مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

 

شهداء مسيرتنا وشعبنا قضيتهم منذ اليوم الأول هي قضية الأمة، والموقف القرآني، والتوجه القرآني الحق، تجاه مسؤولية الأمة في مواجهة أعدائها، والمخاطر التي تهددها، وضرورة المعالجة لأسباب ضعفها ووهنها، وهذه ميزة لمسيرتنا القرآنية منذ يومها الأول.

والذكرى السنوية للشهيد هي من المناسبات المهمة التي يحييها شعبنا العزيز، ولها قدسيتها في مضمونها وأهدافها، ولها أيضاً بركاتها وآثارها الطيبة؛ فهي تهدف إلى:

  • ترسيخ قيم وثقافة ومكاسب الجهاد والتضحية في سبيل الله تعالى، والاستنهاض للأمة للنهوض بمسؤوليتها المُقدَّسة، التي نتاجها التحرر، والاستقلال، والعزة، والكرامة، وثمرتها المهمة جداً هي: تحقيق النصر، ودفع شر الأعداء وكيدهم.
  • وتهدف المناسبة أيضاً إلى التمجيد لعطاء الشهداء الذي هو عطاءٌ عظيمٌ مبارك، حقق الله به ويحقق للأمة النتائج المهمة.
  • وكذلك استلهام الدروس والعبر من جهادهم، وصبرهم، وأخلاقهم، وعطائهم، وتفانيهم في سبيل الله تعالى، وإخلاصهم لله، ومواقفهم العظيمة والمميزة، وقيمهم التي تجسد القيم الإسلامية والإنسانية، ومن شهادتهم ومظلوميتهم.

من السائد في واقع الأمم بمختلف أديانها، واتجاهاتها، وثقافاتها، وتقاليدها، وعاداتها، وأعرافها من السائد في واقعها هو التمجيد لتضحيات من يضحون بأنفسهم في خدمة القضايا المهمة في تلك الأمم، كقضية التحرر، والخلاص من سيطرة الأعداء، أو دفع شر الأعداء، والقضايا التي لها عناوين ذات قيمة إنسانية وأخلاقية، وهذا شيءٌ فطريٌ في واقع البشر؛ ولــذلك يمجِّدونهم، ويُخَلِّدون ذكراهم، ويقدمونهم في الواقع التعليمي والتثقيفي والإعلامي كنموذج ملهم وقدوة؛ لتحفيز وتشجيع غيرهم.

إلَّا أن منزلة الشهداء في سبيل الله تعالى، وقيمة الشهادة، هي منزلةٌ عاليةٌ، ومرتبةٌ رفيعةٌ، تفوق كل عطاءٍ وتضحية تحت أي عنوان، وقدسيتها أيضاً تميزها عن غيرها؛ فالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هو من رفع منزلة الشهداء في سبيله، وأعلى مقامهم، وكرمهم تكريماً خاصاً؛ ولــذلك هذا يفوق كل شيء من جانب الناس، من تمجيدهم، من إشادتهم، من تقديرهم... من كل ما يقدمونه، ليس شيئاً في مقابل ما قدَّمه الله تعالى وما هو من عند الله، الناس يقدمون ما يقدمونه في مستوى تقديرهم هم، ورؤيتهم، ومقارباتهم في القضايا والأمور ومواقفهم منها، وبمحدودية ما يمتلكون أن يقدموه؛ أمَّا الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" فميزانه على مستوى التكريم المعنوي، وعلى مستوى الجزاء، ميزانه الحق والعدل، وأيضاً هو "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" الغني الكريم العظيم المجيد، الذي بيده الخير كله؛ فهو "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" من رفع منزلتهم، وأعلى مقامهم، وكرمهم تكريماً خاصاً بهم، كما هو واضحٌ في الآيات المباركة، ومنحهم الخلود في نعيمٍ وتكريمٍ، وحياةٍ سعيدة، ووضعٍ استثنائيٍ، يميزهم عن غيرهم من الراحلين من هذه الدنيا، التي قال الله عنها: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}[الرحمن:26].

المصير المحتوم لكل البشر هو الموت والفناء؛ ولهذا يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم، مخاطباً لخاتم أنبيائه وسيِّد رسله محمد "صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ": {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ(34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[الأنبياء:34-35]، ولذلك في واقع البشر فإن الآلاف منهم يموتون يومياً، الذين يموتون يومياً من البشر من مختلف البلدان والشعوب والأمم بالآلاف يومياً، في كل يوم من مختلف الأعمار، ومن مختلف الفئات: من كبارٍ وصغار، وأغنياء وفقراء، ممن هم أصحاب جاهٍ وسلطان، ومن غيرهم، من كل الناس، في كل يوم هناك الآلاف يرحلون من هذه الدنيا، ومن امتد به العمر يهرم، ويعجز، وَيَفْقِد قواه الواحدة تلو الأخرى، ثم يموت، ليس هناك خيار آخر في مسيرة الإنسان في هذه الحياة، وفي توجهه، يمكن أن يضمن له البقاء في هذه الدنيا، والخلود الأبدي في هذه الدنيا، والسلامة من الفناء والموت والرحيل من هذه الحياة، فلو اتخذ الإنسان أي خيار، أو أي قرار، أو اتجه أي توجه، فلن يسلم بذلك ولن ينجو بذلك من الرحيل من هذه الحياة؛ لأنه أمرٌ محتومٌ في واقع كل البشر، بل إن الحياة الدنيا بكلها لها أجل.

