]، من أقبح الجرائم وأشنع الذنوب والمعاصي: جريمة الزنى، وهي من الرذائل السيئة جداً، والله -سبحانه وتعالى- حرَّم الزنى، ونهى عنه في كثيرٍ من الآيات المباركة القرآنية، وقرر إجراءات عقابية في الدنيا، أما في الآخرة فجهنم -والعياذ بالله-.
الله -جلَّ شأنه- قال بشأن الزنى: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}، (فَاحِشَةً): جريمةً شنيعةً، وفعلةً قبيحةً من أشنع وأقبح الجرائم، هذا موقعه في سلم الجرائم، في قائمة الجرائم والرذائل: أنه من أشنعها، من أقبحها، من أسوئها، والزنى هو شنيعٌ جداً وفظيعٌ، وله تأثيرات سلبية مدمِّرة في نفس الإنسان وفي واقع الحياة، وأول الآثار السيئة لهذا الجريمة الشنيعة القبيحة: أنه يؤثر على الإنسان في علاقته الإيمانية بالله -سبحانه وتعالى- هذه أول كارثة، الإنسان الذي يتورط في هذه الجريمة الشنيعة القبيحة لا يتورط فيها إلَّا وقد خسر إيمانه، في الحديث عن الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله-: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) يكون قد فقد إيمانه بالكامل، وهذه قضية خطيرة جداً، أكبر خسارة يمكن أن يخسرها الإنسان هي علاقته الإيمانية بالله -سبحانه وتعالى- ليس هناك في واقع هذه الحياة شيءٌ يستحق هذه التضحية، أن تضحي من أجله بماذا؟ بإيمانك، عندما تخسر إيمانك أنت خسرت الخير كله في الدنيا والآخرة، أنت ألحقت بنفسك أكبر الضرر، أنت أدخلت نفسك في دائرة المسخوط عليهم، المغضوب عليهم من الله -سبحانه وتعالى- أدخلت نفسك في دائرة السخط الإلهي، اللعنة من الله -سبحانه وتعالى- الوعيد الإلهي، وهي الحالة التي إن مت عليها تدخل جهنم، في الدنيا نفسها كم ستخسر إذا خسرت إيمانك.
الإيمان صلة عظيمة بالله -سبحانه وتعالى- تحظى من خلالها بالرعاية الواسعة من الله -سبحانه وتعالى- بالتوفيقات الكبيرة، تكون محطاً لرعاية الله، ورحمته، وفضله، ولطفه، وتوفيقه، ومحبته، يدفع عنك الكثير من الشرور، من المساوئ، من الأخطار، يوفِّقك في كثيرٍ من أمور حياتك، وبالذات إذا استقمت على نهجه، إذا بقيت معتمداً عليه، إذا كنت واثقاً به ومتوكلاً عليه، إذا اتجه في حياتك على أساسٍ من هذا الإيمان في كل مسارات الحياة، تحظى برعاية تامة من الله -سبحانه وتعالى- فيكون لتلك الرعاية الأثر الكبير في نفسك، في مشاعرك، في أعمالك، في مواقفك، في مواجهة تحديات هذه الحياة، وصعوبات هذه الحياة، ومشاكل هذه الحياة، فإذا خسرت علاقتك الإيمانية بالله -سبحانه وتعالى- الذي هو ربك، وخالقك، وولي نعمتك، والذي بيده حياتك، وموتك، ومصيرك، ومستقبلك في الدنيا والآخرة، فهي خسارة رهيبة جداً.
البعض من الناس في سبيل أن يحافظ على علاقته بشخص معين يرى أنه شخصاً مهماً في هذه الدنيا، مثلاً: بملك، أو وزير، أو أمير، أو قائد، أو شيخ… أو أي شخصية معينة، قد يضحي بأشياء كثيرة، وقد يصبر على أشياء كثيرة، ولكن أيُّ علاقة أهم من العلاقة الإيمانية مع الله -سبحانه وتعالى- رب السماوات والأرض؟ من يعي قيمة هذه العلاقة الإيمانية، وما يترتب عليها مع رب العالمين، مع رب السماوات والأرض، مع رب الناس، وملك الناس، وإله الناس، مع ملك السماوات والأرض، مع من بيده الحياة والموت والرزق، مع من يحيي ويميت ويذل ويعز، مع من إن أرادك بضرٍ لا يكشفه أحد إلَّا هو، وإذا أرادك بخيرٍ فلا راد لفضله أبداً، لا يستطيع أحد أن يرد فضله، مع الرب المنعم، الخالق، الرازق، الكريم، الرحيم، مع من أنت بحاجةٍ إليه حاجةً مطلقة، لا يمكن الاستغناء عنه أبداً، ومصيرك إليه، مع من رحمته وسعت كل شيء، ومن لا يعذب عذابه أحد، ولا يصل إلى مستوى بطشه وعقابه أيُّ بطشٍ وأيُّ عقاب.
فمن الخسارة الكبيرة للإنسان أن يخسر إيمانه بالله -سبحانه وتعالى- من أجل شهوة عارضة تنطفئ فيما بعد، ويكون الإنسان قد خسر خسارةً فادحة، خسارةً رهيبة، تتبدل علاقته بالله -سبحانه وتعالى- من حالة الرضا إلى حالة السخط (الغضب)، تغضب الله، ما أحقرك، وما أضعفك، وما أعظم غباءك إذا ورَّطت نفسك فأسخطت الله، أغضبت الله عليك! من أنت وفي أي حالٍ أنت حتى تستهتر بغضب الله -سبحانه وتعالى- وتتجاهل سخط الله ومقت الله -سبحانه وتعالى-؟!
فلو تأمل الإنسان في هذه المسألة بحد ذاتها؛ يجد أنه ما من شيءٍ في هذه الحياة من رغبات النفس وشهواتها يستحق أن تخسر هذا الخسارة من أجله، وفي سبيل الحصول عليه. أبداً أيُّ شيءِ آخر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الخامسة عشر
جريمة الزنى وآثارها المدمرة للإنسان والحياة
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الخامسة عشر
مايو 23, 2019م