من الجوانب المهمة جدًّا في الإيمان: الإحساس بالمسئولية تجاه الآخرين وتجاه الواقع: - أنت لا تعيش كمؤمن في هذه الحياة حالة من عدم الإحساس بالمسؤولية، يعني ترى أنك غير معني بشيء، مالك دخل من شيء، مالك هم بشيء، يحصل ما يحصل في الواقع من حولك ظلم، إجرام، طغيان، مشاكل، حتى استهداف يطالك أنت، ما تشعر بمسؤولية تجاه ذلك. |لا|، الحالة الإيمانية هي: حالة يترسخ فيها بعمق الشعور بالمسؤولية تجاه نفسك وتجاه الواقع من حولك وتجاه الأمة، بل وتجاه البشرية والإنسانية، وهذه مسألة مهمة جدًّا؛ لأن البعض يعيش حالة الاستهتار وعدم الإحساس بالمسؤولية ولا يبالي بشيء، والبعض يعتبر نفسه مسلماً عظيماً، الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- يقول في نصٍ مشهور بين الأمة ومعروف بين الأمة: ((مَنْ أَصْبَحَ لاَ يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ سَمِعَ مُسْلِماً يُنَادِي: يَا لَلْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، الانتماء هذا يجعلك تعيش الإحساس؛ لأنه يربطك بهذه الأمة كل شيء: مصيرك، حياتك، الخير والشر، البؤس والنعيم، الضر والنفع، مصيرك مرتبط بهذه الأمة وبهذا الواقع، إذا تنكرت، إذا كنت تتهرب من هذه المسؤولية، لن يعفيك ذلك عما سيطالك نتيجة هذا التنصل عن المسؤولية؛ ستسحقك الأحداث، وستطالك الأحداث إما بشرها أو بأخطارها، ولن يعفيك التنصل عن المسؤولية ولن ينفعك، لن يجديك شيئاً ولن ينفعك بشيء، أنت واحد من هذه الأمة، إذا كلٌ منا في هذه الأمة تنصل عن مسؤوليته وتفرج على الآخرين، إنما هو يهيئ الظروف لأن يأتي عليه الدور وهو في حالةٍ من الانفراد والعجز والضعف ليسحق بكل بساطة وبكل سهولة، إذا كلٌ منا أحس بالمسؤولية تجاه الآخر، فتعاونا، وتكاتفنا، وتظافرت جهودنا؛ كنا في منعة، كنا أقوياء، كان موقفنا قوياً ومجدياً وفعالاً ووصلنا إلى نتيجة عظيمة، لكن إذا كلٌ منا تنصل عن المسؤولية هيأنا الظروف لأن نسحق- في النهاية- بكل بساطة.
اليوم لاحظوا، أليس المسلمون في العالم بأكثر من مليار مسلم، يعني: أمة كبيرة جدًّامن حيث العدد، من حيث الجغرافيا، من حيث الإمكانات والقدرات المادية، من حيث الوفرة البشرية، لكنها ضعيفة، أمة ضعيفة، لا تعيش في واقعها اليوم في الساحة العالمية ولا تحضر في الساحة العالمية بثقل، مشتتة، شيءٌ منها مرتبطٌ في تبعيةٍ عمياء بالأعداء هناك، وشيءٌ منها بالأعداء هناك، وشيءٌ منها بآخرين هناك ممن ليس لهم اهتمام بأمر هذه الأمة ولا يفكرون فيها، وقسم كبير باقون هكذا في حالة من الفراغ، في حالة من الشتات، في حالة من الاستسلام، في حالة من الانتظار السلبي لما آلات الأمور أين تتجه، وأين ستصل بهذه الأمة.
هناك دول وهناك كيانات في الأرض لا تمتلك ما تمتلكه أمتنا الإسلامية، لا من حيث المنهج العظيم الذي فيما لو تمسكت به الأمة ارتقى بها، واعتزت به، وعظمت به، واستقوت به، ولا من حيث هذه القيم والأخلاق والمبادئ العظيمة التي ابتعدت عنها الأمة فضعفت بابتعادها عنها، ولا من حيث- أيضاً– الجغرافيا المهمة في موقعها في هذه الأرض، ولا من حيث القدرات المالية والإمكانات، بكل الاعتبارات والمقاييس، بقية الكيانات والدول لا تمتلك ما تمتلكه الدول الإسلامية، وتلك الدول اليوم أقوى حضوراً، أكبر تأثيراً، بل أمتنا اليوم ليست فقط غائبة عن المشهد العالمي في أن تكون قوةً فاعلة، مؤثرة من موقعها ومن حالة استقلالٍ هي عليه. |لا|، هي غائبة عن هذا، إلى متأثرة لا مؤثرة، وإلى مستَهدَفة لا مُستهدِفة، وإلى مسحوقة وليست في الموقع المتقدم الذي تتجه فيه إلى بقية العالم بحضورٍ فاعلٍ ومؤثرٍ لمصلحتها ولمصلحة البشرية من حولها، ثم تعيش حالةً صعبة، هذه الحالة من الضعف، من الاستهداف لها، من الاختراق لها، من التأثير فيها، من اقتطاعها بكل أشكال الاستقطاع: الاقتطاع الجغرافي، مساحات كبيرة أخذت عليها وتؤخذ، الاقتطاع البشري استحواذ على كيانات، على جماعات، على دول، على أنظمة… وسيطرة تامة عليها وتحريك لها كأدوات لا تبقى انطلاقتها مستقلة ونابعة من هوية هذه الأمة، وإنما من خلال ما يعبّر عن مصالح الآخرين وعلى أساسٍ من هذه القاعدة: انطلاقة تضمن تحقيق مصالح الآخرين الضارة بالأمة، المصالح العمياء والاستكبارية، هكذا هو الواقع.
الإسلام والإيمان والهوية الإيمانية ننطلق فيها نحس بالمسئولية تجاه الآخرين، بل نحمل إرادة الخير تجاه الآخرين، الإحساس الإنساني تجاه الآخرين، سيما من تجمعنا بهم هذه الهوية، الإحساس بالأخوة الإيمانية {} [الحجرات: من الآية10]، تصل حالة الإحساس بالآخر من حولك الذي تجمعك به هذه الهوية إلى هذه الدرجة من الإحساس (الإخوة بكل ما تعنيه الأخوة)، الإحساس بالمسئولية تجاه الآخرين والواقع، تحس بدورك في هذه الحياة، عليك مسئولية في إقامة الحق والعدل، في مواجهة الظلم والطغيان، في الرحمة، والخير…الخ.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة جمعة رجب 1439هـ / 5/ يوليو, 2019م.