الناس لهم آجالهم، ويرحلون من هذه الحياة جيلاً بعد جيل، ووجودهم بشكلٍ عام في هذه الدنيا له أجل، يأتي يوم من الأيام، ينتهي هذا الأجل، تقوم القيامة، تأتي أولاً ما قبل قيام الناس وبعثهم يأتي فناؤهم، ويأتي موتهم وهلاكهم، الذين يكونون معاصرين في تلك المرحلة من نهاية التاريخ والوجود البشري، يأتي فناؤهم بالصيحة، التي يُعَبِّر القرآن الكريم بها عن النهاية الحتمية للوجود البشري على هذه الأرض، في الزلزال العظيم المدمر، الذي به فناء هذه الحياة بشكلٍ نهائي؛ من أجل التمهيد للحياة الأخرى.

ولــذلك البعض، نتيجة لشدة حرصهم على البقاء في هذه الحياة، قد يتخذون خيارات خاطئة، وقرارات خاطئة، ويتجهون اتجاهات خاطئة، منحرفة، يخسرون بسببها مستقبلهم الأبدي العظيم المهم في الآخرة، الذي هو مستقبلٌ لا نهاية له، خلودٌ بحياةٍ خيرها خالص، وشرها خالص، وعلى أعلى مستوى.

ولــذلك فالشهادة في سبيل الله تعالى هي فوزٌ عظيم، طالما لابدَّ من الرحيل من هذه الحياة، لابدَّ من الفناء في هذه الدنيا، لابدَّ من الانتقال من هذه الحياة؛ فالشهادة في سبيل الله تعالى هي فوزٌ عظيمٌ وربحٌ حقيقي، واستثمارٌ واعٍ لما لابدَّ من حصوله للإنسان، وهو الرحيل من هذه الحياة، الشهيد استثمر هذا الرحيل استثماراً عظيماً ومهماً، واستفاد منه، والميزة التي جعلها الله للشهادة والشهداء هي: الحياة في تكريمٍ خاصٍ بهم، ونعيمٍ وسعادةٍ عظيمةٍ وحقيقية، وهذا واضحٌ وجليٌ في آيات الله في القرآن الكريم، كما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 169-171].

هذه الآيات المباركة هي تُبَيِّن أن هناك بالفعل ميزة خاصة للشهادة والشهداء، وهي: أنهم ينتقلون من هذه الحياة، إلى حياةٍ أبدية، سعيدة، في ضيافة الله تعالى، وتكريمه العظيم، وهذا تكريمٌ من جهة، وفوزٌ عظيمٌ من جهة أخرى؛ لأن الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" بكرمه العظيم لا يخسر معه أحدٌ أبداً:

  • على مستوى العطاء المادي: الإنفاق في سبيل الله يضاعف لك بسبعمائة ضعف.
  • على مستوى الجود بالنفس، والتضحية بهذه الحياة: الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" يجازيك على ذلك، ويعوضك عن ذلك، ويثيبك على ذلك حياةً سعيدةً، عظيمةً، راقيةً، هنيةً، تعيش فيها وأنت في سعادةٍ تامة، لا يشوبها أي كدر، في حالة فرحٍ، واستبشارٍ وسرورٍ دائم، ليس هناك ما يُنَغِّص عليك تلك الحياة، ولا يشوبها أي كَدَرٍ يؤذيك أو يزعجك.

فالآيات المباركة واضحة تماماً، تحدثت عن ميزةٍ لهم، أَكَّدها أيضاً بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}[البقرة:154].

ومع هذا الوضوح والبيان، البعض لا يستوعبون هذه الحقيقة كما هي، بوضوحها التام، وقد بيّنها الله في آياته البيّنات: (لَا تَحْسَبَنَّ)، (وَلَا تَقُولُوا) أيضاً، هذه كافية في أن تكون النظرة مختلفة، وأن نعي هذه الميزة للشهادة والشهداء، وأنها حقيقية.

لماذا هذا التكريم العظيم المعنوي والمادي، وهذا المقام الرفيع؟ لأنه أيضاً يُعَبِّر عن منزل عالية عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ومرتبة رفيعة، هذا بكله يدل على أهمية الجهاد في سبيل الله تعالى وفضله؛ لأن الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عندما قدَّم هذا العطاء العظيم لمن يقتلون في سبيله، هذا يُشَجِّع الكثير من الناس، ممن قد يكون العائق أمام انطلاقتهم هو الخوف من الموت، وهو يعتبر من أكبر العوائق التي تؤثِّر على الكثير من الناس.

الكثير من الناس يتأثرون بحرصهم على البقاء في الحياة، وخوفهم من الموت، فعندما قدَّم الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هذا العطاء، وهذا التكريم العظيم، هو يعالج أكبر مشكلة وعائقٍ نفسيٍ لدى الكثير من الناس، وبالتالي عندما يعرف الإنسان ويثق ويؤمن بأن الشهادة في سبيل الله يترتب عليها هذا النعيم العظيم، وهذا التكريم العظيم، يشجعه ذلك للانطلاقة، فهو ينشد تلك الحياة العظيمة، التي هي أهنأ وأسعد وأرقى من هذه الحياة.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]   

كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي

حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة

الخميس 19 جمادى الأولى 1446هـ 21 نوفمبر 2024م


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر