مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

حينما نأتي إلى القرآن الكريم، نجد أنَّ هذه المسألة خطيرة للغاية، خطيرة جدًّا، وتعتبر من أبشع أنواع الظلم، ومن أخطر أنواع الظلم: الظلم الثقافي، وهو يؤسس للظلم بكل أشكاله: للظلم بشكله العسكري، بشكله الأمني، بشكله الاقتصادي… في كل أشكاله الأخرى، أكبر ظلم وأول ظلم عندما تظلم الأمة في المفاهيم المحسوبة على الدين، عندما تُضلل الأمة، التضليل أكبر حالة خطيرة تظلم بها الأمة؛ ولهذا نجد أنَّ الله يقول في كتابه الكريم: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً}، يعني: لا أظلم، هذه النوعية من الناس المفترين على الله الكذب هم في قائمة أظلم الناس للناس، هم في هذه القائمة، هناك فئات متعددة هي الأظلم، يأتي القرآن يعبِّر عنها: {وَمَنْ أَظْلَمُ}، بمثل ما نجده في هذه الآية المباركة، كل من قال عنهم القرآن الكريم: {وَمَنْ أَظْلَمُ}، هم في الصف الأول من الظالمين للبشرية، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[هود: الآية18]، يتضح لنا من هذا النص القرآني مدى خطورة هذا النوع من الظلم الذي مصدره علماء السوء، ومصدره- من نسميهم في هذا العصر- بعض المثقفين، الرواة، القصاصين، المعلمين… الذين يشتغلون على تقديم الدين إلى الناس، الذين يشتغلون في الخطاب الديني، الذين يشتغلون في التعليم الديني، الذين يشتغلون في تأليف الكتب التي تحتوي معارف باسم أنها معارف من الدين، هذه الفئة من الناس منهم من يشتغل على هذا النحو: يظلم الناس، وأيَّما ظلم! الذي ينتج مفاهيم باطلة يمثِّل كتابه الذي كتبه أخطر من سجن يسجن الناس فيه بغير حق، وأخطر- أحيانًا- من معركة عسكرية مدمِّرة، المفاهيم خطيرة جدًّا، والظلم بها ظلم كبير جدًّا، يتضمن أولًا إساءة إلى الله -سبحانه وتعالى- الكذب على الله من حيث هو كذب على الله أمر بشع وفظيع، وجرأة كبيرة على الله -سبحانه وتعالى- من يكذب على الله، يقول: [في دين الله كذا وكذا، هذا من الله، من دينه] يعني: منه، وما هو من الله هو يعبِّر عن علمه، عن حكمته، عن رحمته، عن عزته… وما هو مكذوب يسيء إلى هذا كله: إما يسيء إلى عزة الله، أو يسيء إلى حكمة الله، أو يسيء إلى رحمة الله… أو يسيء إلى كل تلك التي تضمنتها أسماء الله الحسنى، يسيء إلى الله في كل شيء، في كل ما تفيده أسماؤه الحسنى، يسيء إلى: كمال الله، وجلاله، وعظمته، وألوهيته.

 

فأول مشكلة في الافتراء على الله: من حيث الجرأة على الكذب على الله ذنب فظيع وبشع، وقلة حياء من الله -سبحانه وتعالى- ومن حيث ما يتضمنه ذلك المفتري، ما قدم باسم الله ونُطِق به عن الله، زورًا على الله، وافتراءً على الله، مما فيه إساءة إلى الله -سبحانه وتعالى- ثم ما يترتب على الأخذ به في واقع البشرية من نتائج سيئة، فكرة معينة، قاعدة معينة، أو فتوى معينة؛ يترتب عليها مواقف باطلة، البعض من الفتاوى الباطلة يترتب عليها مظالم كبيرة جدًّا: تسفك بها الدماء، تنتهك بها الأعراض، تنهب بها الأموال، البعض من الفتاوى، أو من المواقف، أو من العقائد فيها- أيضًا– إساءة إلى الله من جوانب متعددة، وسنأتي- أيضًا– لمزيد من التوضيح حول هذا الموضوع.

 

يقول الله -جلَّ شأنه-: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الأنعام: الآية144]، لاحظوا افتراء الكذب على الله ليكون وسيلة لإضلال الناس؛ لأن الكثير من الناس يتقبلون حينما تكون المسألة مسحوبة على الله، وعلى أنَّها من دينه، فيتقبلها هذا وذاك، والكثير من الناس البسطاء يتقبلون، يقول لك: [قال الله ، قال رسول الله كذا كذا، ويتحدث دين الله هو كذا وكذا]، ويعبِّر عن هذا بأكاذيب وتحريف: إما تحريف للمفهوم، وإما إنتاج لمفهوم باطل من أساسه، لم يرد لا في كتاب الله، ولا عن رسول الله، كلا المسألتين خطيرة جدًّا، كلٌ منهما يمثِّل خطورة كبيرة على الناس، {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ}[الزمر: من الآية32]، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ}[العنكبوت: من الآية68]، المسألتان: مسألة الافتراء على الله كذبًا، أو التكذيب بالصدق، أو التكذيب بالحق، كلٌ منهما جريمة في مستوى واحد، وهذا يحصل للكثير من الناس: التكذيب بالحق، والتكذيب بالصدق، {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً}[النساء: الآية50]، إثم واضح وفظيع، {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النحل: 116-117].

