نحن كشعبٍ يمنيٍ بهويتنا الإيمانية وانتمائنا للإسلام، ونحن أيضاً جزءٌ من هذه الأمة المستهدفة، لكن لبلدنا حصته من هذا الاستهداف الذي هو استهداف شامل.
طبعاً سنتحدث في إطار العناوين عن هذا الاستهداف الشامل الكارثي المدمر، الذي له غاية خطيرة جدًّا، ولكننا سنسعى للاختصار؛ لأننا لو دخلنا في شرح التفاصيل، والدخول في كثيرٍ من الشواهد، لطال بنا الحديث، ولتأخرنا كثيراً، فسنحرص على الاختصار، وسندع للإخوة في الإعلام: الإعلام الرسمي عندنا في صنعاء، وقناة المسيرة أيضاً، والإعلام الوطني، والإعلام الذي يتخذ موقفاً حراً تجاه الاستهداف الأمريكي للأمة، سندع لهم الفرصة للعناية فيما يتعلق بالشواهد في كل عنوان من هذه العناوين:
الاستهداف والسيطرة العسكرية بأشكالها
في مقدِّمة هذا الاستهداف: هو الاستهداف العسكري؛ بهدف السيطرة عسكرياً، مثلما حصل مثلاً: أمريكا اجتاحت آنذاك العراق عسكرياً، قبله اجتاحت أفغانستان عسكرياً، فهي تجتاح بعض البلدان بشكل اجتياح عسكري، وبعض البلدان لا تحتاج في السيطرة العسكرية عليها إلى عملية اجتياح، بل تخضِع السلطة في ذلك البلد، أو المكونات الموجودة في ذلك البلد إلى القبول تلقائياً بالسيطرة العسكرية الأمريكية، وحينها تقوم أمريكا بإنشاء قواعد عسكرية لها، تختار لها أهم الأماكن الاستراتيجية في البلد، التي تضمن لها السيطرة العسكرية، وهذا ما حصل بالنسبة لليمن، السلطة خضعت وأذعنت ووافقت على أن تفتح البلد للسيطرة العسكرية بهذه الطريقة: من خلال التواجد العسكري الأمريكي تحت عنوان تدريب الجيش، فأتى الأمريكيون بأعداد كبيرة باسم مدربين، وباسم مستشارين، ثم بقواعد عسكرية، وصل الحال في سنوات معينة أن أصبح لهم قاعدة عسكرية في وسط صنعاء، بجوار السفارة الأمريكية، بجوارها قاعدة عسكرية لهم، وكانوا يتجهون إلى التوسع في ذلك، يعني: اتفقوا على قاعدة عسكرية أمريكية في العند، ويبدأ الأمريكيون وفق أسلوبهم المعروف بالتدريج، ثم يتزايد انتشار قواعدهم؛ حتى يضمنوا السيطرة الكاملة على المستوى العسكري على البلد بكله، فكان لديهم برنامج طويل عريض ليسيطروا من خلاله على اليمن بكله عسكرياً من خلال تلك القواعد العسكرية.
ليس هذا فحسب، السيطرة العسكرية من جانبهم هي تتجه أيضاً للسيطرة على الجيش، ليس فقط السيطرة بإنشاء قواعد موزعة بشكل مدروس عسكرياً، إنما تتجه للسيطرة على الجيش نفسه تحت عنوان التدريب، ثم بعد ذلك تحت عنوان الهيكلة… وما إلى ذلك، تتم عملية شراء ولاءات ضباط الجيش، وكبار قادته، والتأثير عليهم، والأخطر من ذلك: تغيير العقيدة القتالية للجيش، وتحديد من هو العدو وفق السياسة الأمريكية، وليس وفق الانتماء الوطني والهوية الإيمانية للجيش، وليس وفق التحديات والمخاطر الحقيقية على البلد، بل وفق ما يخدم أمريكا، يتحول من تعاديه أمريكا وإسرائيل هو العدو، ويتوجه العداء بشكل رئيسي إلى الداخل، وعلى المستوى الإقليمي وفق الرؤية الأمريكية والإسرائيلية، كما هو الآن ظاهر يعني في كثير من بلدان شعوبنا العربية.
أيضاً استغلال الجيش كأداة في اليد لتنفيذ عمليات عسكرية تقي الجانب الأمريكي تقديم الخسائر في جنوده وضباطه، فيمكن أن تدفع بالجيش ليخوض أي معركة، ويكون هو من يقدِّم الخسائر الكبيرة، ويبقي الأمريكي من هناك يعد الخطط، ويقدم التعليمات والتوجيهات…إلخ.
من ضمن السيطرة العسكرية: التحكم في القدرات العسكرية، وتحديد ما يسمح باقتنائه للجيش، وما لا يسمح، مثلاً: اتجهوا عندنا في اليمن إلى تجريد الجيش من كل الإمكانات والقدرات للتصدي لأي هجوم خارجي، ومن ضمن ذلك: الدفاع الجوي، ودمَّروا صواريخ ومعدات معينة للدفاع الجوي، ومن ضمن ذلك: القوة البحرية أضعفوها حتى أوصلوها إلى نقطة الصفر، ومن ضمن ذلك: بدأوا برنامجاً للسيطرة على الصواريخ وتدميرها، الصواريخ بعيدة المدى، التي يمكن أن يتصدى بها اليمن لأي عدوان خارجي، وبدأ البعض من المسؤولين يتحدث أنه: [لا حاجة لأي قدرات لمواجهة خطر خارجي أو عدو خارجي؛ إنما يتم الاكتفاء بما يتم التصدي به لأي شيء في الداخل]. وهذا موثق أيضاً إعلامياً.
