فلهذا نحن معنيون أن نعي في واقعنا العام كمسلمين، البشرية- بشكلٍ عام- مأمورةٌ بذلك أن تكون في علاقاتها بغير الله -سبحانه وتعالى- علاقة مضبوطة تحت سقف العبودية لله -سبحانه وتعالى- الآخرون عبيد، الآخرون بكلهم إنما هم عبيد مثلنا لله -سبحانه وتعالى- ولذلك تكون علاقتك بالعبد الآخر من عباد الله -سبحانه وتعالى- علاقة العبد مع العبد، لا تطع أحداً في معصية الله أياً كان: باسم زعيم، قائد، رئيس، ملك، أمير، عالم… بأي صفةٍ من الصفات، بأي عنوانٍ من العناوين، لا يمتلك أحدٌ الحق أن تجعل طاعته فوق طاعة الله، أن تجعل أمره فوق أمر الله، أن تجعل نهيه فوق نهي الله -سبحانه وتعالى- الذي له الحق المطلق في الأمر والنهي فينا هو الله -سبحانه وتعالى- والعبادة له: أن نجعل أمره فوق كل أمر، ونهيه فوق كل نهي، وطاعته فوق كل طاعة، وألَّا ننحرف عن هذا لأجل أي أحدٍ: لا لهوى أنفسنا، ولا لأي شخصٍ كان تحت أي مسمى أو عنوان، وفي أي مستوى من مستويات النفوذ والزعامة في هذه الحياة، لا يخضعنا أحد بما يصرفنا عن نهج الله تحت عنوان يقدِّمه لنا، عنوان منظم مشرَّع مفلسف: عقيدة، شريعة، قانون، نظام، دستور… أي عنوان كان وفيه مخالفة لمنهج الله -سبحانه وتعالى- لا نقبل به بديلاً عن أمر الله، عن هدي الله، عن نهج الله -سبحانه وتعالى- نجعل كل الأشياء الأخرى تحت هذا السقف: تحت سقف العبودية لله، تحت سقف طاعة الله، تحت سقف أمر الله ونهيه، وهذه مسألة مهمة.
أيضاً الإنسان بنفسه في أي موقعٍ من مواقع المسؤولية في هذه الحياة لا يفترض لنفسه الحق في الطاعة فوق طاعة الله، أو في الذوبان في أمره ونهيه حتى فيما يخالف توجيهات الله -سبحانه وتعالى- من يفعل ذلك ويسعى لذلك ويطلب ذلك ويفترض من الآخرين ذلك فهو طاغوت متكبر، سواءً باسم ملك، أو أمير، أو رئيس، أو وزير، أو مسؤول، أو عسكري، أو أمني، أو قائد، أو زعيم، أو عالم ديني… أياً كان بأي صفةٍ كان، من يفترض لنفسه الطاعة المطلقة والانقياد له فيما فيه معصيةٌ لله -سبحانه وتعالى- ويفرض ذلك على الناس؛ فهو طاغوتٌ متكبرٌ، يجب أن يكفر الناس بأمره ذلك ونهيه ذلك؛ لأنه لا يملك هذا الحق في عباد الله (الأمر المطلق، النهي المطلق، الطاعة المطلقة) إلَّا الله -سبحانه وتعالى- أما الآخرون فحتى من هم في طريق الحق، حتى الأنبياء، وحتى الرسل، وحتى أولياء الله -سبحانه وتعالى- سقف الطاعة لهم هو في إطار طاعة الله -سبحانه وتعالى- في إطار الإتباع للحق، في إطار منهج الله -جلَّ شأنه- ولهذا يقول الله: {وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: الآية80]، حتى النبي- وهو النبي- لا يفترض من الناس أن يطيعوه خارج طاعة الله، فيما هو معصيةٌ لله -سبحانه وتعالى- لا يفكرون بذلك، هم أعبد الناس لله، أولياء الله بكلهم لا أحد يفترض لنفسه الطاعة في معصية الله، وفي مخالفة ما يأمر به الله -سبحانه وتعالى- وفي التجاوز لمناهي الله وحدوده. أبداً، فالذي يفترض لنفسه ذلك هو طاغوت متكبر في أي مستوى، في أي موقع من مواقع المسؤولية، تحت أي عنوان، لا يمتلك أحدٌ هذه الصلاحية في عباد الله.
{أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ}، وحينها الإنسان إذا سار على هذا الأساس سينتظم مسار حياته، وطريقته في الحياة، منهجيته في الحياة، كلها تعتمد هذا الأساس الكبير، والإنسان حينها يذعن لأكبر حق، وأعظم حق، وهو حق الله ربنا -سبحانه وتعالى- حق الله ربنا العظيم، المالك، المنعم، الإنسان يتنكر عندما يعبِّد نفسه لغير الله -جلَّ شأنه- يتنكر لله، لولي نعمته العظيم الذي خلقه وفطره، وأنعم عليه بكل النعم، فحق الله فوق كل حق أولاً، وقبل كل الحقوق.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الثامنة
التوحيد عنوان الرسالات الإلهية
والإحسان بالوالدين عبادة وقيمة إنسانية
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الثامنة
مايو 15, 2019م