مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

أليس الله هو الذي يعلم السر في السماوات والأرض؟ وهو الذي خلقنا وبدأ خلقنا من طين كما قال هنا: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} (السجدة: من الآية7) الذي أحسن كل شيء خلقه أليس بإمكانه أن يدبر شؤون ما خلقه على أحسن تقويم؟ بلى، بلى هو الذي يستطيع وهو وحده الذي يستطيع أن يدبر شؤون مخلوقاته بما فيها الإنسان وهو المخلوق المهم على أحسن تقويم، وكيف لا يعرف أن يدبر شؤونك وهو الذي خلقك وبدأ خلقك من طين (آدم) {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (السجدة:8).

فالله الذي خلقنا على هذا النحو ورأينا أنفسنا وعلمنا من خلال ما نشاهده في قضية التوالد أننا نمر بمراحل متعددة، فإذا ما استكملنا قوتنا، متى ما اتجهنا إلى الحياة، أليس الإنسان عندما يبلغ يتجه نظره إلى الحياة كلها؟ يريد هذا، ويريد هذا، ويبعد هذا، ويقرب هذا، ويجمع هذا، ويفرق هذا. يلتفت إلى الحياة كلها.

أفي هذه المرحلة بعد أن كنت في جميع مراحل حياتك السابقة تخضع لتدبير الله من يوم أن كنت ماء مهينا في رحم أمك فلما اشتد ساعدك وأصبحت نفسك تنظر إلى الحياة بنظرتها الواسعة وبمجالاتها الواسعة، قلت لربك: هذا لا يستطيع أن يدبر شأني، لا علاقة للدين بالحياة؟ الدين هو دين الله، أليس كذلك؟ دين الله هو هدايته، أي لا علاقة لله بالحياة؟!

ولأن الإيمان بأن التدبير لشؤون الإنسان كلها، ولشؤون الحياة كلها بما فيها جانب الهداية، الدين هذا هو للحياة كلها، هو للحياة بكل شؤونها، هو لحركة الإنسان في هذه الحياة في كل مجالاتها، وعلى أوسع نطاق في كل مجال من مجالاتها، الإيمان بهذا الجانب مهم جداً.

وقد تحدثنا في درس سابق كيف أن الله قال للمؤمنين: إنهم فيما إذا أطاعوا المشركين وهم يجادلونهم {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُم} (الأنعام: من الآية121) فيما يتعلق بقضية الميتة، عندما كان العرب يأكلون الميتة، فجاء الإسلام فحرمها، ولم يبح إلا ما ذكيتم كما قال: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (المائدة: من الآية3) قالوا: كيف ما قتل الله (محرما) وما نقتله نحن (حلالاً)؟ أليست هذه شبهة منمقة، تبدو منمقة؟ قال الله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} (الأنعام: من الآية121) على هذا النحو: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (الأنعام: من الآية121).

أنت أطعتهم في حكم واحد فيما يتعلق بالموقف من الميتة، هل يحل الأكل منها أم لا وفي الفارق فيما بينها وبين الذبيحة المذكاة {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}.

إذاً يجب أن نكفر بكل تشريع ليس من قبل الله، هذا هو ما يجب على الإنسان: أن يؤمن بأن التشريع هو لله وحده، أن الهداية هي لله وحده، من الله وحده {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} (الليل:12) كما قال هو، وأن يكفر الإنسان بكل تشريع من عند غير الله، هذا ما لا بد منه، وألا نكرر دائما كلمة: [قانون قوانين].

بعض الشعوب التي اتجهت لصياغة تشريعاتها بشكل قوانين، أصبحت كلمة: [قانون] هي البديل عن كلمة: [شريعة الله]، عن كلمة: [دين الله]. [امش على القانون يا أخي، أنت يا أخي التزم بالقانون، يجب أن نلتزم بالقانون جميعا، ضروري أن نسير على القانون] مثلما يحصل في مصر وبلدان أخرى، ونحن هنا في اليمن بدأنا نتروض، نروض أنفسنا على استخدام كلمة [قانون وقوانين ودستور ودساتير] وهكذا.

يجب أن يكون حديث الناس كله بالشكل الذي يوحي بالارتباط بشرع الله وهديه ودينه، كلمة: قانون وقوانين ودستور هي توحي للإنسان بمنهجية أخرى وبمصدر آخر لتنظيم شؤون الحياة غير الشريعة، حتى وإن كانت كما يقال بشكل تقنين لأحكام الشريعة، لكن لماذا لا نستخدم كلمة: [دين الله شريعة الله] أو أن شريعة الله، ودين الله هي قاصرة عن أن تحتوي أو تشتمل على ما تشتمل عليه القوانين؟ هذا ما يوحي به ترديدنا الكثير لكلمة [قانون ودساتير] ونحوها. وهذا هو ما يمهد لإبعاد الناس عن القرآن، لإبعاد الناس عن الإسلام، لإبعاد الناس عن شريعة الله، لإبعاد الناس عن دين الله.

