أيضاً حالةٌ أخرى قد تحدث للإنسان في علاقته مع القرآن الكريم: هي حالة قسوة، وانعدام للتأثر والتفاعل قد تأتي على الإنسان في مسيرة حياته، قد يكون في مراحل معينة يتفاعل مع هدى الله، يتأثر بهدى الله -سبحانه وتعالى- حتى على مستوى نفسه، وعلى مستوى واقعه العملي، ولكن مع طول الوقت يتأثر بأشياء أخرى وعوامل أخرى، ويبتعد شيئاً فشيئاً، ويقسو قلبه شيئاً فشيئاً؛ حتى يصل إلى مستوى من انعدام التفاعل والتأثر بهدى الله -سبحانه وتعالى- وهذه الحالة حذَّر القرآن الكريم منها، يقول الله -جلَّ شأنه-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}[الحديد: الآية 16]، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا}: إلى متى سيظل الإنسان في هذه الحالة من البرودة، من عدم التفاعل مع هدى الله، من عدم التأثر بهدى الله -سبحانه وتعالى- إلى متى سيبقى الإنسان على هذا الروتين الذي يتعامل فيه مع هدى الله -سبحانه وتعالى- وبدون تفاعلٍ جاد، بدون توجهٍ عملي، بدون رجوع إلى واقع حياته ليصلح، تصبح المسألة عنده مجرد سماع، يسمع للموعظة حتى تنتهي، يسمع للتذكير حتى ينتهي، يسمع لآيات الله حتى يفرغ منها، لكن على مستوى العمل، على مستوى واقع حياته لا يتجه بجد ليصلح على ضوء ما سمع، لا يتجه بمصداقية على ضوء ما ذكِّر به من آيات ربه.
فنحن يجب أن نحذر من هذه الحالة التي قد تطرأ على الكثير منا، قد تطرأ علينا في واقع حياتنا أن نفقد تفاعلنا، تأثرنا مع هدى الله -سبحانه وتعالى- أن نتعامل بملل ونحن نسمع التذكير، نسمع التذكير بآيات الله وكأنه مجرد كلامٍ عادي، لم يعُد تفاعلنا معه بما ينبغي وهو كلام الله، وهو هدى الله، وهي آيات الله نذكَّر بها، حالة خطيرة جدًّا علينا، حالة من قسوة القلب، حالة من انعِدام التفاعل، حالة خطيرة جدًّا، ينتج عنها الانحراف والفسق، {فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}، عند قسوة القلب يصبح الإنسان جاهزاً للانحراف، وجريئاً على الانحراف، ولا مبالياً في إصراره على الخطأ، في إصراره على الذنب، في إصراره على التقصير، في إصراره على ما هو مخالفة لتوجيهات الله -سبحانه وتعالى- وهذه حالة خطيرة على الإنسان، نهايتها جهنم، عاقبتها النار والعياذ بالله.
وهذا يحصل للكثير من الناس، يتجه البعض في طريق الحق، ويتحرك في البداية بتفاعل واندفاع، مع الوقت يبدأ يتأثر بعوامل كثيرة، تأثيرات متنوعة تعقِّد نفسه، تصرف ذهنيته، تؤثِّر على أولوياته، تؤثِّر على اهتماماته، تؤثِّر على توجهاته، حتى يصل إلى درجة خطيرةجدًّا، تصبح علاقته بهدى الله علاقة ضعيفة جدًّا، تفاعله مع هدى الله على المستوى العملي تفاعل ضعيف جدًّا، تصبح أهواء نفسه، وتوجهاته الشخصية، ودوافعه الشخصية هي التي تحكمه، هي التي تؤثِّر عليه، هي التي يتشبث بها، ويعرض عن آيات الله -سبحانه وتعالى- تعتبر هذه حالة خطيرة جدًّا.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الثانية1441 هـ