أيضاً من أشكال السيطرة العسكرية التي حرصت عليها أمريكا: استباحة البلدان الإسلامية بشكل عام، وهذا حصل عندنا في اليمن عسكرياً، وفتح المجال أمام الأمريكي لتنفيذ أي ضربات عسكرية: سواءً جوية أو برية، في أي منطقة داخل ذلك البلد أو ذلك البلد، في أي محافظة، في أي مديرية، في أي مكان، وحوَّلوا الموضوع إلى عادي، يضرب الأمريكي من يشاء، متى يشاء، وأين يشاء، استباحة عسكرية، ومعنى هذا: انتهاك للحرية والاستقلال والكرامة، هذه شواهد وعناوين للسيطرة العسكرية، هناك تفاصيل كثيرة تتعلق بها، نأمل- إن شاء الله- أن يعتني بها الإخوة في الجانب الإعلامي، يمكن أن ينتجوا الكثير من البرامج، ويقدموا الوقائع والحقائق، وأن يستفيدوا من الارشيف الرسمي، والارشيف الصحفي.
السيطرة الأمنية ووسائلها
مع السيطرة العسكرية السيطرة الأمنية، السيطرة الأمنية تتم من خلال السيطرة على الأجهزة الأمنية، حدث عندنا في اليمن أن سيطروا على الأجهزة الأمنية كافة، وأنشأوا جهازاً جديداً آنذاك هو الجهاز المعروف بالأمن القومي، تحت تصرفهم المباشر، وسيطروا على الكثير من العناصر في الأجهزة الأمنية؛ ليشتغلوا كجواسيس لهم ولخدمتهم.
أضف إلى ذلك السيطرة على الوضع الأمني في البلد، يتحكمون هم في السياسة الأمنية، في الإجراءات الأمنية، في كثيرٍ من تفاصيل الوضع الأمني، بما يساعد على نشر الفوضى، والانفلات الأمني، وانتشار الجرائم، وكذلك الاغتيالات، وهذا لوحظ في الساحة اليمنية، ولوحظ بشكل متزايد، يعني: كان كلما زادت السيطرة الأمريكية على الدولة، وعلى مؤسساتها، وعلى أجهزتها الأمنية، وكلما نشط الأمريكيون في ذلك بخطط، ببرامج تحت عناوين تقدَّم بشكل إيجابي، ولكن الواقع يختلف؛ كانت حالة التسيب الأمني تزداد، الفوضى تزداد، الانفلات الأمني يزداد، وتيرة الاغتيالات تزداد… وهكذا.
نشر القاعدة، وكان هذا ملحوظاً بشكل كبير جدًّا، في البداية قال الأمريكيون: [هناك خمسة من القاعدة في اليمن]، خمسة أشخاص! وأتى الأمريكيون تحت هذا العنوان، ثم قاموا بنشرهم إلى مختلف المحافظات، حتى إلى داخل صنعاء، حتى إلى الحي الذي تتواجد فيه السفارة الأمريكية كانوا يتواجدون بشعاراتهم وبشكل علني، وفي محيط صنعاء أصبح لهم معسكرات، منها: معسكر في أرحب… ومعسكرات في مناطق أخرى، وتواجدوا في عمران، وفي أطراف صعدة، وتواجدوا في مناطق من حجة، وتواجدوا في مناطق الجوف، ومناطق مأرب، هيَّأت لهم بيئة عجيبة للانتشار بشكل كبير، وكان من الواضح جدًّا أنَّ أمريكا تهيِّئ لهم هذا الانتشار، وترعاه من خلال الأجهزة الرسمية التي سيطرت عليها، وتهيِّئ لهم الظروف.
السيطرة على القرار والعملية السياسية
أيضاً مما تستهدف أمريكا فيه أمتنا، واستهدفت فيه شعبنا: السيطرة على القرار السياسي، وعلى العملية السياسية، من العناوين الفرعية لهذا العنوان: التدخل والتحكم بسياسات الدولة داخلياً وخارجياً، تتحكم في السياسة الخارجية للدولة، وفي علاقاتها الخارجية، وفي مواقفها الخارجية، لهذا شواهد كثيرة جدًّا، والسياسات الداخلية أيضاً، في أمور كثيرة، سنأتي أيضاً إلى تفاصيل أكثر، والسيطرة على القرار السياسي في البلد.
أيضاً السيطرة على برامج الدولة، والتدخل في عمل الوزراء والمسؤولين، وفرض إملاءات عليهم، وهذا كان يتم بغطاء إعلامي حتى يعني، الإعلام يغطي لقاءات السفير الأمريكي والمسؤولين الأمريكيين مع مختلف الوزراء، والتي هي لقاءات غير عادية، لقاءات من يأمر، من يفرض، من يلزم، من يوجِّه، من يقرر، من يتدخل في شؤون أعمالهم، في تفاصيل مسؤولياتهم.
أيضاً السيطرة على العملية السياسية، وحتى عندنا مثلاً في اليمن سعوا إلى هذا: السيطرة على العملية السياسية، وإدارتها بما يساهم على صناعة وضعٍ مأزوم، وجوٍ تنافسي على التقرب من أمريكا وإسرائيل بتقديم عروض وخدمات وتنازلات أكثر، فنجد كيف سعى السفير الأمريكي ومن معه من المسؤولين، ومن يأتي أحياناً من المسؤولين من أمريكا، إلى أن يكون لهم علاقة وارتباط مع كثير من الأحزاب والمكونات في البلد، وأن يصنعوا- وفق هذه الطريقة- جواً تنافسياً بين الكل، من يتقرب منهم أكثر، من يلتجئ إليهم، من يسعى للاحتماء بهم، من يسعى للاستقواء بهم.
