الله تعالى يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: الآية36]، هذه الآية المباركة ومعها قول الله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: الآية70]، هاتان الآيتان المباركتان؛ أنا أقول: لو اهتدى بهما مجتمعنا المسلم، ووعاهما، والتزم بهما لكنا في مرحلة متقدمة في الصراع مع أعدائنا، ولكنا مجتمعاً محصناً أمام العدو في كل مساعيه للتأثير في داخل هذا المجتمع، الآيتان هاتان تضبطان لنا عملية التلقي والاستقبال، وعملية ما نقدم وما نقول، وهذا ما يحتاجه مجتمعنا المسلم اليوم، وبالذات من هم في موقع القرار ومن هم…؛ لأن الكل في موقع المسؤولية، الكل في موقع المسؤولية ونحتاج إلى الاهتداء بهاتين الآيتين، والتنور بهما، والاستفادة منهما، والالتزام بهما.
هنا يقول: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، الله -سبحانه وتعالى- زودنا بالسمع والبصر والفؤاد، وهذه وسائل التلقي، ووسائل رئيسية وأساسية في مجال المعرفة، وأكثر ما يصل إلى الإنسان من معارف، أو ما يتلقاه من معلومات، ومن أفكار، ومن أخبار، ومن أقوال، تأتي عبر السمع والبصر، ويتلقاها في داخل الإنسان الفؤاد.
الله -سبحانه وتعالى- يؤكِّد أن هذه الحواس الأساسية والمهمة، والتي هي من أعظم نعم الله علينا؛ لأنها النوافذ التي نطل منها على العالم من حولنا، على الواقع من حولنا، على الحياة من حولنا، ثم الفؤاد في الداخل الذي يستقبل ويتلقى ما يصل عبر السمع وعبر البصر، نعمٌ عظيمة ومهمة، وأهميتها في حياتنا كبيرة في كل شؤون حياتنا، ولكن يتعلق بها مسؤوليات مهمة: سوء الاستخدام لهذه الحواس يعتبر ذنباً من أكبر الذنوب، سوء الاستخدام لحاسة السمع، وسوء الاستخدام لحاسة البصر، وسوء الاستخدام بالتالي للفؤاد الذي هو وسيلة أساسية للاستقبال من السمع ومن البصر، سوء الاستخدام هو يعتبر معصية وكفراناً للنعمة، معصية لله -سبحانه وتعالى- وإساءة في مقابل هذه النعم العظيمة، عندما تجعل سمعك وسيلة لتلقي الأكاذيب، ولتلقي الشائعات، ولتلقي الباطل، ولتلقي الأفكار غير الصحيحة، فأنت تصغي لها وتجعل وسيلة السمع عندك وسيلة أساسية لاستقبالها، أنت هنا في موقع التفريط في هذه النعمة، والإساءة إلى هذه النعمة، والكفران لهذه النعمة التي هي نعمةٌ من الله عليك، ولهذا يأتي في القرآن الكريم الذم والنهي الشديد لمثل هكذا حالة، عندما يقول الله -سبحانه وتعالى- وهو يذم من يذمهم في كتابه: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} هو يذمهم بهذه الحالة التي يلقون بها أسماعهم لتلقي الأكاذيب، والتأثر بتلك الأكاذيب، والتفاعل مع تلك الأكاذيب، {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}، لا يريد الله من مجتمعنا المسلم أن يكون سمَّاعاً للأكاذيب، يسمعها ويتأثر بها، ويتلقاها، ويتفاعل معها، ويبني عليها المواقف والانطباعات. لا، عندما يكون الإنسان مسماعاً للباطل، للأفكار غير الصحيحة، للضلال من أي مصدر يسمعه: عبر الشاشة، عبر مساجد الضرار التي فيها مضلون، في مقايل القات… في أي مكان، بأي وسيلة، قضية خطيرة جدًّا يكون متأثراً، بحاسة السمع والبصر، ما يراه الإنسان ويسمعه ويتلقاه من معلومات وضلال وباطل، قضية خطيرة على الإنسان، ولهذا أتى في القرآن الكريم قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: الآية68]، يقول أيضاً في آيةٍ أخرى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: الآية140].
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
المحاضرة الحادية والعشرون
{ولا تقف ما ليس لك به علم}
شعار المؤمن لمواجهة الشائعات والتضليل
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الحادية والعشرون مايو 29, 2019م