قدَّم الله -جلَّ شأنه- نموذجاً آخر وهو ذو القرنين في سورة الكهف، مع التمكين العجيب له، وهو كذلك مكَّن الله له تمكيناً عجيباً، كيف كان تعامله، كيف كان اهتمامه بالناس، كيف كانت روحيته، كيف كانت قواعده في العمل: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا} [الكهف: 87-88]، قاعدة في التعامل مع الناس، اهتمام كبير بأمرهم، سعي لدفع الظلم عنهم، في قصة أولئك القوم، وما كانوا يعانونه من يأجوج ومأجوج، كيف عمل ردماً يحول بينهم وبين التمكن من الاقتحام إلى أولئك القوم وظلمهم، في نهاية المطاف وبعد إنجاز ذلك المشروع العملاق، مشروعاً عجيباً، ومشروعاً عملاقاً، كيف قال؟ هل قال: [هذا إنجازي، أنا رجلٌ عظيم، أنا كذا، أنا أنا أنا أنا...] ويفتح مجالاً للآخرين ليأتوا ليتحدثوا عنه على طول؟ أم أنه قال: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي}، {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [الكهف: من الآية98]، حاول أن يشدهم إلى الله -سبحانه وتعالى-، وأن يقدِّم ما مكَّنه الله فيه، وما وفَّقه له بأنه نعمة من الله، وهذه هي الحقيقة.
وهكذا قدَّم القرآن الكريم نماذج راقية متعددة، وقدَّم التاريخ الإسلامي نماذج عظيمة في سيرة الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- ما يكفي ويفي في سعيه لإقامة العدل، في سلوكه، في سيرة الإمام علي -عليه السلام- وهو الذي قال: (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملةٍ أسلبها جلب شعيرةٍ ما فعلت)، هذه الدرجة العالية جدًّا من العدالة، هذه الدرجة العالية جدًّا من الإحساس بالمسؤولية، هو الذي قال وقد أشار إلى نعله، يعني: حذائه البالي، أشار إليه وقال: (إنَّ إمرتكم لا تساوي عندي هذا، إلَّا أن أحيي حقاً وأميت باطلاً)، ليس هناك أي نظرة شخصية، ولا حسابات شخصية، ولا مصالح شخصية، ولا مكاسب شخصية، ولا مقاصد شخصية من وراء تحمل المسؤولية، وتقلد المسؤولية، والعمل في إطار المسؤولية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
وما الله يريد ظلماً للعالمين (4) الظلم من موقع المسؤولية.. من أخطر الظلم.
المحاضرة الرمضانية الخامسة عشرة 1441هـ 08-05-2020م.