المعالجة الثانية في الإسلام هي الإغاثة الخيرية: الله -سبحانه وتعالى- جعل في الجانب الخيري عناوين متعددة، البعض منها إلزامية، والبعض منها تطوعية، الحالة الإلزامية: الزكاة- تقدَّم الحديث عنها- وهي حالة اسعافية مهمة للفقير، وقد تفيده في كثيرٍ من الحالات بأكثر من كونها حالة اسعافية وجرعة إغاثية إلى كونها أيضاً تمثل عاملاً مساعداً لبناء واقعه الاقتصادي من جديد؛ ليستطيع أن يتخلص من البؤس الشديد والعناء الكبير من الفقر.
أيضاً الصدقة وهي عنوان تطوعي، فيها أجر وفضل وقربة عظيمة إلى الله -سبحانه وتعالى- وسبب لأن يحصل الإنسان على سعة في الرزق (على خُلف من الله)، أن يخلف الله لك، وهي سبب من أسباب البركات واستنزال الرزق، (استنزلوا الرزق بالصدقة).
أيضاً الحالة التكافلية والتضامنية بين أبناء المجتمع: الجار مع جاره، القريب مع قريبه… هذه الحالة أيضاً حالة مهمة، (ما آمن) في الرواية عن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- (ما آمن، قيل: من يا رسول الله، قال: من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم)، فإذاً هذه حالة من التضامن الإلزامي في الدين، يعني: مسؤولية إيمانية دينية، يوجب عليك الإسلام التعاطف مع جارك، وألا تبيت شبعانًا وهو جائع، وأنت تعلم أنه جائع، وتستطيع مساعدته، ثم لم تساعده، تعتبر هذه جريمة، وخروجاً عن حالة الإيمان الذي يربينا على الرحمة فيما بيننا كمجتمعٍ مسلم، نجد التشجيع على الاهتمام مثلاً بالإطعام؛ لأن البعض قد يصل بهم الفقر والبؤس إلى حد الجوع، فيأتي في القرآن الكريم الحث المتكرر على الإطعام، إطعام الطعام للجائعين، في آيات كثيرة، عندما نجد قول الله -سبحانه وتعالى-: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 11-16]، ذلك العربي الذي يفاخر ويتباهى بأنه يهلك الكثير من أمواله: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً} [البلد: الآية6]، يتفاخر بما يضيعه من المال في أشياء تافهة أو أشياء محرمة، لماذا لم يسخِّر ماله فيما هو شرف، فيما هو فضل، فيما هو أجر، فيما هو قربة عالية عند الله -سبحانه وتعالى- فيما فيه خير الدنيا وشرفها، وأجر الآخرة ونعيمها، وهو هذا: {فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} في المراحل التي فيها مجاعة ومعاناة لهذه الدرجة، إما الأيتام وهم فئة محتاجة وفقيرة، وإما المساكين، {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: الآية17]، التواصي بالمرحمة، المجتمع المسلم يجب أن يكون مجتمعاً متراحماً، متعاوناً، يغيث بعضه بعضاً، لا يتفرج الناس على البؤس في أوساطهم وفي واقعهم.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
من المحاضرة الثالثة عشر المشكلة الاقتصادية
آفاق واسعة لحلول ومعالجات ناجعة
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الثالثة عشر
مايو 20, 2019