إذاً التقوى هي كفيلة بأن تبني واقعنا، واقعاً متميزاً قائماً على أساس الشعور بالمسئولية، وعلى أساس التحرك القائم على أساسٍ من المبادئ والأخلاق والالتزام، نخاف الله وندرك أن الله يحاسبنا ويعاقبنا، وأن أي حالةٍ من الخروج عن أمر الله أو التجاوز لحدوده في أي شأنٍ من شئون الحياة، في أي واقع، في أي ميدان، في أي مجال، معناه أن الإنسان يورط نفسه، يسبب لنفسه عقاب الله، وعذاب الله، وبأس الله سبحانه وتعالى.
وإذا عدنا إلى واقع أمتنا الإسلامية بشكل عام، واقعنا العام كأمةٍ مسلمة، واقع المليار والستمائة مليون مسلم في العالم، الواقع المؤسف المحزن المؤسي، ندرك الأهمية الكبيرة للتقوى، وأن أمتنا المسلمة بشكل عام هي في هذه المرحلة أحوج ما تكون إلى التقوى، فالتقوى سيكون لها الدور الأساسي في تصحيح واقع الأمة، وفي تغيير واقع الأمة، وفي إصلاح واقع الأمة.
يبدأ أثر التقوى بدءاً من نفسية الإنسان في واقعه الداخلي، في صلاح نفسه، ولذلك هذا الشهر الكريم من أهم ما فيه أنه فرصة كبيرة وحقيقية للتغيير، لتغيير واقعك النفسي، وتصحيح مسارك في الحياة، وانطلاقتك في الحياة، لتتحرك بشكل مسئول أمام الله سبحانه وتعالى، وهذا أساسٌ للتغيير في الواقع العام {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}(الرعد:11) تبدأ عملية التغيير من النفس، من النفس، والتقوى هي التي ستسهم في تحقيق هذا التغيير في واقعك النفسي، في بناء واقعك النفسي وحالتك النفسية.
الأمة الإسلامية في واقعها المعروف، الواقع الذي يمثل مأساةً حقيقية، أحوج ما تحتاج إلى التقوى، على مستوى الحكومات، على مستوى الشعوب، على مستوى القوى السياسية، على مستوى المكونات، كل المكونات الفاعلة، المكونات على مستوى الفئة الثقافية، أو العلمائية، كل فئة من فئات المجتمع، الجميع بحاجة إلى التقوى وصولاً إلى كل فرد بلغ مرحلة التكليف، الجميع بحاجة إلى التقوى، التقوى ستمثل حلاً مهماً، أو عاملاً أساسياً في تصحيح هذا الواقع المؤسف.
فالتقوى ليست فقط حالةً نفسيةً مخزونةً في جوانح الإنسان، لا أثر لها في الواقع ولا ارتباط لها في الواقع، وليست مجرد حالةٍ شكلية، التقوى ليس ميدانها الوحيد هو المسجد، أو الملبس، أو الشكل، أو إتقان بعضٍ وقليلٍ من العبادات، لا يكفي في حالة التقوى أن تكون ملازماً للمسجد فتعتبر بهذا وحده من عباد الله المتقين، وأنك مهتم بصلاة الجماعة، وأنك تهتم ببعض العبادات، أنك تلتزم شكلاً معيناً في ملبسك. لا. التقوى حالة شاملة، انضباط شامل، تحلٍ بالفضائل والتزامٍ بالمبادئ والقيم في واقع الحياة، في ميدان الحياة بكلها.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بعنوان (التقوى)
القاها بتاريخ: 2/ رمضان/1434هـ
اليمن - صعدة .