عندما يتخاذل البعض ويتثاقلون هل يتصورون أن أمر الإسلام سينتهي لأنهم تخاذلوا، انتهى الإسلام وقضي عليه بتخاذلهم؟ لا، لا. المسألة ليست كذلك، الله غني عن عباده. عندما نرى هذا الاستنهاض والاستنفار وهذا التحريض وهذا التحريك للمؤمنين ليجاهدوا في سبيل الله ليس لأن الله بحاجة إليهم وإلى جهادهم {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}( العنكبوت:6).
الإمام علي (عليه السلام) قال كلمة جميلة قال:[لم يستنصركم من ذل، ولم يستقرضكم من قل]، [لم يستنصركم من ذل]؛ لأنه بحاجة إليكم ليعتز بكم، [ولم يستقرضكم] عندما قال أن تنفقوا وعندما قال أقرضوا الله قرضاً حسناً [من قل] ؛ لأنه فقير أو ليس بيده شيء لا، استنصركم وله جنود السماوات والأرض، واستقرضكم وبيده خزائن السماوات والأرض.
الله سبحانه وتعالى يشرف ويكرم عباده المؤمنين عندما يجعل منهم جنوداً له في سبيله ومجاهدين في سبيله، فضل الله يؤتيه من يشاء، باب خير، باب رحمة، باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، عندما يستجيبوا يحقق على أيديهم شرفاً كبيراً وعظيماً هو إقامة دين الله بما فيه من العدل والحق والخير للناس، للناس.
إن لم يستجب البعض، إن لم يستجب البعض وتخاذلوا وتثاقلوا وتكاسلوا وتهربوا وتنصلوا من المسئولية الله يعطي هذا الشرف قوماً آخرين. إذا تخاذلت أنت وتكاسلت أنت وتهربت من المسئولية لا تظن أن الإسلام سيحنب، مسكين الإسلام تخاذل فلان الفلاني طفي الحق لا، الله يستبدل بك غيرك فيهدي إنساناً غيرك ويعطيه هذا الشرف شرف الجهاد في سبيله.
وعندما يستبدل الله بقوم أو بإنسان، الاستبدال يأتي على المستوى الفردي استبدال إنسان بإنسان، ويأتي الاستبدال على المستوى الجماعي استبدال قوم بقوم، أو مجموعة بمجموعة، أو أهل قرية بقرية، أو منطقة بمنطقة أو غير ذلك، {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} فالإنسان يخسر، وعندما تأتي مرحلة الاستبدال فهي تأتي في حالٍ خطير يخذل الإنسان بعده، المستبدل به غيره يصبح مطروداً من معسكر الله، مطروداً من جنود الله سبحانه وتعالى، وهذه مسألة مهمة جداً بالنسبة للمجاهدين في سبيل الله.
من يوفق، من يوفق للجهاد في سبيل الله يجب أن يحرص على أن يكون مستمراً في انطلاقته الجادة والمخلصة والصادقة مع الله؛ لأنه عندما يتراجع ويتخاذل ويتكاسل ويتثاقل وتتغير نفسيته الله يستبدل به غيره، يستبدل به غيره، يستبدل به غيره، والمسألة خطيرة جداً، خطيرة جداً، (اللهم لا تستبدل بنا غيرنا).
الإنسان إذا استبدل الله به غيره يصبح مخذول، مخذولاً هناك، برا، برا مطرود، وخسر شرف كبير، وخلع عن نفسه شرفاً عظيماً وفضلاً كبيراً كان سينال به خير الدنيا والآخرة.
{وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} فمن يتخاذلون ويتثاقلون إن الله يستبدل بهم غيرهم، وهؤلاء البدائل عادة ما يكونون أكثر اهتماماً وجداً وصدقاً ونصحاً وإخلاصاً ويمنحهم الله زيادة توفيق إخزاءً لأولئك المتخاذلين والمتثاقلين. ولهذا قال في آية أخرى:{وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}(محمد:38).
دروس من ســورة التــوبــة -الدرس الرابع
ألقاها السيد:
عبد الملك بدر الدين الحوثي/ حفظه الله.
بتاريخ
13/رمضان/1434هـ
اليمن - صعدة.