ثم في القرآن الكريم تأتي المواصفات الإيمانية، التي تشخِّص لنا الانتماء الصادق على المستوى الإيماني، لماذا؟ لأنه في ظل الانتماء الإيماني قد يكون هناك من يتحركون تحت العناوين الإيمانية، أو يدَّعون الإيمان، ولكنهم بعيدون كل البعد عن المصداقية في انتمائهم الإيماني، وما أكثر ذلك! منذ اليوم الأول للإسلام، منذ اليوم الأول للإسلام كان هناك منهم- كما أخبر الله عنهم في القرآن الكريم-: {مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}[البقرة: من الآية8]، من ينتمي للإيمان، وليس صادقاً في انتمائه، ليس هناك أي التزام أو ليس هناك أي مصداقية أصلاً، فلذلك تأتي مواصفات تقدم الصورة الحقيقية عن الإيمان الصادق، الإيمان وفق تعليمات الله وتوجيهات الله "سبحانه وتعالى".
يقول الله "سبحانه وتعالى" في القرآن الكريم: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[التوبة: من الآية71]، هذه الآية المباركة في سورة التوبة أتت ضمن مقارنة: ما بين المؤمنين الصادقين، وما بين المنافقين، لماذا؟ لأن المنافقين ينتمون للإسلام، ويدَّعون الإيمان، ولكنهم في واقع الحال ليسوا بصادقين، تنقصهم المصداقية في انتمائهم الإيماني، وتوجهاتهم العملية ومواقفهم مغايرة تماماً لانتمائهم الإيماني، فانتماؤهم في الدعوى شيء، ومواقفهم وتوجهاتهم العملية في مسيرة حياتهم شيءٌ آخر، يتناقض تماماً مع الانتماء الإيماني، فأتى القرآن الكريم بمقارنة، قدَّم فيها توصيفاً وتشخيصاً يفرز أولئك عن أولئك، ويبين حال كلٍّ من الفريقين، فعندما تحدث عن المؤمنين قال "جلَّ شأنه": {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة: 71-72].
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية لجمعة رجب 1443هـ