مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ثم يتحركون لتثبيط الأخرين، عنده عقدة لا يريد أن يجاهد، في نفس الوقت ويثبط الأخرين حتى لا يجاهدوا. {وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ} يسعون إلى تخذيل الأخرين فيقدمون عامل من العوامل التي تزيد صعوبة الجهاد، أو من مشقة التحرك في سبيل الله، مثلما هي حالة الحر {وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ} وكأنهم يفترضون أن يكون الجهاد في سبيل الله عملاً لا مشقة فيه أصلاً، فلا تجاهد إلا بشروط: أن لا يكون هناك حر، ولا شدة برد، ولا تعب، ولا معاناة، ولا أي شيء من المشاق والصعوبات، يعني: حالة تفترض للناس الهزيلين الكسلين الذين ليس لهم همة، وليس لديهم عزيمة، وليس عندهم اندفاع، وليست عندهم همة عالية. يتحركون في أي الظروف، رجولة حقيقة يتحرك لا تعيقه بعض العوائق التي هي موجودة في واقع الحياة، وهي مع وجودها في واقع الحياة لا تعيق الناس عن أي أعمال أخرى.
 الناس في فترة الحر وفي زمن الحر يتحركون في واقع حياتهم في طلب معائشهم، في الاهتمام باحتياجاتهم، وما يدفعهم للذهاب والمجيء والعمل حتى لو كان فيه مشقة، وهو واقع الحال في زمن البرد، عندما يكون هناك شدة برد هل الناس يقبعون في بيوتهم فلا يخرجون منها أبداً لأنه موسم حر؟ أو الناس يختبئون في بيوتهم فلا يخرجون منها أبداً حتى ينتهي موسم الشتاء؟ لا.
الناس سواء في زمن الحر أو في زمن البرد يزاولون حياتهم، ويذهبون في شئونهم بشكل عادي، حتى لو كان حر، أذهب إلى تهامة، وأهل تهامة في موسم الصيف يشتغلون والناس يذهبون ويجيئون ويتجرون ويكدحون ويزارعون، إلى غير ذلك. واذهب إلى أي منطقة في شدة البرد والناس يشتغلون ويزرعون ويذهبون ويكدون ويعملون ولا يتوقفون في واقع البرد، لكن البحث عن التعللات هو شأن من لا إيمان فيهم، يريد أن يبحث عن تعللات حتى لا يجاهد، وحتى يثبط الأخرين عن الجهاد في سبيل الله، {لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ} تثبيط وتخذيل، والمسألة خطيرة جداً، ولذلك كان الجواب جواب كبير بمستوى الجرم، بمستوى الجرم.
{قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً} نار جهنم أشد حراً، والذي يفر من الحر فلم يجاهد لأجل حر الدنيا يسبب لنفسه حر جهنم، يسبب لنفسه الوقوع في حر جهنم، هو يتهرب ويتعلل بحر الدنيا فإذا به يوقع نفسه فيما هو أشد وأسوأ الحر الشديد الذي لا مثيل له حر {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ}(الهمزة:6ـ7) نار الله الكبرى، وهو الحر الذي سيحترق فيه من تخاذلوا عن الجهاد في سبيل الله، وتهربوا من الجهاد في سبيل الله. أما الذي يصبر على مشاق هذه الحياة في إطار تلك المسئولية العظيمة الجهاد في سبيل الله هو يقي نفسه ويدفع عن نفسه المشاق والمتاعب الخطيرة والكبيرة التي هي للأبد في جهنم، فقد يعاني وهو يجاهد في سبيل الله من الحر لكنه يدفع عن نفسه حر جهنم، قد يعاني من المشاق لكنه يدفع عن نفسه المشاق الكبيرة والخطيرة في جهنم، ثم أضف إلى ذلك الأمة بجهادها وصبرها وتحركها في سبيل الله تدفع عن نفسها الكثير من المشاق حتى في الدنيا، حتى في الدنيا؛ لأنه إذا لم يكن هناك جهاد تستحكم هيمنة الأعداء وقبضتهم وسيطرتهم على الأمة، وبالتالي يذيقون الأمة المشاق والصعوبات والمتاعب والقتل والتعذيب وسوء العذاب ومن دون أجر، ومن دون ثواب، وفي هوان، وأشد من المشاق التي يمكن أن تصاحب عملية الجهاد في سبيل الله، والتحرك في سبيل الله.
{قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} لو كانوا يفهمون، لكنهم أغبياء وفعلاً، فعلاً. المتخاذلون عن الجهاد في سبيل الله، الكارهون للجهاد في سبيل الله أغبياء أغبياء، لا يفهمون مع أن البعض منهم يعتبر نفسه ذكياً وعبقرياً حتى {لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} لفهموا أن في الجهاد عزهم، وفي الجهاد شرفهم، وفي الجهاد خيرهم، وفي الجهاد كرامتهم، وفي الجهاد مصلحتهم الحقيقية في الدنيا والأخرة.
{فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً}
 لأنهم فيما هم فيه من سرور وارتياح بأنهم لم يجاهدوا، ولم يذهبوا إلى الجهاد في سبيل الله يرون لأنفسهم أنهم نجحوا وحققوا لأنفسهم المصلحة الحقيقية، وحققوا لأنفسهم الراحة والسلامة وما إلى ذلك، وبالتالي هم يضحكون، يضحكون ارتياحاً من جانب لما يعتبرونه نجاحاً تحقق لهم فهم مرتاحون لذلك، يضحكون ارتياحاً لما حسبوه نجاحاً لهم، ويضحكون سخرية واستهزاء بالمجاهدين وما قد يلحق بالمجاهدين من معاناة ومشاق ومتاعب، لكنه ضحك قليل، وسرور محدود، وفرح لأيام معدودة، وبعده {وَلْيَبْكُوا كَثِيراً} وبعده البكاء الكثير. كل ضحكة وكل قهقهة من قهقهاتهم الساخرة وقهقهاتهم المتبجحة كلها سيقابلها الكثير الكثير من البكاء والدموع والحزن الشديد، والندم الذي لا مثيل له، ندم شديد، ندم قاتل، لكنه ندم في جهنم حيث لا يمكن أن يموت الإنسان وإلا لمات من شدة ذلك الندم. تلك الضحكات وذلك الارتياح الذي يشعرون به ويعتبرون أنفسهم أذكياء وأنهم جنبوا أنفسهم مشكلة الجهاد وأعباءه وما إلى ذلك، بعدها الكثير الكثير من البكاء، الكثير بدون حد ولا عد.
بقاؤهم في جهنم أبد الأبدين {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} كله يصاحبه الحزن واللوعة والندم والحسرة، ومعه الكثير والكثير من البكاء، بكاء شديد أشد من مقدار ما ضحكوا ومن مستوى قهقهاتهم، صراخهم {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا}(فاطر:37) يصطرخون في جهنم، وهم يحترقون بنارها، ومقيدون بقيودها، {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}(فاطر:37) ما هناك مجال أبداً.
{وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
 {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}وهم كانوا يتوقعون أنهم كسبوا لأنفسهم بتخلفهم عن الجهاد وكرههم للجهاد الدعة والأمن والسلامة وما إلى ذلك، وأنهم وفروا لأنفسهم، في الحقيقة هم كسبوا لأنفسهم جهنم، كسبوا لأنفسهم، بكرههم للجهاد وتخاذلهم عنه كسبوا لأنفسهم جهنم.
{فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} وهنا يحدد القرآن الكريم موقفاً من طائفة منهم. مثلما قلنا النفاق مستويات متفاوتة، والمنافقون فئات متعددة، فمنافق أسوأ من منافق، ومنافق أخطر من منافق، ومنافق أشد نفاقاً من غيره، طائفة من المنافقين {طَائِفَةٍ مِنْهُمْ}.
يفترض فيما بعد النصر، فيما بعد الغلبة، فيما بعد تحقق السيطرة والقوة للإسلام والمؤمنين وهي تحاول أن تدخل في صف الجهاد والإسلام، وقد رأت الأمور تغيرت والموازين تقلبت، ورأت راية الإسلام علت وارتفعت، ورأت المجاهدين سلموا في نهاية المطاف فلم ينتهوا كما كانت تتوقع لهم وتنتظر بهم دائرة السوء، حينها ترى في الجهاد أنه يحقق مغانم ومكاسب مادية، عندما تعتلي كلمة الله وترتفع راية الحق، وعندما يصبح للإسلام سيطرته وقوته وهيمنته يرى البعض أن الجهاد أصبح وقته، أصبح وقت الجهاد عندما يكون العدو هو في موقف الضعف والمسلمين قد أصبحوا في واقع القوة المادية والإمكانيات الهائلة فالبعض يرى قد هو وقت، قد هو وقت جهاد، لماذا؟ لأنه في تلك الحال ومن خلال الجهاد سيحقق لنفسه مكاسب مادية من خلال غنائم أو مكاسب معينة.. لا.
حينها لا يقبل من تلك النوعية
التي كانت كارهة للجهاد وساخرة ومستهزئة ومتربصة ومخذلة ومثبطة ومعادية لا يقبل منها فيما بعد، لا يقبل منها أن تجاهد جهاد الغنائم، جهاد المكاسب المادية، وقد تجاوز المسلمون المراحل الصعبة والظروف الخطرة والتحديات الكبيرة، وأصبحت المسألة مسألة سهلة، مسألة سهلة وبسيطة وأصبح فيها مكاسب ومصالح، لا يقبل منهم ذلك الموقف.
{فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ}، {إِنَّكُمْ}لم يقل فقط قعدتم، إنكم قعدتم {إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ} {رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}وهذه مشكلتهم الكبيرة الذنب الكبير، كانوا على رضى من قعودهم، لم يكونوا حتى في حال قعودهم يشعرون بأنهم مقصرين، أو يشعرون بأنهم مخطئين وأن عليهم أن يجاهدون في سبيل الله، لا. بل كانوا يعتبرون أنفسهم على صواب والجهاد غلط، فكانوا راضين بقعودهم، وفرحين بتخلفهم، فكان ذنباً فضيعاً {فَاقْعُدُوا} مادام وأنتم قد اخترتم القعود {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ}مع النساء والصبيان والعجزة وما إلى ذلك.
طبعاً هذا الموقف ليس هناك صلاحية لأي أحد أن يحدد الفئة التي تقاطع أو الفئة التي تمنع من الجهاد، هذه الصلاحية كانت للرسول {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} ومن بعد الرسول لورثته الحقيقيين الذين لديهم المعرفة الصحيحة والتقييم الصحيح للواقع، فحينها هم من خلال تقييمهم يحددون الفئة التي يمكن أن تمنع مستقبلاً ولا يقبل منها حتى انضمامها للجهاد في سبيل الله. بمعنى ليس متاحاً لأي أحد أن يقرر هذا يجاهد وهذا لا يجاهد، هذا مقبول وهذا غير مقبول، لا . جاء الخطاب بداية إلى الرسول{فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} ومن بعد الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ورثته الحقيقيون.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم.
دروس من سورة التوبة - الدرس السادس .
ألقاها السيد
عبد الملك بدر الدين الحوثي
الدرس السادس
بتاريخ
21/رمضان/1434هـ
اليمن – صعدة

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر