مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

في ذلك الجو نفسه، في تلك البيئة نفسها، بين تلك الأمة المتواجدة في مكة، هناك أيضاً تعطش وإظهار للرغبة بنيل شرف الهداية الإلهية والرسالة الإلهية، بما أنَّ أهل الكتاب كانوا في أصقاع أخرى ومناطق أخرى يحاولون أن يتطاولوا على الناس من حولهم بأنهم هم أهل الكتاب، وفيهم الرسل والأنبياء، كان العرب في مكة وكانت قريش تتمنى لو أنَّ الله يبعث فيها رسولاً، أو يجعل فيها كتاباً، بل نقل القرآن الكريم فيما يتعلَّق بهذه الأمنيات قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ}، كانوا في أمنيتهم وفي رغبتهم التي يظهرونها في أن يأتي منهم نذير، وأن يحظوا بهذا الشرف الكبير، وألا يبقوا في حالة الأمِّيَّة التي يعيشونها: لا كتاب لهم، لا نبي لهم، لا مشروع لهم، كان يصل بهم الحال أن يقسموا بالله {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}: أبلغ الأيمان، {لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ}: أن يتفوَّقوا على الأمم الأخرى في الاهتداء بهدى الله -سبحانه وتعالى- والإتِّباع للنذير والرسول، لكن الله -جلَّ شأنه- قال: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 42-43].

 

يقول الله -جلَّ شأنه- عنهم أيضاً: {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ} [الصافات: الآية167]: كانوا قبل بعثة النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: 167-169]، كانوا يزعمون أن لو بقي بينهم كتاب من كتب الله -سبحانه وتعالى- وهدى يتمسَّكون به، لكانوا على هذا النحو الذي يتميَّزون به على بقية الأمم، {لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}، لما أتى هذا الذكر وهذا الهدى ماذا فعلوا؟ {فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الصافات: الآية170]، فإذاً كانت البيئة مهيأة لأن تكون هي المنطلق لهذه الرسالة الإلهية.

 

المشكلة عندما أتت هذه الرسالة الإلهية في هذه الظروف المهيأة لانطلاقتها، لم يحظَ ذلك المجتمع بشرف حمل هذه الرسالة، والنهوض بهذه المسؤولية العظيمة والمهمة، ونيل هذا الشرف الكبير في حمل راية الإسلام.

 

الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- عندما بعثه الله بالرسالة استفاد من كل هذه الظروف لتصل رسالته ويصل صداها إلى بقية المجتمعات التي تأتي إلى مكة للحج، فعلمت به، وسمعت منه، وتعرَّفت عليه، ونقلت خبره وخبر رسالته، والمبادئ التي يعلنها في هذه الرسالة الإلهية، نقلتها إلى بقية المجتمعات، واستفاد أيضاً من هذا القدر من الاستقرار الذي لم يكن متهيِّئًا في بقية المجتمعات ليبدأ بهذه الرسالة الإلهية، ويتحرك بداية حركته التي تحتاج في بدايتها إلى هذا القدر من الاستقرار.

 

ثم أيضاً استفاد من هذا المركز الديني الذي تركِّز عليه المجتمعات الأخرى، وهي متطلعةٌ إليه، استفاد من كل هذه العوامل، وبدأ بإعلان الرسالة الإلهية والصدع بها والتبليغ لها، واجه المشاكل والتحديات في ذلك المجتمع.

لماذا تنكرت قريش للرسالة الإلهية؟ دراسة مهمة

 

فإذا أتينا لدراسة واقع هذا المجتمع، ما هو المانع له عن استقبال هذه الرسالة التي هي رسالة عظيمة، ورسالة هدى، ورسالة حق، مع أنهم كانوا يتمنون أن يأتي منهم رسول، وأن يأتي فيهم نبي، وأن يُبعث فيهم نذير، وكانوا أيضاً يتمنون ويزعمون لو أنَّ عندهم {ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ}، أنهم كما يزعمون لكانوا {عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}، فلماذا كانت ردة الفعل من جانب الكثير منهم سلبية؟ {فَكَفَرُوا بِهِ}، {مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ}، ما هي العوامل التي تؤثِّر على بعض المجتمعات فتحول بينها وبين القبول بالحق، وبين الإيمان بالحق، والاهتداء بهدى الله -سبحانه وتعالى-؟ رسالة الله في أصلها رسالة جذَّابة وعظيمة، مبادئها مبادئ عظيمة، والحق فيها واضح، والقيم والأخلاق التي تدعو إليها هي منسجمة مع الفطرة البشرية، دين الله هو دين الفطرة، {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: من الآية30]، ما الذي يؤثِّر على بعض المجتمعات فتتخذ المواقف السلبية التي تصل أحياناً ليس فقط إلى مستوى التنكر والنفور من تلك المبادئ والقيم الإلهية، والابتعاد عن الرسالة الإلهية، والتنصل عن النهوض بهذا الشرف العظيم، إنما إلى مستوى المحاربة لهذه الرسالة الإلهية، والسعي إلى القضاء على كلِّ من يحمل هذه الرسالة ويدعو إليها.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

المحاضرة الثانية بمناسبة الهجرة النبوية 1441هـ

 

 

 

 

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر