{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [لقمان: الآية15]؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، حتى الأب لا طاعة له في معصية الله، حتى الأم لا طاعة لها في معصية الله -سبحانه وتعالى- حتى لو حاولا وبذلا جهدهما في الانحراف بك فيما هو معصية لله -سبحانه وتعالى- فلا تطعهما في ذلك أبداً؛ لأن حقهما دون حق الله وتحت حق الله، ولا يرقى إلى مستوى المعصية لله من أجلهما أبداً.
{فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، يعني: قابل إحسانهما إليك بالصحبة بالمعروف، صحبة بالمعروف من خلال الإحسان والاحترام، لكن من دون طاعة في معصية الله، وهذا يضبط العلاقة مع الآباء والأمهات، علاقة قائمة على الصحبة بالمعروف، إحسان، احترام، تقدير، بذل للمعروف ما تستطيعه، لكن من دون طاعة في معصية الله أبداً، (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا): عاملهما باللين والرفق والاحترام، ولا تطعهما فيما هو معصية لربك الله -سبحانه وتعالى-.
{وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} القدوة في الدين هو الذي يسير بك في طريق الله -سبحانه وتعالى- المنيب إلى الله الذي يسير بك في طريق الله -سبحانه وتعالى- فإذا كان الأب منحرفاً بذلك، لا يقتدي بلقمان الحكيم، إذا كان الأب لا يقتدي بلقمان الحكيم، فلا تجعل منه قدوةً لك في الانحراف، ولا فيما هو معصية لله، ولا في المواقف الخاطئة، ولا فيما يسبب سخطاً لله -سبحانه وتعالى- قدوتك في الدين المنيب إلى الله الذي يسير بك في طريق الله -سبحانه وتعالى-.
{وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}؛ لأن هناك أحياناً اختلاطاً في المفهوم بين الإحسان والطاعة، مثلاً الكثير من الوعَّاظ والخطباء وبعض الشخصيات العلمائية قاصرة الوعي والفهم، البعيدة عن الاهتداء بالقرآن الكريم يجعلون العنوان الرئيسي للعلاقة بالوالدين هو الطاعة (طاعة الوالدين)، القرآن جعل العنوان الأساس هو الإحسان (الإحسان إلى الوالدين)، أما الطاعة فما كان في إطار طاعة الله -سبحانه وتعالى- ويمثِّل إحساناً فلا بأس، أما فيما هو معصية فلا، فيما هو معصية سواءً من خلال التجاوز لحدٍ من حدود الله -سبحانه وتعالى- وفعل المحرم، أو الإخلال بالواجب، أو التفريط فيما أمرنا الله به؛ لأن المعصية تكون في حالة من حالتين: معصية بفعل المحرم، ومعصية بترك الواجب، وبترك ما هو من أوامر الله -سبحانه وتعالى- بترك ما أمرنا الله به، هذا أيضاً معصية، ومعصية خطيرة، وهي أكثر ما تكون في واقع الإنسان من المعاصي، المعصية تجاه ما أمرنا الله به؛ لأن البعض من الناس مثلاً يقول: [أنا أترك المحرمات، أنا- بحمد الله- لا أسرق، ولا أزني، ولا أشرب الخمر، ولا أقتل النفس المحرمة، ولا ولا ولا…]، ولكن لو نأتي إلى المعاصي الأخرى في واقعه وهي التفريط فيما أمر الله به، ستجد أنه ترك كثيراً من الأشياء التي أمره الله بها ولم يفعلها، وهذه معاصٍ خطيرة جدًّا، وتعتبر من المعصية لله، عصيت الله في أمره كما فعل إبليس، إبليس ما الذي فعل؟ أمره الله، ولكنه خالف الأمر، أما آدم فخالف النهي، وكانت كلاهما معصية، طبعاً آدم تاب وتاب الله عليه.
{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}، فالقرآن يقدِّم لنا مفاهيم صحيحة تنظم لنا العلاقات ومسارات الحياة، {ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: الآية15]، وما يجب أن نستذكره دائماً هو هذا: الرجوع إلى الله، إننا راجعون إلى الله، أن أمامنا الحساب، أن أمامنا الجزاء، علينا أن نستشعر هذه الحقيقة المهمة والقضية الإيمانية الرئيسية: العودة والمرجع إلى الله -سبحانه وتعالى- والله -سبحانه وتعالى- كان يرقب واقعنا وأعمالنا في هذه الحياة، ويعلم بها، ويحيط بنا علماً وخبراً في ما هو في ذات صدورنا، وفيما نقول، وفيما نعمل… وفي كل تصرفاتنا، ودخلت هذه التوصية من الله -سبحانه وتعالى- داخل موعظة لقمان لابنه وتوصياته لابنه؛ لأهمية هذا الموضوع أيضاً، فاكتملت هذه التوصيات.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
قبس من الحكمة
في وصية لقمان الحكيم لابنه
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة السادسة والعشرون. يونيو 5, 2019م