كان التجمع اليمني للإصلاح يحاول أن يستقوي بالأمريكيين على المؤتمر، ويحاول المؤتمر- كذلك- أن يستقوي بهم عليه، ويحاول البعض من الأحزاب هنا، والبعض من المكونات هناك أن يفعلوا كذلك، ولكن بأي ثمن؟ بتقديم التنازلات التي تمس بالسيادة الوطنية والاستقلال والكرامة، وحتى تمس بانتمائهم الإيماني، وقيمهم، وأخلاقهم، ومبادئهم، الشواهد كثيرة جدًّا، التفاصيل كثيرة جدًّا، إن شاء الله يهتم الإخوة في الإعلام بتقديمها، وهذه كانت مسألة خطيرة جدًّا، إفساد للعملية السياسية التي يجب أن تكون محكومة بما يحقق المصلحة الحقيقية والفعلية للشعب بشكلٍ عام، ويعزز حالة الإخاء والتعاون بين أبناء البلد بما فيه الخير، وما فيه مرضاةٌ لله “سبحانه وتعالى”، وأن تبقى أيضاً محكومةً بالمبادئ والقيم والأخلاق الإيمانية؛ باعتبار الانتماء لهذا البلد، ولكن الذي حصل هو ما ذكرناه، وهذا أمر مؤسف!
وأيضاً كان من نتائجه: أنَّ ذلك الوضع الذي فيه تنازع كبير، وشحن، وتعقيدات ما بين المكونات، وتنافس حاد جدًّا، والأمريكي يتقن هذه اللعبة بشكل كبير، هو على النحو الذي يحول دون نجاح أي طرف من الأطراف، أو حزب من الأحزاب، أو مكون من المكونات لأن يقدِّم شيئاً فيه خدمة حقيقية ومصلحة حقيقية لهذا البلد؛ لأن كل طرف كان يسعى لإفشال الطرف الآخر حتى لما فيه مصلحة لهذا البلد، حالة من الشحن والجو التنافسي الشديد والحاد.
السيطرة على التعليم والخطاب الديني
أيضاً يدخل ضمن هذا الاستهداف الشامل كما قلنا: السيطرة على التعليم؛ بهدف السيطرة الثقافية والفكرية، واحتلال العقول والقلوب، والسيطرة على التوجهات، هذا أخطر أشكال الاحتلال، وأسوأ أشكال السيطرة: السيطرة على الإنسان في ثقافته، في فكره، وكان من خلال السيطرة على التعليم والإعلام.
السيطرة على التعليم: حرصوا على السيطرة على المناهج الدراسية، وبدأ الأمريكي يتدخل في صياغة هذه المناهج، وفي مضامينها، وفيما يبقى، وفيما يحذف، وبدأ مشواراً خطيراً ولمَّا يكمل في هذا المشوار الخطير جدًّا، والتركيز على المعلمين والمعلمات من خلال نشاط يستهدفهم في إطار دورات معينة؛ لإفسادهم، ولتضليلهم، ولتشغيلهم بما يخدم الأهداف الأمريكية؛ حتى يكونوا منابع للضلال، وفي التركيز على الطلاب من خلال المعلمين والمناهج، ومن خلال أنشطة وبعثات خاصة تستهدف البعض من الطلاب، ونخب من الطلاب الأذكياء، والتفاصيل أيضاً هنا سنحيلها إلى الإخوة في الجانب الإعلامي؛ لكي لا يطول بنا الحديث جدًّا.
مما سعى له الأمريكيون: السيطرة على الخطاب الديني والمساجد، سعوا في التركيز على المساجد، وأن يعمم عليها خطاب معين، وأن يكون الخطاب الديني سواءً في المسجد، أو في المدرسة، أو في الإعلام، أو في… بكل أشكاله ووسائله، أن يكون محكوماً بموجهات معينة تخدم الأمريكي، وكان لهم أنشطة وبرامج من خلال الجهات الرسمية، ومن خلال منظمات اشتغلوا من خلالها لتحقيق هذا الهدف.
وأيضاً وصل بهم الحد في سعيهم للسيطرة على الخطاب الديني إلى محاربة القرآن الكريم نفسه، وهذا أمر خطير للغاية، وسيء جدًّا، ومن السيء جدًّا السكوت عنه، لقد حاولوا أن تحذف نصوص من القرآن الكريم في المناهج المدرسية، أن تزال عن المناهج المدرسية الآيات التي تتحدث عن الجهاد، الآيات التي تتحدث عن أعداء الأمة وخطورتهم، الآيات التي تعزز روح الاستقلال لدى الأمة، والحرية، والكرامة، والعزة… وهكذا، حرصوا على حذفها من المناهج المدرسية، حتى أنهم حذفوا من المنهج الابتدائي سورة (الكافرون)، وبعض السور كانوا يحرصون على حذفها، وأيضاً تغييب مثل هذه الآيات القرآنية في الخطاب الديني في المساجد، في خطب الجمعة، في الوسائل الإعلامية التي تقدم فيها برامج دينية…إلخ.
