ولذلك يقول الله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا}، الإنسان في واقع الحال ما لم يحظ بالحياة الحقيقية في جانبها المعنوي، في مشاعره الإنسانية، في إحساسه بالقيم العظيمة، في وعيه، في إدراكه الصحيح لمسؤولياته في هذه الحياة؛ فهو بمنزلة الأموات، الذي يحييه: هو هذه الصلة الإيمانية بالله “سبحانه وتعالى”، صلة عظيمة جدًّا.
{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}، الصلة الإيمانية بالله “سبحانه وتعالى” هي صلة حياة، وفيها مفاتيح الحياة، وهي التي من خلالها يتحقق للإنسان أن يكون حياً في مشاعره، حياً في وجدانه، حياً في إحساسه، حياً حياة الإيمان، حياة القيم، حياة المبادئ، حياً في شعوره بالمسؤولية، حياً في إحساسه بالكرامة، ثم يتحرك على أساس النور: نور الله “سبحانه وتعالى”.
{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}؛ ليبين الله لنا في هذه العبارة المهمة: أنَّ صلة الهداية والإيمان بالله “سبحانه وتعالى” ليست مجرد مبادئ وتعليمات جامدة، راكدة، ذهنية، لا تترك أثرها في نفسية الإنسان، في روحية الإنسان، في وجدان الإنسان، في مشاعر الإنسان، في اهتمامات الإنسان، في دوافع الإنسان، في أعمال الإنسان وسكناته وحركاته، لا، الذي يميِّز هذه الصلة بالله “سبحانه وتعالى” (صلة الإيمان والهداية): أنها تترك أثرها الكبير في الإنسان على مستوى روحيته، تحيي فيك الروحية الإيمانية بكل ما يتبعها، وبكل ما يترتب عليها، وبكل ما ينتج عنها ومنها.
الروحية الإيمانية لها أثر كبير في نفسية الإنسان، تتغير نفسية الإنسان إلى حدٍ كبير؛ وبالتالي اهتماماته، أولوياته في هذه الحياة، مشاعره الحية، التي تجعله يتفاعل جيداً مع محيطه في هذه الحياة، مع الواقع من حوله في هذه الحياة، لا يعيش ميت الضمير، ولا متبلِّد المشاعر، ولا يعيش في حالةٍ من الموات على مستوى الوعي والإدراك، لا، هو بروحيته الإيمانية في حالة يقظة، انتباه، تفاعل، إحساس بما يجري حوله، إدراك لمسؤوليته، وتلك القيم الإيمانية تحوَّلت بالنسبة له إلى مشاعر، وليس فقط إلى معلومات ذهنية، العزة بالنسبة له شعور، والكرامة بالنسبة له إحساس… وهكذا تأتي بقية القيم: الرحمة، الرأفة، التي تدفعه إلى الاهتمام بالناس من حوله، وبالواقع من حوله، الإحساس بالمسؤولية، الغيرة والإباء… وهكذا كل المعاني والقيم العظيمة أصبحت متجذرة في وجدانه، وفي إحساسه، وفي مشاعره، فلذلك هو يتجه تلقائياً بكل تفاعل، فالأثر هنا هو أثرٌ على مستوى النفس: زكاءً، وإحياءً في هذه النفس لكل تلك المبادئ والقيم، حتى تتحول إلى حالةٍ من المشاعر والإحساس في الوجدان والنفس.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي