عبدالله علي هاشم الذارحي
لم يعد ما يجري بحق المسجد الأقصى المبارك مُجَـرّد أحداث عابرة أَو ممارسات فردية، بل بات سياسة ممنهجة يقودها رأس الكيان الصهيوني نفسه، في إطار مشروع عدواني يستهدف المقدسات والهُوية الإسلامية، ويكشف في الوقت ذاته حجم الانحياز الغربي، وخُصُوصًا الأمريكي، ضد الأُمَّــة وقضاياها المركزية.
إن اقتحام "بنيامين نتنياهو" للمسجد الأقصى لا يمكن قراءته إلا كرسالة استفزازية واضحة، موجهة إلى المسلمين جميعًا؛ فهذا الانتهاك الذي تم تحت حماية مشدّدة، يمثل تحديًا سافرًا لمشاعر أكثر من ملياري مسلم، ويؤكّـد أن الكيان ماضٍ في سياسة فرض الأمر الواقع وتهويد المقدسات، غير مكترث بالقوانين الدولية ولا بردود الأفعال الرسمية الباهتة.
وفي السياق ذاته، تأتي إساءة أحد المرشحين الأمريكيين للقرآن الكريم لتكشف حقيقة الخطاب الغربي الذي يدّعي احترام الأديان، بينما يبرّر الاعتداء على أقدس مقدسات المسلمين تحت ذرائع زائفة.
هذه الإساءة ليست تصرفًا معزولًا، بل تعكس ثقافة عداء متجذرة تنسجم تمامًا مع الدعم الأمريكي اللامحدود للكيان الصهيوني؛ سياسيًّا وعسكريًّا وإعلاميًّا.
إن الربط بين اقتحام الأقصى والإساءة للقرآن ليس ربطًا اعتباطيًّا، بل هو تعبير عن مشروع واحد يستهدف الإسلام وقيمه، ويعمل على كسر رمزية المقدسات تمهيدًا لفرض الهيمنة وإخضاع الشعوب.
فالعدوان على الأقصى هو عدوان على العقيدة، والإساءة للقرآن هي امتداد لذات النهج، وإن اختلفت الأدوات والوجوه.
أمام هذا المشهد، يبرز موقف اليمن كاستثناء مشرّف في زمن التخاذل؛ فاليمن، رغم الحصار والمعاناة، لم يساوم يومًا على موقفه من القضية الفلسطينية، ولم يتردّد في إعلان وقوفه الصريح إلى جانب القدس، ورفضه القاطع للإساءة للمقدسات.
لقد عبّر اليمن، قيادةً وشعبًا، عن أن معركة الأقصى هي قضية أُمَّـة، وأن الصمت على هذه الانتهاكات تواطؤٌ غير مقبول.
إن موقف اليمن يعيد الاعتبار لمعنى الانتماء الحقيقي، ويؤكّـد أن القوة تُقاس بالموقف والإرادَة والوعي لا بالإمْكَانات المادية فحسب.
ففي وقت تتسابق فيه بعض الأنظمة نحو التطبيع، يختار اليمن موقع المواجهة السياسية والإعلامية والأخلاقية، منحازًا للحق، ومجدّدًا العهد مع فلسطين.
خلاصة القول؛ إن اقتحام نتنياهو للأقصى وإساءة المرشح الأمريكي للقرآن يشكلان حلقتين في سلسلة عدوان واحدة تستدعي موقفًا حازمًا.
واليمن بموقفه الواضح يقدّم نموذجًا لما يجب أن يكون عليه الضمير العربي والإسلامي، ببعث رسالة مفادها: أن القدس ستبقى قضية الأحرار، وأن المقدسات ليست ورقة للمساومة مهما بلغ حجم التحديات.






.jpg)
.png)