أيضاً يدخل ضمن هذا الاستهداف الشامل كما قلنا: السيطرة على التعليم؛ بهدف السيطرة الثقافية والفكرية، واحتلال العقول والقلوب، والسيطرة على التوجهات، هذا أخطر أشكال الاحتلال، وأسوأ أشكال السيطرة: السيطرة على الإنسان في ثقافته، في فكره، وكان من خلال السيطرة على التعليم والإعلام.
السيطرة على التعليم: حرصوا على السيطرة على المناهج الدراسية، وبدأ الأمريكي يتدخل في صياغة هذه المناهج، وفي مضامينها، وفيما يبقى، وفيما يحذف، وبدأ مشواراً خطيراً ولمَّا يكمل في هذا المشوار الخطير جداً، والتركيز على المعلمين والمعلمات من خلال نشاط يستهدفهم في إطار دورات معينة؛ لإفسادهم، ولتضليلهم، ولتشغيلهم بما يخدم الأهداف الأمريكية؛ حتى يكونوا منابع للضلال، وفي التركيز على الطلاب من خلال المعلمين والمناهج، ومن خلال أنشطة وبعثات خاصة تستهدف البعض من الطلاب، ونخب من الطلاب الأذكياء، والتفاصيل أيضاً هنا سنحيلها إلى الإخوة في الجانب الإعلامي؛ لكي لا يطول بنا الحديث جداً.
مما سعى له الأمريكيون: السيطرة على الخطاب الديني والمساجد، سعوا في التركيز على المساجد، وأن يعمم عليها خطاب معين، وأن يكون الخطاب الديني سواءً في المسجد، أو في المدرسة، أو في الإعلام، أو في... بكل أشكاله ووسائله، أن يكون محكوماً بموجهات معينة تخدم الأمريكي، وكان لهم أنشطة وبرامج من خلال الجهات الرسمية، ومن خلال منظمات اشتغلوا من خلالها لتحقيق هذا الهدف.
وأيضاً وصل بهم الحد في سعيهم للسيطرة على الخطاب الديني إلى محاربة القرآن الكريم نفسه، وهذا أمر خطير للغاية، وسيء جداً، ومن السيء جداً السكوت عنه، لقد حاولوا أن تحذف نصوص من القرآن الكريم في المناهج المدرسية، أن تزال عن المناهج المدرسية، الآيات التي تتحدث عن الجهاد، الآيات التي تتحدث عن أعداء الأمة وخطورتهم، الآيات التي تعزز روح الاستقلال لدى الأمة، والحرية، والكرامة، والعزة... وهكذا، حرصوا على حذفها من المناهج المدرسية، حتى أنهم حذفوا من المنهج الابتدائي سورة الكافرون، وبعض السور كانوا يحرصون على حذفها، وأيضاً تغييب مثل هذه الآيات القرآنية في الخطاب الديني في المساجد، في خطب الجمعة، في الوسائل الإعلامية التي تقدم فيها برامج دينية...إلخ.
أضف إلى ذلك: سعيهم لتقديم مفاهيم محسوبة على الدين وليست منه؛ إنما يهدفون من خلالها إلى تدجين هذه الأمة لأعدائها، مثلاً: قدَّموا عنوان (القبول بالآخر) ليكون مفاده: القبول بالأمريكي يحتلنا، ويدوسنا، ويظلمنا، ويقهرنا، ويستعبدنا، وينهب ثرواتنا، ويحتل أرضنا، والقبول بالصهيوني اليهودي الإسرائيلي الذي هو عدو ليصادر فلسطين يصادر فلسطين بالكامل، وليتآمر على أمتنا، وليفسد في أمتنا، وليظلم في أمتنا، وليعبث في أمتنا، فكان هذا هو هدفهم من عنوان (القبول بالآخر)، وليس التعايش في إطار بلدان هذه الأمة، التعايش كان حالة قائمة في إطار بلدان هذه الأمة، سواءً في اليمن، أو في العراق، أو... لم يكن يخرِّبه إلَّا التدخل الخارجي من أعداء الأمة.
سعى الأمريكي من خلال سيطرته على الخطاب الديني لصنع قالبين شكليين يقدِّمهما كمعبِّرين عن الإسلام: القالب والشكل الأول: هو التكفيريون، ولهم دور، ولهم عناوين، ولهم... تحدثنا في بداية الكلمة عن ذلك. والقالب والشكل الآخر: هم المنبطحون، الذين يروِّجون للسيطرة الأمريكية، ولتمييع الأمة، ولترسيخ حالة الاستسلام، ويروِّجون لمفاهيم- كما قلنا- من مثل عنوان (القبول بالآخر)، والذي يعني القبول بالأمريكي يحتل، وبالإسرائيلي كذلك يصادر فلسطين، ويظلم الشعب الفلسطيني، ويصادر حقوق هذه الأمة ويظلمها...إلخ. وكان هناك أنشطة وبرامج واهتمامات واسعة في هذا السياق، لا يتسع الوقت للدخول إلى التفاصيل.
سعى الأمريكي أيضاً للسيطرة على القضاء، مع أنَّ القضاء كان لا يزال مدهوراً، ولكنه سعى لأن يدهوره أكثر، سعى للسيطرة على أنظمته، قوانينه؛ بما يضيع العادلة، وبما يفقده دوره المأمول لإحقاق الحق، وإقامة العدل، وخدمة الشعب، وسعى لاستقطاب بعض القضاة ليكونوا ضمن التوجهات الأمريكية، فكان له لقاءاته، برامجه، أنشطته، اتفاقاته، التي هي موثقة بالصوت والصورة كما يقولون.
سعى للسيطرة على الإعلام والإعلاميين بدءاً بالإعلام الرسمي، وأصبح الإعلام الرسمي يقدِّم كل الأنشطة الأمريكية التي تهدف إلى السيطرة على هذا الشعب، التي هي تدميرية، هدَّامة، خطيرة، تقديمها بشكل مختلف آخر، وكأنها لهدف خدمة هذا البلد، ولمصلحة هذا البلد، ولتقوية هذا البلد، كل مشروع تآمري، كل خطة تدميرية في أي مجال من المجالات كان الإعلام الرسمي يقدِّمها بشكلٍ آخر وعناوين أخرى مخادعة.
امتد هذا إلى خارج الجانب الرسمي، إلى بعض الصحف، إلى بعض الإعلاميين، إلى بعض الكتَّاب، وأصبحوا يروِّجون للأمريكي، وللسيطرة الأمريكية، ويقدِّمون ذلك وفق ما يخدم أمريكا، ويسعون أيضاً في الأنشطة التخريبية والهدَّامة والفتنوية والسيئة على كل المستويات بما يخدم السياسة الأمريكية، إضافةً إلى أدائهم الإعلامي ضد من يعارض الهيمنة الأمريكية، ويسعى للتصدي لهذه الهجمة الشاملة، يتحدثون عنه بكل الافتراءات وبكل ما يشوهه.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد القائد 1442هـ