ثم بعد جانب المسؤولية في الحياة يأتي إلى جانب التعامل: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: الآية18]، لا تكن متكبراً، ولا تتعامل بأي سلوك أو أسلوب يعبِّر عن التكبر، لا تتعال على الناس وتتكبر عليهم لا في التعامل معهم حتى في الشكليات، حتى في أن ترفع رأسك في حالةٍ من التكبر والتجاهل تجاههم، أو في حالةٍ من الإعراض وعدم المبالاة بهم، حتى في مشيك في الأرض: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} مشية المتكبر الذي لا يبالي بالناس ولا يكترث بهم، وقد يعبِّر في أسلوبه في الحركة عن حالة من التباهي والغرور، أو يتعامل بطريقة فيها ضرر على الناس، نحن ذكرنا- سواءً في الدروس في سورة الإسراء، أو فيما يتعلق أيضاً بدروس العام الماضي على ضوء هذه الآية المباركة- أهمية هذه الآية المباركة حتى في انتظام حركة المرور، حتى في احترام الإشارة (إشارة المرور) سواءً إشارة عنصر المرور الذي ينظم حركة السير، أو الإضاءة التي تنظم حركة السير، حتى في احترام حق المارة في المرور وعدم قطع الطريق أمامهم في حالةٍ من اللامبالاة والانشغال بأمور أخرى، حتى في الاسراع في المشي بطريقة سلبية وزائدة عن المشي الطبيعي تعبيراً عن التكبر والغرور أو اللامبالاة بالآخرين، وما يترتب على ذلك من حوادث سير: إما في الإضرار بالناس الذين هم في الطريق مثلاً، أو في مناطق مزدحمة بالسكان، أو على نفس الإنسان ومن يكون معه مثلاً في السيارة.
{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}، الإنسان إذا كان معجباً بنفسه، مغروراً بنفسه ومتكبراً هو مختال، و(فَخُورٍ): كثير الافتخار بنفسه وبما يعمل فهو يعبِّر- دائماً- عن نفسه بأنه كذا وأنه كذا وأنه كذا، يكثر من الافتخار والمديح لنفسه، هذا ممقوت عند الله -سبحانه وتعالى- والعجب يحول دون إصلاح الإنسان ودون ارتقائه، ودون تربيته، ودون استقامته، ويسبب مشاكل معه عند النصح له، وعند التذكير له، وعند التنبيه له، تمثِّل هذه مشكلة كبيرة معه، ممقوت عند الله -سبحانه وتعالى-.
{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان: من الآية19]، القصد في المشي: التوسط بين الإسراع الزائد وبين التثاقل الزائد، فالمقصود التوازن وبمقتضى الحال، طبعاً قد يكون هناك حالات استثنائية تستدعي الإسراع، كإسعاف مريض أو جريح، وبشكلٍ متوازن حتى السرعة نفسها يبقى لها ضوابط معينة.
{وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}، حتى أسلوب الإنسان في التخاطب مع الآخرين لا يرفع صوته إلا حيث يقتضي ذلك، كـالمؤذن مثلاً، الخطيب- أحياناً- في بعض فقرات الخطابة، المناسبات التي تستدعي ذلك لإسماع من هو بعيد مثلاً، أما في غير هذه الحالة فلا ينبغي أبداً الحالة إما أن تكون تكبراً وإساءةً على البعض، وإما أن تكون قلة أدب من البعض، وسلوكاً بشعاً يعبِّر عن لا أخلاقية الإنسان، ولا توازنه، ولا حيائه.
{إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}؛ لأن الحمار في بعض الحالات قد يرفع صوته أحياناً لمناسبة وأحياناً لغير مناسبة ويكون صوتاً رفيعاً مزعجاً، ولا يكسب به مديحاً ولا إشادة.
نحن حرصنا على الاختصار والتركيز على عناوين معينة، الدروس واسعة جدًّا من وصية لقمان.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
قبس من الحكمة
في وصية لقمان الحكيم لابنه
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة السادسة والعشرون. يونيو 5, 2019م