نتروض قليلاً قليلاً في أذهاننا على الارتباط بالقانون والقوانين [قانون السلطة المحلية، قانون كذا، قانون .. إلى آخره] فإذا ما قيل لنا في يوم من الأيام: هذا القرآن إرهابي، نرى أنفسنا لا نحتاج إلى القرآن في أي شيء، كنا نقرأه فقط على أمواتنا، كنا نقرأ منه آيات قصيرة في صلاتنا، لا بأس سنقرؤها في صلاتنا، في الأخير نرى أنفسنا لا حاجة بنا إلى هذا القرآن، الدساتير فيها الكفاية، القوانين فيها الكفاية! هذا كله من عملية ترويض الأمة من جانب أعداء الله على إبعادهم عن الدين قليلا قليلا قليلا.

كما يعملون بالحج، الحج الله قال لنبيه إبراهيم: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (الحج:27). وعندما يقول: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ} هو يعلم أن تلك المشاعر، ومن يفدون على تلك المشاعر سيكون فيها لهم سعة (اتساع).

جاء تنظيم الحج، اليمن أربعة عشرة ألفا إلى عشرين ألفا، مصر كذا آلاف، قالوا: (المشاعر ضيقة، وزحمة شديدة) إيران كذا آلاف، السعودية كذا، وكل بلد يحدد له عددٌ معين. أليس ذلك ما هو حاصل الآن، هذه أول خطوة من خطوات احتلال اليهود للحج؟ لأنهم في الأخير لن يمنعوا الناس - من أول يوم - عن الحج، عودونا على قبول نسبة محدودة، فإذا ما نقصت النسبة من عشرين ألفا لليمن إلى عشرة ألآف ستكون مقبولة، أليس كذلك؟ ثم في عام معين تنقص من [عشرة ألآف] إلى [ألفين] مقبولة، ثم إذا كان الشعب كبيرا كمصر يكون بالقرعة. الآن الحج عند المصريين بالسهم بالقرعة [أين حجاج القرعة] نسمعها هكذا في المشاعر بالسهم. يتقدم الكثير ممن يريدون الحج ولكن بالسهم، إذا طلع سهمك تحج تحج، هذه هي بدايات الترويض، الترويض لنتقبل كل شيء يريدون أن يعملوه في الأخير.

إذا ما أبعد القرآن هناك قوانين ودساتير بديلة عنه، الحج إذا ما خفض العدد يكون مقبولاً جداً؛ لأنه روضنا أنفسنا، وروضتنا حكوماتنا المباركة الجاهلة التي لا تعرف عن اليهود شيئاً، التي لا يهمها أمر الدين ولا أمر الأمة.

يكونون قد عودونا قليلا ثم أحيانا يقولون: هذه السنة اتركوها للمصريين، والشعب الفلاني والشعب الفلاني يؤجل هذه السنة، أو هذه السنة احتمال يكون هناك وباء ينتشر يؤجل، وهكذا حتى يموت الحج في أنفسنا، حتى يضيع من ذاكرتنا.

ثم يأتي مجنون، مجنون ويعتدي على [البيت] ويفجره، كما يحصل في [القدس] أليس يحصل شبيه بهذا؟ مختل عقلياً يعمل تفجيرات أو يحرق أو يطلق النار على مصلين داخل المسجد وسيظهر مجانين كثيرون، مجانين كثيرون، فجروا الكعبة فجروا قبة رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)، باحثون مجانين ينبشون قبر رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) ثم نحن نكون قد أبعدنا.

متى ستكون أنت مِن [ستة عشر مليوناً] يصبح العدد المسموح به هو ثلاثة آلاف شخص، متى ستتوقع أنك ستحج؟ هذا حصل مثله في بلدان الإتحاد السوفيتي، حصل أيام حكم الشيوعيين في تلك البلدان. راجع قوائم البلدان التي تحج، تجد أن تلك البلاد كانت من أقل الحجاج عدداً، بلدان الإتحاد السوفيتي وهي بلدان واسعة جداً.

هكذا يتنكر الإنسان لله الذي أحسن كل شيء خلقه والذي بدأ خلق الإنسان من طين، والذي خلقه ونقله في أطوار خلقه من حالة إلى حالة، ثم يتنكر لله ويكفر بكل تشريعاته، ويبعد نفسه عن كل هدايته.

والذي خلق الإنسان في هذه الدنيا، وخلق هذه الدنيا، وخلق هذا العالم بكله له غاية، وله نهاية، وللناس جميعا يوم يرجعون فيه إلى الله.

لكن هذا الإنسان الجاهل الذي لم يعلم هذا التدبير الواسع من قبل الله سبحانه وتعالى: خلق السماوات والأرض، وتدبير شؤونهما الواسعة التي تدل على قدرته العظيمة، حكمته العظيمة، علمه الواسع.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

(معرفة الله وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

 

بتاريخ:22من ذي القعدة1422 هـ

الموافق: 4/2/2002م

اليمن – صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر