{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ] [الأنفال : 7] إحقاق الحق حتى يتحول إلى حالة قائمة في واقع الحياة لا يبقى فقط في الكتب في بطون الكتب حقا مسطورا ومكتوبا أو يبقى حالة دعوية في الساحة، كلام لا يعمل به لا يلتزم به لا يلتفت إليه لا يطبق في واقع الحياة.
الحق لا يتحول إلى حقيقة قائمة في واقع الحياة يعمل به يلتزم به ويطبق ويعتمد عليه إلا بعمل إلا بتحمل للمسؤولية إلا بتحرك إلا بتضحية إلا بمواجهة لأن هناك من لا يقبل بأن يكون لهذا الحق وجود وحضور فعلي عملي سيادي في واقع الحياة.
قوى الطاغوت والاستكبار والظلم والاستحواذ والهيمنة والسيطرة بهواها بأجندتها بباطلها تريد أن تتحكم بالساحة أن تستبعد هذا الإنسان أن تستحوذ عليه أن تتحكم به ولما فيه مصلحتها لما يحقق نفوذها وأهدافها وأطماعها ومآربها فإذا أراد هذا الإنسان أن ينطلق في واقع حياته بناءً على هذا الانتماء للحق في مبادئه في قيمه في أخلاقه في تعليماته وأن يتحرر من هيمنة قوى الطاغوت والاستكبار تغضب قوى الطاغوت والاستكبار وتسعى لمواجهته ومع العمل بذلك الحق وفرض أجندتها بالباطل وفرض أهوائها بالباطل فرض سياساتها وتوجهاتها الخادمة لأغراضها وأهوائها وأطماعها وغير العادلة غير العادلة نهائيا هل تمتلك أمريكا اليوم أطماع مشروعة؟ هل تسعى لفرض أجندة محقة؟ هل تسعى لخير البشرية حتى تغضب على هذا أو ذاك لماذا لا ينفذ أجندتها لماذا لا يطيعها؟ أم أن كل الحسابات لدى تلك القوى الرأسمالية كلها أطماع وجشع وأهواء ونهب واستحواذ وسحق للشعوب وظلم للبشرية وطغيان واستحواذ على خيرات الناس، لا ينطلقون بحساب مصلحة هذا الإنسان والخير لهذا الإنسان والكرامة لهذا الإنسان والعزة لهذا الإنسان، لا، لا أبدا، حساباتهم كلها أطماع أطماع أهواء رغبات طغيان حالة من الطغيان الذي يتحركون من خلالها في هذا العالم ويحركون معهم من يتجند معهم ويخدمهم فيه، فالحق لا يتحول إلى حالة قائمة إلا بمواجهة إلا بتحديات، إذا أنت تريد أن تكون حرا في هذه الحياة وأن تخضع نفسك لله بمبادئ الحق للقيم والأخلاق إذا أي مجتمع يريد ذلك إذا أي أمة تسعى لذلك لا يتحقق لها ذلك إلا بعد أن تحسم هذه المواجهة مع قوى الطاغوت والاستكبار لأن قوى الطاغوت والاستكبار تلقائيا هي لا تسمح هي تتوجه للمنع ما إن تسمع صوت الحرية والحق ما إن تلحظ مجتمعاً معيناً هنا أو هناك يريد أن يكون مجتمع حرا وأن يتحرك لإقامة الحق والعدل والخير في واقعه إلا وسعت قوى الطاغوت والاستكبار إلى منعه ومحاربته والمنع له بالقوى إذا لم يمتنع فتكون هذه المواجهة حتمية حتمية بين قوى الشر والطاغوت الساعية لاستعباد البشرية والهيمنة عليها والسيطرة عليها والتحكم بها والاستغلال لها الذي لدى قوى الطاغوت استعباد واستغلال لهذا الإنسان لصالحها هي على العكس من رؤية الحق والدين والإسلام التي تتجه إلى هذا الإنسان ليس لاستغلاله ليس لاستعباده ليس للاستحواذ عليه بل لتحريره لعزته لكرامته للأخذ بيده في طريق الخير والعز والكرامة في صراط العزيز الحميد حيث العزة وحيث الحمد حيث السمو وحيث الشرف حيث الخير في الدنيا والآخرة حيث الانعتاق لهذا الإنسان من كل أشكال الاستعباد والاستغلال.
إحقاق الحق وإبطال الباطل كان لا بد فيه من هذه المواجهة من هذه المواجهة هذه مسالة حتمية يجب أن نستوعبها جيدا لأنه يبنى عليها اتجاه الإنسان في هذه الحياة، في حركة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله والمؤمنين معه كانت المعايير التي اعتمد عليها في موقفه وكذلك الاعتبارات التي انطلق من خلالها في حركته كلها إلهية كلها حسب التوجيهات الإلهية ولذلك مثلا لم يعتمد في حركته صلوات الله عليه وعلى آله على نظرة التكافؤ المادي والتكافؤ في العدد والعدة فيما بينه وبين العدو كانت إمكانات العدو كبيرة وكان عددهم أكثر وكانت إمكانيات المسلمين إمكانيات متواضعة وكذلك كان عددهم أقل فما الذي اعتمد عليها الرسول والمؤمنون معه يقول الله {إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ * وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلّا بُشرىٰ وَلِتَطمَئِنَّ بِهِ قُلوبُكُم ۚ وَمَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} [الأنفال: 9-10] يأتي الدعاء وتأتي الاستغاثة بالله سبحانه وتعالى والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى في هذا السياق العملي مع التحرك مع العمل مع تحمل المسؤولية ولا بد من هذا الجانب أيضا لا بد من الدعاء ولكن مع تحمل المسؤولية مع الحركة مع الفعل مع العمل مع الموقف والالتجاء إلى الله والاستغاثة بالله سبحانه وتعالى مسألة أساسية لخوض الصراع في مواجهة التحديات والانطلاقة بهذا الإحساس بهذا الشعور وبهذا الوجدان أنا ننطلق ونحن نعتمد على الله ونحن نراهن على الله ونحن نتوكل على الله ونحن نثق بالله أنه خير الناصرين وأنه نعم المولى ونعم النصير وأنه كفى به وليا وكفى به نصيرا، وأنه إذا وفرنا في واقعنا الأسباب المعنوية والعملية للنصر يتوفر النصر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
دروس من معركة بدر الكبرى - المحاضرة الرمضانية السادسة عشرة 1439هـ 03-06-2018.