أضف إلى ذلك: سعيهم لتقديم مفاهيم محسوبة على الدين وليست منه؛ إنما يهدفون من خلالها إلى تدجين هذه الأمة لأعدائها، مثلاً: قدَّموا عنوان (القبول بالآخر) ليكون مفاده: القبول بالأمريكي يحتلنا، ويدوسنا، ويظلمنا، ويقهرنا، ويستعبدنا، وينهب ثرواتنا، ويحتل أرضنا، والقبول بالصهيوني اليهودي الإسرائيلي- الذي هو عدو- ليصادر فلسطين بالكامل، وليتآمر على أمتنا، وليفسد في أمتنا، وليظلم في أمتنا، وليعبث في أمتنا، فكان هذا هو هدفهم من عنوان (القبول بالآخر)، وليس التعايش في إطار بلدان هذه الأمة، التعايش كان حالة قائمة في إطار بلدان هذه الأمة، سواءً في اليمن، أو في العراق، أو… لم يكن يخرِّبه إلَّا التدخل الخارجي من أعداء الأمة.
سعى الأمريكي من خلال سيطرته على الخطاب الديني لصنع قالبين شكليين يقدِّمهما كمعبِّرين عن الإسلام: القالب والشكل الأول: هو التكفيريون، ولهم دور، ولهم عناوين، ولهم… تحدثنا في بداية الكلمة عن ذلك. والقالب والشكل الآخر: هم المنبطحون، الذين يروِّجون للسيطرة الأمريكية، ولتمييع الأمة، ولترسيخ حالة الاستسلام، ويروِّجون لمفاهيم- كما قلنا- من مثل عنوان (القبول بالآخر)، والذي يعني القبول بالأمريكي يحتل، وبالإسرائيلي كذلك يصادر فلسطين، ويظلم الشعب الفلسطيني، ويصادر حقوق هذه الأمة ويظلمها…إلخ. وكان هناك أنشطة وبرامج واهتمامات واسعة في هذا السياق، لا يتسع الوقت للدخول إلى التفاصيل.
السعي للسيطرة على القضاء والإعلام
سعى الأمريكي أيضاً للسيطرة على القضاء، مع أنَّ القضاء كان لا يزال متدهوراً، ولكنه سعى لأن يدهوره أكثر، سعى للسيطرة على أنظمته، قوانينه؛ بما يضيع العدالة، وبما يفقده دوره المأمول لإحقاق الحق، وإقامة العدل، وخدمة الشعب، وسعى لاستقطاب بعض القضاة ليكونوا ضمن التوجهات الأمريكية، فكان له لقاءاته، برامجه، أنشطته، اتفاقاته، التي هي موثقة بالصوت والصورة كما يقولون.
سعى للسيطرة على الإعلام والإعلاميين بدءاً بالإعلام الرسمي، وأصبح الإعلام الرسمي يقدِّم كل الأنشطة الأمريكية التي تهدف إلى السيطرة على هذا الشعب، التي هي تدميرية، هدَّامة، خطيرة، تقديمها بشكل مختلف آخر، وكأنها لهدف خدمة هذا البلد، ولمصلحة هذا البلد، ولتقوية هذا البلد، كل مشروع تآمري، كل خطة تدميرية في أي مجال من المجالات كان الإعلام الرسمي يقدِّمها بشكلٍ آخر وعناوين أخرى مخادعة.
امتد هذا إلى خارج الجانب الرسمي، إلى بعض الصحف، إلى بعض الإعلاميين، إلى بعض الكتَّاب، وأصبحوا يروِّجون للأمريكي، وللسيطرة الأمريكية، ويقدِّمون ذلك وفق ما يخدم أمريكا، ويسعون أيضاً في الأنشطة التخريبية والهدَّامة والفتنوية والسيئة على كل المستويات بما يخدم السياسة الأمريكية، إضافةً إلى أدائهم الإعلامي ضد من يعارض الهيمنة الأمريكية، ويسعى للتصدي لهذه الهجمة الشاملة، يتحدثون عنه بكل الافتراءات وبكل ما يشوهه.
السعي للسيطرة على الاقتصاد والثروة النفطية
سعى الأمريكي للسيطرة على الاقتصاد، وكان هذا واضحاً في السياسات الاقتصادية التي دفع النظام أكثر وأكثر إليها، مع أنَّ النظام لم يكن ناجحاً على المستوى الاقتصادي، ولم تكن له أهداف مهمة على المستوى الاقتصادي، لكن الأمر زاد سواءً مع التدخل الأمريكي وسعي الأمريكي للسيطرة الكاملة، اعتمد النظام الرأسمالي بشكلٍ كلي، اعتمد على القروض الربوية الخارجية المرهقة للبلد، والتي توظَّف في مجالات ليس فيها دعم للاقتصاد الوطني، واعتمد سياسات البنك الدولي التدميرية، التي يتضرر منها الشعب بشكل كبير جدًّا، وتوسع مساحة الفقر، وتحمل المواطنين الأعباء فوق الأعباء.
سعى الأمريكي ومعه من معه من المتحالفين إلى السيطرة على الثروة النفطية والغازية في البلد، إلى درجة أنه أفقد هذا الشعب الاستفادة منها، وأفقدها أثرها الاقتصادي، إلى درجة أنَّ الوضع الاقتصادي للشعب ما قبل استخراج النفط في البلد، كان أفضل مما بعد استخراج النفط في البلد، الوضع الاقتصادي للمواطنين، الواقع المعيشي للمواطنين كان قبل استخراج النفط أحسن، بعد استخراج النفط كان النظام يتحدث عن نهضة اقتصادية وثروة، ويقدم الوعود والآمال لهذا الشعب، لكن الذي يجري أنَّ الذي استفاد بشكل كبير من تلك الثروة هي الشركات الأمريكية والغربية، وبقي هذا الشعب بائساً ومعانياً. الشركات تلك دخلت بصفة الاستثمار، ولكن بشكل سيء جدًّا، مجحف بهذا البلد، بغبن كبير لهذا الشعب، وأصبحت هي الرابح الأكبر من الموارد النفطية في البلد والموارد الغازية، الرابح الأكبر، والشعب يحصل على شيء تافه من هذه الثروات، عائد محدود، وحتى عندما تباع له، تباع بأسعار غالية ومرتفعة، ولا زال الحال كذلك إلى اليوم.