ما الذي ساعد على نجاح المفترين؟

 

ولاحظوا، مثل هذه النصوص القرآنية يجب أن تصنع وعيًا كبيرًا وعاليًا في واقع الأمة تجاه خطورة هذه المسألة؛ لأنه– للأسف الشديد- مسائل في غاية الأهمية، وأحيانًا في منتهى الخطورة، ونظرة الناس إليها نظرة عادية، استبساط، هذا الاستبساط هو الذي يساعد على نجاح مثل هذه الأمور، نجاح كبير للمفترين الكذب على الله -سبحانه وتعالى- فيما يأتي القرآن ليصنِّفهم في أنَّهم في مصاف وفي مستوى الأظلم: أظلم الناس للناس، وأظلم البشر للبشر، هذه الفئة من الناس- كما قلنا- هم مجموعة من علماء السوء، ومن يحذو حذوهم، توابعهم ولواحقهم من: مثقفين، وخطباء، ومرشدين… ممن يتجهون اتجاههم؛ لأن هناك العلماء الربانيين، وهناك- أيضًا– شخصيات في هذا الاتجاه تسير في الاتجاه السليم والصحيح، وهناك |لا|، من يتجهون هذا الاتجاه الذي هو اتجاه ظالم للناس، ظالم، وظلم خطير جدًّا، عليه هذا الوعيد الإلهي.

 

ولاحظوا، اليوم من المعروف في واقع الأمة لدى نخبها: العلمائية، والثقافية، و…إلخ. من المعروف جدًّا أنَّ هناك نسبة كبيرة من المرويات المحسوبة على رسول الله، وهي مكذوبة، هذا أمر معترف به إجمالًا، إجمالًا معترف به بين الأمة بكلها، هناك جملة كبيرة من المرويات المزورة والمكذوبة على رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- هناك نسبة كبيرة مما قدِّم إلى الأمة باسم تفسير لنصوص قرآنية، أو تقديم لمفاهيم، أو عقائد، أو ثقافات، أو تشريعات، أو أحكام… إلخ. يصنَّف على أنَّه مفترى، على أنَّه باطل، على أنَّه غير صحيح، لا يعبِّر عن حقيقة الدين، وإنما قدِّم بطريقة خاطئة، ويمثِّل مشكلة كبيرة؛ لأن هناك من يأخذ به على أنَّه من الدين، وشملت هذه المسألة الخطيرة كل المواضيع المهمة والرئيسية، ومختلف المواضيع، بدءًا من التحريف للعقائد، وردت عقائد مختلة بشكل كبير جدًّا، فُسِّرت لها نصوص قرآنية في غير محلها، وهذا شكل من أشكال التحريف: التفسير للقرآن بطريقة مغلوطة، وتقديم النص القرآني على غير مصاديقه، وكذلك أفتري فيها نصوص أخرى، وكُذِبَ على رسول الله فيها، وتضمنت هذه المشكلة الكبيرة جدًّا الإساءة إلى الله -سبحانه وتعالى- ما يتعلق بمعرفة الله، وردت هناك عقائد فيها تشبيه لله بخلقه، فيها التجسيم، فيها كل أشكال الإساءة إلى الله -سبحانه وتعالى- يعني: الإساءة إلى قدسيته، إلى جلاله، إلى كماله… والمساس بالعقيدة الإسلامية الصحيحة في هذا الجانب، أضف إلى ذلك وردت عقيدة الجَبر، وردت- كذلك– تفسيرات خاطئة لمفهوم القضاء والقدر، تفسيرات تضمنت إساءة فظيعة إلى الله -سبحانه وتعالى-.

 

ثم نأتي إلى موضوع الأنبياء، إلى الكلام فيما يتعلق بالقرآن الكريم والكتب الإلهية، إلى الكلام عن مختلف المواضيع الرئيسية، كم وردت من روايات، ومن نصوص، من كتابات، من أقوال، من… إلخ. تسيء إساءة كبيرة: إساءة إلى الله، إساءة إلى أنبيائه، إساءة إلى كتابه، إساءة إلى دينه في كل تفاصيله، أمر فظيع جدًّا، وباتت الأمة متَّفقة على أنَّ هناك دسًا كبيرًا في تراثها، في المرويات، وفي كثيرٍ من الأفكار والعقائد، يسمونه (بالإسرائيليات)، وصلت المسألة إلى هذا المستوى، يعني: دس من بني إسرائيل إلى روايات، إلى تفسيرات، إلى أقوال، إلى عقائد، إلى أفكار؛ تصبح- في نهاية المطاف- ضمن التراث الذي تعتمد عليه الأمة في مختلف مذاهبها، أو بعض مدارسها.

 

فإذًا، المسألة هذه مسألة خطيرة جدًّا، واشتغل عليها بنو أمية بشكل كبير، وحرَّفوا كثيرًا من المفاهيم، وقدَّموا مفاهيم بديلة على أنَّها تعبِّر عن الإسلام، وأخذ بها كثيرٌ من أبناء الأمة، وتربت عليها أجيال؛ فكانت للمسألة آثار سلبية ومدمِّرة جدًّا، وقدِّمت- حتى- تشريعات معينة باسم أنَّها من شرع الله، وهي تسوِّغ لهم ما يفعلونه في الناس، وتسوِّغ للناس أن يذعنوا لهم، بالرغم من كل ما يفعلونه، وأن يطيعوهم فيما هم عليه من: إفساد، وظلم، وجور، وطغيان، وإجرام.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام 1440هـ- الرابعة

 

 

 

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر