ثم كذلك الخطر الآخر، والمشكلة الثانية، والأثر الثاني لهذه الجريمة الشنيعة، القبيحة، السيئة، الرذيلة، المدنِّسة للإنسان: أثرها السيء على المستوى النفسي، الله يريد لنا كمؤمنين وكمجتمعٍ مسلم أن نتزكى، أن تكون نفوسنا نفوساً زاكية، طاهرة، مشاعرنا نظيفة، قلوبنا ووجداننا نقي، الزكاء في النفس من أهم ما يحتاج إليه الإنسان لصلاح العمل، وللاستقامة في هذه الحياة، والنفس الزاكية هي التي تتجذر فيها مكارم الأخلاق، وتنمو فيها المشاعر الطيبة؛ وبالتالي يكون لهذا الأهمية الكبيرة في الواقع العملي في واقع الحياة، الإنسان إذا كانت نفسه زاكية يكون عطاؤه في هذه الحياة عطاءً جيداً، عطاءً إيجابياً، عطاءً سليماً، نتائج جهده في هذه الحياة نتائج إيجابية، اهتماماته اهتمامات جيدة، أعماله أعمالاً جيدة… وهكذا يكون لزكاء النفس الأثر الكبير في واقع الحياة وفي مسيرة الحياة، في الأعمال والاهتمامات والمواقف، يقف المواقف الصحيحة، المواقف الإيجابية، يستطيع أن يتحرك في هذه الحياة وينهض بمسؤوليته، يكون أكثر صبراً، وأعظم قوةً وتماسكاً نفسياً في مواجهة التحديات، وفي مواجهة الصعوبات، وفي النهوض بالمسؤوليات.
إذا خسر زكاء النفس، وتدنست نفسه، فهذه حالة خطيرة على الإنسان، يكون ميَّالاً إلى حدٍ يفقد فيه توازنه وانضباطه، يكون ميالاً إلى الرذائل، نحو المفاسد، نحو الأشياء السيئة، يصعب عليه أن يضبط نفسه ومشاعره؛ وبالتالي أن يتوازن في مواقفه وأعماله، تتغير نفسيته، تتغير اهتماماته، تتغير وتتبدل مشاعره، تتأثر أيضاً أعماله بالتالي، مستوى التحمل، والتوازن، والتماسك، والاستقرار النفسي والمعنوي لديه يختل، وهذا يؤثر عليه في مواقفه، في تصرفاته، في أعماله… في أشياء كثيرة، أيضاً مكارم الأخلاق تنقلع جذورها من نفسه، يصبح دنيء النفس، منحط النفس، يكون متقبلاً ومستسيغاً للأمور القذرة، والرذائل، والخسائس، والنقائص، ميَّالاً إلى سفه الأمور، منحطاً في تصرفاته، وهذا يوجه ضربة قاضية لإنسانية الإنسان، كرامة الإنسان، لهويته الإنسانية، يكون قريباً من حالة الحيوانات الأخرى، التي لا تعيش في واقع حياتها التوازن النفسي؛ لأنها تتبع الغرائز، الحيوانات الأخرى تشتغل بالغريزة، لا تشتغل بالضوابط الأخلاقية والشرعية، بالغريزة، ولا لوم عليها؛ لأن حالها يختلف عن الإنسان، حال الكلاب، حال الحمير… حال الحيوانات الأخرى؛ أما الإنسان فاللوم عليه، هو في موقع التكليف، هو الذي منحه الله ورسم له طريق الخير والشرف والكرامة والمؤهلات والعوامل المساعدة التي تساعده على سمو النفس وزكائها.
والمسألة خطيرة جداً، الإنسان إذا تدنَّست نفسه، وإذا ألحق بعمق نفسه ومشاعره هذا الأثر السيء للرذائل والمفاسد؛ يتأثر تلقائياً في أعماله، وفي مسيرته في الحياة، ولهذا يركِّز الأعداء (أعداء الأمة) يركزون على نشر هذه المفاسد؛ لأنها تحقق لهم هذه الأهداف جملةً وتفصيلاً: فصل الناس عن الله -سبحانه وتعالى- في رعايته، في نصره، في تأييده، في توفيقه…إلخ. إبعاد الناس عن العلاقة الإيمانية بالله، وما يترتب عليها من نتائج إيجابية في الرعاية الإلهية، وأيضاً في الأثر النفسي، ثم كذلك ما يترتب على الموضوع من تأثيرات نفسيته سلبية جداً، والتأثيرات- كذلك- في الواقع العملي، وهذه مسألة خطيرة جداً.
إنَّ سمو النفس وزكاءها ومكارم الأخلاق هي أغلى رصيد يمتلكه الإنسان، أغلى من المال، أغلى من كل ثروة، أغلى من كل ما يمكن أن تمتلكه في هذه الحياة: سمو النفس وزكاءها ومكارم الأخلاق، عندما تكون إنساناً بما تعنيه الكلمة، تمتلك نفساً زاكية، نفساً طموحةً للخير، نفساً خيِّرةً صالحةً، نفساً تحمل في وجدانها في مشاعرها مكارم الاخلاق المتجذرة في أعماقها: إنساناً شهماً، إنساناً ذا مروءة، هذه نعمة كبيرة، هذا شرف كبير، إنساناً غيوراً، إنساناً يتوق لمعالي الأمور، إنساناً تتجذر فيه الكرامة الإنسانية، هذا هو أهم رصيد تمتلكه في هذه الحياة، أغلى من كل الدنيا، وأعز من كل شيء، فإذا خسرت هذا المعنى الإنساني: الإحساس بالكرامة، بالعزة، بالشرف، بمكارم الأخلاق، وتبدَّلت مشاعرك إلى مشاعر السوء، والانحطاط، والخسة، والدناءة، والرذيلة، والميل وراء الأشياء السيئة؛ هذه خسارة، أنت تنحط من الواقع الإنساني إلى حالة الحيوانات- كما قلنا- التي تتحرك في حياتها بالغريزة وحسب، على أساسٍ الغريزة، الإنسان هيأ الله له أن يضبط غرائزه: سواءً في الأثر الإيماني والتربوي، أو في التشريعات الإلهية التي تمثِّل عاملاً مهماً ومساعداً يساعد الإنسان على ذلك.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الخامسة عشر
جريمة الزنى وآثارها المدمرة للإنسان والحياة
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الخامسة عشر
مايو 23, 2019م