وأيضاً من أشكال ومظاهر هذه السيطرة على الاقتصاد: ترسيخ مفاهيم خاطئة عن البلد في موارده الاقتصادية وثرواته البرية والبحرية، والنظام لم يقصِّر، كان يشتغل في ذلك وفق الطريقة التي تخدم أمريكا؛ لإقناع الشعب أنَّ هذا بلد فقير في موارده، لا يمتلك موارد اقتصادية، مع أنَّ لديه الموارد النفطية والغازية الواعدة، ولديه الزراعة ثروة ضخمة جدًّا وواعدة، ويمكن أن يهتم بها، ويطورها، ولديه الثروة الحيوانية، مورد ضخم وكان بالإمكان تقويته، وتطويره، والعناية به، ولديه- أضف إلى ذلك- الثروة البحرية الضخمة. على كلٍّ؛ سعى الأعداء إلى الشغل، وحتى اقتنع أكثر أبناء البلد بهذا.
مما حرص عليه وكان قائماً، ولكنه زاد بشكل أكبر، وتماشى معه النظام في ذلك بشكلٍ تام: الاعتماد على الاستيراد الخارجي لكل شيء، توجه التجار بتشجيع من النظام إلى الاستيراد لكل الأشياء، لكل الاحتياجات في البلد من الخارج، وتوقفوا عن التوجه للإنتاج الداخلي، حتى لأبسط الأشياء، فمن [الملاخيخ]، إلى الصلصة… إلى كل احتياجات الحياة من: المأكولات، والمشروبات، والملابس، والاحتياجات المنزلية… وكافة الاحتياجات، اتجهوا إلى تشجيع وتهيئة للاستيراد الخارجي، وفتح مجال كبير وإعراض كلي عن الإنتاج الداخلي، بل وضرب المنتج الداخلي، ضرب المنتج الداخلي، وكان هذا بشكل ملحوظ ومتسارع، وتعطلت زراعة القمح، وضُرِب انتاج البن، وتضرر الشعب في ذلك إلى حدٍ كبير.
من السياسات الاقتصادية ومظاهر السيطرة على الاقتصاد: أنهم عملوا على نشر المخدرات والترويج لها، ولا يزالون يفعلون ذلك، من ضمن ذلك: أنهم حولوا الزكاة إلى الموارد العامة، وأدخلوها في الموارد العامة والميزانيات العامة بعيداً عن مصارفها الشرعية، وهي ركن من أركان الإسلام، وله أهداف مهمة ومقدسة عظيمة، ومصارف محددة شرعاً، من ضمن ذلك: أنهم خصخصوا القطاعات العامة والخدمات الأساسية في: الصحة، والتعليم… وأشياء أخرى، والتفاصيل كثيرة، والكلام يطول.
السعي لنشر الفساد الأخلاقي.. وسائلهم وأساليبهم
من ضمن ما سعى له الأمريكيون في الاستهداف لهذا البلد ولهذا الشعب، ويفعلون ذلك على مستوى الأمة الإسلامية بكلها: السعي لنشر الفساد الأخلاقي والرذيلة؛ بهدف ضرب الروح المعنوية والأخلاق، وتمييع وإفساد الشباب والسيطرة عليهم، والتدمير للنسيج الاجتماعي الذي بنيته الأساسية هي الأسرة، في هذا الاتجاه أنشأوا وشغَّلوا شبكات واسعة للدعارة بالآلاف، أنشأوا وشجَّعوا على إنشاء ملاهي ليلية للفساد، بدأت آنذاك في تلك المراحل بدأت في صنعاء، وبدأت في عدن، وبدأت في بعض المحافظات، وكانت إلى ازدياد مستمر، أوعزوا حتى إلى الفنادق بالتغاضي عن كل حالات الفساد.
من ضمن ذلك: الترويج للتبرج والسفور، والاختلاط الفوضوي، والعلاقات المحرمة، وفي هذا السياق لهم أنشطة كبيرة جدًّا، نشطوا في المدارس، نشطوا في الجامعات، نشطوا في معاهد تعليم اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية، اشتغلوا في ذلك شغلاً كبيراً جدًّا، روَّجوا لذلك بعناوين مخادعة، مثل عنوان (الحرية)، أسوأ وأقبح تفسير للحرية أن يقدموا معناها بالدعارة وشرب الخمر، هذه الحرية عند البعض، أعوذ بالله! وسعوا من خلال ذلك أيضاً إلى نشر الإيدز، وروَّجوا لذلك، وأصبح مرض الإيدز وهذا العنوان من العناوين المنتشرة والشائعة، وأنشأوا لذلك منظمات موازية، وجمعيات موازية لينتشر الفساد وينتشر معه الإيدز؛ لتدمير صحة الشباب، ولنشر الأوبئة والأمراض.
