نحن إذا جئنا لنقارن بين هاتين الحياتين: بين الأولى والآخرة، سنجد أنَّ علينا أن نركِّز وأن نجعل الأولوية والاهتمام الأكبر في حساباتنا للحياة الآخرة، وهذه هو الشيء الصحيح والبديهي إذا تأمل الإنسان ولو بعض تأمل: حياة محدودة ومؤقتة، وبأجلٍ محدود، ولا تدري إلى متى، كلٌ منا لا يدري إلى متى سيعيش في هذه الحياة، ونرى في واقع حياتنا الكثير من الناس ممن يرحلون من هذه الحياة وهم في مقتبل العمر، وهم في مرحلة الشباب، ونرى أيضاً أنَّ الإنسان مهما عمِّر في هذه الحياة، فهو يرى ما قد مضى من عمره وكأنه حلم، وكأنه وقتٌ قصير سرعان ما ينقضي، ما أسرع الأيام في الشهور، وما أسرع الشهور في السنين، وما أسرع السنين في العمر، تنصرم الأعوام وتنقضي السنون وهكذا عاماً بعد آخر، ولا يرى الإنسان نفسه إذا عمِّر إلَّا وهو في مرحلة الهرم والشيخوخة، وقد انقضى عنه شبابه، وانقضت تلك الأيام من حياته التي كان يمتلك فيها النشاط والصحة والقوة، وأصبح يعيش حالة الضعف، وحالة العجز، وحالة التعب والضعف في كل شيء: في قواه، وفي جسده، وفي تركيزه، وفي مداركه... إلى غير ذلك، وحتى في حواسه، حياة الخير فيها والأحوال فيها أحوالٌ متقلبة، قد يأتي الخير ثم يعقبه الشر، تأتي السراء تعقبها الضراء، ومشوبةٌ بالكثير الكثير من المنغِّصات، لا يكاد يمر يومٌ واحد إلَّا وفيه منغِّصات، من هذا يأخذ الإنسان العبرة، عندما تعيش حالة الضراء والغم النفسي، عليك أن تتذكر أنَّ الغم، وأنَّ الضر، وأنَّ الألم في الحياة الآخرة هو للأبد، هو للدائم، عندما تحس بالألم وبالوجع، وعندما تحس بالغم النفسي، مع ذلك تذكَّر كيف لو كان ذلك لملايين السنين.
الإنسان إذا استمر به الألم لأوقات معينة، لأيام أو لشهور أو لسنوات كيف يتعب، كيف يحس بالضجر الشديد، والإعياء الشديد، والإرهاق الشديد، والعناء الشديد، ويشعر بالضيق الشديد، ويسعى للخلاص من ذلك، يبحث عن كل الوسائل التي تساعده على الخروج من تلك الحالة، إذا عاش الإنسان الشدة في هذه الحياة، شدة البؤس، شدة الفقر، شدة الحاجة، كيف يضيق، كيف يتعب، كيف يسعى للخروج منها، كيف يشعر بالغم النفسي في أوقاتٍ مستمرة ومتتابعة، لدرجة أنَّ البعض يعاني من السهر، والقلق، والتوتر النفسي، والانزعاج الشديد، والتعب النفسي والجسدي، حالة الضجر كذلك، عندما يعيش الإنسان حالة الضجر والضيق، وحسب التعبير المحلي: [الضبح]، كيف لو استمر لك ذلك ملايين السنين، تفكر في ذلك، تأمل؛ لأن الحياة الآخرة الشر فيها والألم فيها هو على أشد مستوى، وهو نفسيٌ وجسديٌ، ولا نهاية له، الشر هناك في الآخرة شرٌ دائمٌ وأبدي، ولا لحظة واحدة في جهنم تعيش فيها شيئاً من الراحة، أو قليلاً من الخير، ولا لحظة واحدة، إنما هو عذابٌ دائم، شرٌ دائم، ضيقٌ دائم، عذابٌ نفسيٌ دائم... وهكذا.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية الثانية للسيد عبد الملك بدرالدين الحوثي 1441هـ