عبدالفتاح حيدرة
ان حُسن او سوء المعاملة والسلوك والتصرف مع الآخر هي التي تصنع مواقف الحق والباطل بين الناس ، لذلك لا توجد نسخة واحدة منا تظل ثابتة، نحن نتبدل كل يوم على حسب ذلك ، فالشخص الذي أكونه اليوم مختلف بالضرورة عن الشخص الذي كنته بالأمس، وعن ذلك الذي كنته أول أمس، كل يوم يموت فينا شيء مما نريد أو لا نريد ، ويولد شيء آخر مما نريد أو لا نريد ، و الوعي الفردي الذي يفرق بين الحق والباطل هو وعي نادر جدا ، لأن الأهم منه هو الوعي الجمعي بذلك ، و لا يمكن أن يكون الوعي الذي يفرق بين الحق والباطل وعيا مجتمعيا وشعبيا وبشكل جماعي إلا إذا استسقاه الناس ولمسوه من تصرفات وممارسات ومعاملة النُخب المسئولة و الحاكمه له ، التي تدرك في معاملتها وسلوكها وتصرفها ان الواجب ليس وظيفه والدور ليس افضليه والمسؤليه ليست سلطه، وان الواعي باداء الواجب والدور والمسئوليه، سوف يكون هو صاحب وظيفه وافضليه وسلطه عليا ، لكن للأسف بعض المقصرين والفاشلين قد حولوا الدور والواجب والمسؤلية الى سلطة وأفضلية ووظيفه بلا وجه حق ولا منطق ولا عقل ..
بعد اعلان رئيسا جديدا لحكومة التغيير والبناء نحن اليوم امام إختبار كبير ، وتقييم كبير ، امام الله ورسوله والشهداء والسيد القائد والعالم كله ، فالوعي اليوم سوا كان وعي شخصي فردي او وعي مجتمعي شعبي هو عدم التأثر بكل ما سيعود على المطبعين مع الصهيونية المثلية من اغراءات الرخاء والأمن والسلام والانفتاح والتبادل التجاري والاستثمارات.. الخ ، وعدم التأثر هذا هو أحد عناصر مواجهة التطبيع اليوم ، اما الاستسلام و التأثر والدهشه واللهفه من عائدات التطبيع فهو فخ لا يستدرج إليه إلا المغفلين والفاشلين ، فالبعض يعتقد إن الصهيونية الآن ومن يطبع معها يعيشون أفضليه تاريخية ، مع ان اسرائيل ومن طبع معها للان ليسوا إلا دول لقيطه على التاريخ نفسه ، والاعتقاد هذا مبنى على وهم ترويجي وإعلاني ، مثله مثل الترويج والإعلانات عن أدوية العجز الجنسي ، اما الحقيقة الثابته والصحيحه والحقيقية هي ان من يعيش افضل مراحل التاريخ هو من يمتلك وعي التاريخ والجغرافيا ، ومن يواجه من خلال تراكماتهما كل انواع التطبيع مع الصهيونية المثلية والدول اللقيطه على التاريخ والجغرافيا..
إن التقصير والمقصرين والفشل والفاشلين هم من يزرع الإعتقاد الوهمي عند الشعوب اليوم ان اسرائيل والمطبعين معها ومع الصهيونية المثلية في العالم في قمة تاريخهم ، التقصير والفشل يجعلان المجتمعات خاليه من القيم ولا تمتلك مشروع، ولا تؤمن بالقيادة الحقيقية ، فالمقصر النخبوي والمسئول الفاشل صاحب السلطة اليوم وفي هذه المرحله أشبه بالجرح السرطاني ، إن تركته يتوغل وينتشر ، وإن تعاملت معه بمشرط الجراح تسارع إنتشاره وازدادت شراسته وخطورته ، والتقصير والفشل عاملان من عوامل توسع وانتشار التطرف في الصراع المجتمعي ، وكلما رأيت تقصير وفشل سوف ترى تطرف وصراع مجتمعي سواء كان يمينيا أو يساريا او حتى صراعات ممنهج ومدروسا استخباراتيا، حينها اعرف إنك لا تقف امام أفكار نخبه واعيه او مسئولين واعيين ، بل تقف امام نخبه مقصرة و مسئوليات فاشله ، تمارس صراع الثيران لا أكثر ولا أقل ، وهذا لن يؤدي لشيء سوى لمزيد من تكسير عظام مشروع القيادة الواعية للتغيير والبناء وتكبيل أطراف قيم ووعي ومشروع المجتمع ، ولن يخطو أحد معهم للأمام خطوة واحدة..
إن الوعي المجتمعي والشعبي الحقيقي في عملية التغيير والبناء لا يعرف إلا بذل الجهد المؤمن بالله و بنفسه وبقيادته من أجل العزة والكرامة والسيادة والاستقلال والتحرر بشكل كلي جماعي ، لا فضل لأحد فيه على آخر ، يعرف أن احتمالية الخطأ قائمة ، يعرف ان التورط والتأثر بالتطبيع والمطبيعين خيانه وعماله وخزي وعار وذل في الدنيا والآخرة، وهذا ان دل على شئ فانه يدل على أن التقصير والفشل لا يستنزف غير أطرافه لا أكثر ولا أقل ، ويعمل على تجهيل مجتمعه ، مما يعني غياب العلم والمعرفة والقيم والاخلاق ، وهذا الغياب يعني ان الجماهير لن تلجأ إلا لقواميس صراعات الجهل ومعاجم التفاهة والذل والتبعية والإرتهان ، لهذا لا يمكن أن يؤدي تقصير المقصرين او فشل الفاشلين إلى أى نوع من أنواع التأثر المجتمعي في التغيير بالسياسات والانحيازات والتوجهات ، إلا للأسوأ ، وبالتالي كل من يرى أن المقصرين والفاشلين ليسوا العامل الرئيسي في دفع الناس والمجتمعات للتأثر في ترويج التطبيع والمطبعين فهو إما ساذج أو إنتهازي أو متواطئ ، يعمل على خداع الجماهير وتزييف وعيهم ، بغض النظر عن الراية التي يرفعها والانتماء الذي يدعيه، ولو كانت صرخته تقطع الف جاكيت في اليوم..