مما سعى له الأمريكيون أيضاً: الترويج للخمور والمخدرات، سيما بين المسؤولين، وأصبح آنذاك الكثير من المسؤولين يتعاطى شرب الخمر، والبعض يتعاطى المخدرات، وبين الشباب ورجال المال والأعمال، كانوا يستهدفون البعض من رجال المال والأعمال بهذا: بالخمور، ويفسدونهم بذلك، وبالفساد الأخلاقي، هدفهم يعني من الخمور، والمخدرات، ونشر الرذائل، والفساد الأخلاقي: ضرب الإنسان في هذا البلد وفي الأمة بشكلٍ عام، ليتحول إلى إنسان رذيل، تافه، مجرم، يفقد الروح المعنوية والأخلاق والقيم الفطرية والإنسانية، يفقد العفة، والطهارة، والشرف، والغيرة، والحمية، والكرامة، والإنسانية، يتحول إلى إنسان مريض نفسياً، موبوء أخلاقياً، يتحول إلى إنسان مخمور، سكران، مصاب بالإيدز، تافه، لا يطمح لأي شيء مهم في هذه الحياة؛ يسيطرون عليه بكل بساطة.
حرصوا أيضاً على الاستهداف الصحي، من ضمن ذلك: الاستهداف بالإيدز؛ لأن هدفهم من نشر الفساد الأخلاقي ليس ليرتاح الشباب والشابات، هناك في الحلال ما يكفي ويفي في ذلك، ولكن هدفهم: تدمير الروح المعنوية والأخلاقية والصحة العامة بالإيدز والأوبئة الأخرى، وأيضاً كانوا يعملون على توزيع مواد غذائية، ومواد طبية أيضاً، ومعدات طبية ملوثة، بعضها ملوث لنشر الإيدز، بعضها ملوث لنشر السرطان، بعضها ملوث لنشر فيروس الكبد… وأمراض وأوبئة أخرى، وهناك تفاصيل تحدثت عنها آنذاك بعض الصحف، وانتشر الخبر عنها، وعُرِف ذلك رسمياً أيضاً، هذا أيضاً سنتركه للإخوة في الجانب الإعلامي.
أنشطتهم لاستهداف النسيج الاجتماعي
الاستهداف هو استهداف شامل على المستوى الرسمي والشعبي، هي تستهدف الكل: المسؤول والمواطن… وكل فئات ومكونات الشعب، وأيضاً هناك أنشطة اتجهت إلى الواقع الشعبي بشكل مباشر، وكانت خطيرة جدًّا، منها: سعى الأمريكيون لتعزيز الانقسامات في هذا البلد- كما يفعلون في بقية البلدان، بلدان أمتنا الإسلامية- بكل العناوين: المناطقية، وبدأت وتيرتها تزداد أكثر فأكثر في ظل أنشطتهم، واهتماماتهم، وخططهم، ومؤامراتهم، والمذهبية والعنصرية، اشتغلوا على هذا بشكل كبير.
سعى الأمريكيون إلى الفرز الاجتماعي: شباب لوحدهم، والمطلوب أن يكون هناك تشكيلات شبابية لوحدهم، وأن يكون هناك تحسيس للشباب أنهم لوحدهم بمعزل عن بقية الناس، وعن بقية المجتمع، نساء، وأتى عنوان المرأة، وحقوق المرأة، ونضال المرأة، وكفاح المرأة، وجبهة المرأة، ومعركة المرأة، هناك بمعزل لوحدها، حتى الأطفال بدأوا ينشطون في هذا الاتجاه؛ لفرز مسألة الأطفال، وعنوان هناك لوحده، وتسييس ذلك، يعني: يتحول هذا التقسيم فرز اجتماعي في البداية، وخصام اجتماعي وحقوقي، يتطور إلى فرز سياسي، فيقولون: [يجب أن يمثَّل الشباب لوحدهم في العملية السياسية والحوارات السياسية، وأن تمثَّل المرأة لوحدها في العملية السياسية والحوار السياسي]… وهكذا، مع أنَّ التكوين لهذا البلد كما هو حال بقية المجتمع البشري: أسرة، فيها رجال ونساء، وكبار وصغار، وذكور وإناث…إلخ. لكن هكذا؛ لتفكيك الكل حتى داخل الأسرة الواحدة، يشعر الشاب أنه لوحده، عليه أن يناضل ضد أبيه الذي أصبح طاعناً في السن، والمرأة هناك لتناضل ضد أبيها أو أخيها أو ابنها… وهكذا، والحضاري أكثر، والمتطور أكثر: هو الأكثر اهتماماً بذلك، وعنايةً بذلك، وتشدداً في ذلك، وشعاراته نشطة. سخافة وأي سخافة!.
سعادة المجتمع هي سعادة شاملة للأسرة بكلها، للرجال والنساء، الواقع الاجتماعي هو واقع مترابط، إذا هضم الرجل؛ هضمت المرأة، إذا هضمت المرأة هي وضعية الرجل فيها مهضومٌ في الأغلب، وبالذات في ظل المؤامرات الأمريكية؛ لأنهم يهضمون الكل: رجالاً ونساءً، ويظلمون الجميع، كما هو الحال في فلسطين وغير فلسطين.
أيضاً مما سعى له الأمريكيون: العناية بإنشاء وتفريخ منظمات كثيرة بعنوان منظمات المجتمع المدني، والبعض منها ذات أدوار سلبية، وعناوين وأنشطة ذات تأثير سلبي في الواقع المجتمعي الأخلاقي والإيماني والاجتماعي، وتؤثر على الاستقرار المجتمعي، ثم تسييس ذلك، وعندما تأتي الحوارات السياسية والعملية السياسية، يقولون: [يجب إشراك منظمات المجتمع المدني]، ألم تكونوا أنشأتم تلك المنظمات باسم أنها ذات مهام غير سياسية؟ فلماذا يصبح دورها سياسياً عند الحوارات السياسية؟! لماذا؟ لأن الهدف بعثرة المجتمع إلى أنهى مستوى، تقسيم المجتمع وفرزه وبعثرته، وتفريخ مكونات كثيرة، وبعثرة، وتشتيت عجيب جدًّا، لو أمكن لهم أن يشتتوا كل أسرة لفعلوا، وحصل فعلاً، بعض الأسر تشتتت.
السعي أيضاً لاستقطاب الوجاهات، وبدأ الأمريكيون يركِّزون على وجاهات القبائل واستقطبوا البعض منهم، والبعض عن طريق أدواتهم الإقليمية تم استقطابهم، أكثر من ذلك: سعى الأمريكيون– بما في ذلك في اليمن- إلى إنشاء ديانات وأقليات وتسييس ذلك؛ لتضييع سيادة الإسلام، بدأوا يقدِّمون اليهودية على أنها أقلية في اليمن، يجب أن تتساوى كلياً في أمر الدولة وأمر البلد مع المسلمين، ثم أتوا بالأحمدية والبهائية والملحدين، وسعوا إلى الإتيان بالمزيد والمزيد، ثم يجعلون الكل في مستوى واحد؛ لإضاعة سيادة الإسلام في هذا البلد، وهذا البلد مسلم، مع أنه كان يتعايش مع الأقلية اليهودية التي كانت موجودةً في البلد، ولكنهم لا يريدون التعايش، بل أكثر من التعايش يريدون انتزاع سيادة الإسلام، وتقليص الانتماء الإسلامي؛ محاربة للإسلام وللانتماء للإسلام بنفسه.
السعي لتجريد الشعب من سلاحه
من أنشطة الأمريكيين الخطيرة جدًّا التي استهدفوا الشعب بها: أنهم بذلوا كل جهد لتجريده من سلاحه، اليمن يتوفر فيه السلاح للشعب، وبالذات السلاح الخفيف والمتوسط بشكل كبير، وهذا أمر إيجابي جدًّا، أمر إيجابي للغاية، الأمريكيون آنذاك بذلوا جهداً كبيراً، وتحركوا بحملة إعلامية وثقافية ومالية، تحرك فيها النظام معهم بكل جهد لسحب السلاح الخفيف والمتوسط، وقاموا بحملات لشراء السلاح من مختلف الأسواق التي تبيعه، ومن المواطنين، مع نشاط إعلامي دعائي لتشويه اقتناء السلاح: [أنك إذا توفر لك في منزلك سلاح خفيف أو متوسط فأنت إنسان متخلف جدًّا، غير متحضر نهائياً]، تطورت هذه الحملة في كل مساراتها: على المستوى الدعائي، وعلى المستوى التثقيفي، حتى أن مما حاربوه الزي اليمني هذا: الثوب والكوت والشال، وشجَّعوا جدًّا الطلاب، النخب، السياسيين على أن يلبسوا البنطلون والزي الغربي، لماذا؟ لكي يتركوا لبس الخنجر اليمني؛ لأنه لا يناسب لبسه على البنطلون، قال: [خلاص يعني، البس بنطلون لا عاد تلبس…]، حتى الخنجر (الجنبية) كانوا قلقين منه، وشنوا عليه حملات دعائية! حتى أنه مما اطلعت عليه آنذاك في بعض الصحف: حملات دعائية وتتجه إلى أنه حتى الصميل لا ينبغي أن يقتنيه الإنسان اليمني، الصميل: نوع من العصي الكبيرة المعروفة شعبياً، بمعنى: لا تقتن بندقاً كلاشنكوف أو غيره، لا تقتن سلاحاً متوسطاً، لا تقتن الخنجر، لا تقتن حتى الصميل، كن متجرداً من كل وسيلة للدفاع عن نفسك وللحماية، ونشطوا في هذا، وأتى تمويل سعودي آنذاك، أموال من السعودية لهدف شراء أكبر كمية من السلاح، ركزوا على هذا الموضوع جدًّا، النشاط التثقيفي التعليمي الإعلامي كان نشيطاً في ذلك، تسبب هذا طبعاً في ارتفاع أسعار السلاح، وتشويه هذه المسألة جدًّا، مع أنهم- الأعداء الأمريكيون، الإسرائيليون… وغيرهم- يسعون لاقتناء أفتك الأسلحة، وأكثر أنواع الأسلحة خطورة، بل في أمريكا نفسها يقتني الشعب الأمريكي السلاح، وهناك محلات في أمريكا لبيع السلاح من المواطن الأمريكي، وهذا بالنسبة لهم أمر معروف جدًّا ونشط، ومن أهم الأمور بالنسبة لهم.
العدو الإسرائيلي لديه نشاط للتعبئة العسكرية، والتدريب العسكري، والبناء العسكري، والتصنيع العسكري، واقتناء السلاح حتى السلاح النووي، وبناء الواقع الشعبي بناءً عسكرياً، وتعبئةً عسكريةً شاملة، حتى لمن يعتبرهم مواطنين من المستوطنين، يعني: وهم كلهم مستوطنون أعداء محتلون.
على كلٍّ اتجهوا عندنا بطرح آخر كمسلمين وكشعب يمني؛ تمهيداً للسيطرة التامة علينا في الوقت الذي نكون فيه قد فقدنا كل عناصر القوة، وكل وسائل القوة على المستوى المعنوي والمادي، وعلى مستوى السلاح الإيماني والسلاح العسكري، هذا جانب.
ولكن مضاف إلى كل ذلك: الأمريكي لا يفكر فيما يتعلق به فقط، الأمريكي في كل سياساته الرئيسية التي تتجه إلى بلداننا في العالم الإسلامي، دائماً يحسب حساب إسرائيل، ومصلحة العدو الإسرائيلي، وخدمة العدو الإسرائيلي؛ ولذلك كان إلى جانب هذه الأنشطة والاستهداف الشامل في كل هذه المجالات: اهتمام أيضاً بخدمة إسرائيل في وضع اليمن، كما هو في حال بقية البلدان بالتأكيد.
السعي لتوسعة النفوذ الإسرائيلي والتمهيد للتطبيع معه
سعى الأمريكي إلى فتح مسار للعدو الإسرائيلي لنفوذه في هذا البلد– كما في غيره- وللتطبيع معه، الأمريكي عنده اهتمام بالموضوع الإسرائيلي اهتمام كبير جدًّا، جزء من خططه الأساسية، جزء من اهتماماته الرئيسية، كان من أخطر ما حرصوا عليه آنذاك وعملوا لتنفيذه: السعي لتجنيس الصهاينة اليهود، بمعنى: أنَّ يجنِّسوا كل اليهود الذين أصبحوا صهاينة مستعمرين في فلسطين، محتلين في فلسطين، وكان ذهابهم من اليمن إلى فلسطين بالآلاف، ويزيِّدون عليهم، كانوا يزيِّدون كثيراً، بالذات شخصيات نوعية ذات مهام خطيرة، فيصبح لدى الصهيوني اليهودي الإسرائيلي المحتل جنسية يمنية، له- بناءً عليها- أن يأتي إلى اليمن ويفعل في اليمن كل ما يريد كمواطن يمني، ويحظى بكل الحقوق التي للمواطن اليمني: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية… وكافة الحقوق، ويتشغل هناك في فلسطين في إطار الكيان الإسرائيلي والعدو الإسرائيلي كإسرائيلي محتل ضمن ذلك العدو، وضمن ذلك الكيان المحتل، وهذه كانت قضية خطيرة للغاية؛ لأنهم يريدون أن يفتحوا هذا البلد للصهاينة ليأتوا فيفعلوا فيه كلما يريدون، ويتحركوا فيه بكل ما يشاؤون على كل المستويات وفي كل المجالات، وكل ما يفعلونه سيكون فيما يخدمهم، يقوِّي نفوذهم، يعزز من سيطرتهم، ويضر بأبناء هذا الشعب، ويظلم أبناء هذا الشعب، ويصادر حقوق أبناء هذا الشعب، ويساعد على سيطرتهم على اليمن، فتكون سيطرة أمريكية إسرائيلية مشتركة، هذا كان أمراً كارثياً، لهذا ما يثبته ويشهد له.
التمهيد ثقافياً وإعلامياً للتطبيع، وتحت أيضاً عنوان السياحة والاقتصاد، بدأت بعض الأقلام تكتب، حتى أنَّ البعض كتبوا: [أنَّ أصل اليمن يهود من أيام سليمان]، نسوا أنَّ ملكة سبأ قالت: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[النمل: من الآية44]، لم تقل أنها: [تيهودت]. أسلمت: إسلام، وأيضاً تحت عنوان السياحة والاقتصاد كان هناك مسارات يخططون لها، كان هناك لقاءات من بعض كبار المسؤولين بقادة ومسؤولين من الصهاينة، كان هناك نشاط وتنسيق عبر الجالية اليهودية في أمريكا، فالمسألة كانت خطيرة جدًّا؛ لأنها كانت ستمكِّن الإسرائيليين من السيطرة على هذا البلد.
في مقابل كل هذا التحرك الواسع الأمريكي والإسرائيلي الوضع الداخلي في البلد كان رديئاً أصلاً، وفيه الكثير من المشاكل والظروف المعروفة، أيضاً كان هناك الدور الرسمي متماهياً ومتقبلاً لكل هذا، ومنسجماً معه، وفاتحاً له كل الأبواب والنوافذ، وكثير من القوى السياسية والنخب كانت: إما صامتة ومستسلمة، أو متماهية وتتجه لتكون جزءاً من أدوات خدمة هذه المؤامرات والمخططات.
المحصلة لذلك: لو استمر كل هذا النشاط، كل هذا التحرك في كل هذه المجالات، بدون أي عائق- الباقون: إما ساكتون، وإما جزء من أدوات تنفيذ هذه المشاريع والمخططات- لكانت المسألة خطيرة جدًّا؛ لأن الأمريكي يتحرك بما يمتلكه من إمكانات هائلة، وقدرات ضخمة، وخبرات عالية، والإسرائيلي كذلك، لإفساد هذا الشعب وتدميره، واستهدافه في كل هذه المجالات، لو استمر كل هذا التحرك مع العصا والسوط، والضربات العسكرية، والاغتيالات، وكسب الولاءات، وتزييف الثقافات، لو استمر كل هذا التحرك الشامل من دون أي عائق، هل كان سيبقى اليمن يمن الإيمان والحكمة؟ لكان لليمن شكلٌ آخر ووجهٌ آخر، ولكانت المحصلة لكل هذا النشاط في كل هذه المجالات: هي الوصول بهذا البلد، الوصول بهذا الشعب إلى الانهيار في كل شيء: سياسياً، واقتصادياً، وأمنياً، وأخلاقياً، والتمزق الشامل، وهذا يسهل للعدو السيطرة الكاملة والناس في أسوأ وضع وفي أضعف حال، هذا ما كان يريده الأمريكي: أن يصل بالناس إلى أسوأ وضع وأضعف حال، وأن يفقدهم كل عناصر القوة، وكل عناصر الوحدة، وكل عناصر التجمع، كل عناصر الأخوة، كل عناصر التماسك، أن يبعثرهم ويمزقهم.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد القائد 1442هـ