جمعة رجب، هويتنا الإيمانية، هوية شعبنا الإيمانية التي يهمنا جدًّا أيضاً أن ندخل من خلالها إلى ما نعاني منه كشعبٍ يمني، وما تعاني منه أمتنا بشكلٍ عام من استهداف كبير وممنهج وخطير جدًّا للأمة، لشعبنا في الهوية الإيمانية، وهذا هو أخطر أشكال الاستهداف، ما يعرف اليوم بالحرب الناعمة أخطر بكثير من الحرب الصلبة، من الحرب العسكرية، الاستهداف في الهوية أخطر أشكال الاستهداف، والهدف والغاية منه هو السيطرة على الإنسان أصلاً، السيطرة المباشرة والتحكم التام بهذا الإنسان يتم من خلال تجريده من هويته وتفريغه من محتواه المهم: محتواه المبدئي، ومحتواه الأخلاقي، ومحتواه القيمي، الإنسان إذا فرغ تماماً من هذا المحتوى لم يبقَ له مبادئ، لم يبقَ له أخلاق، لم يبقَ له مفاهيم صحيحة وسليمة، يصبح مجرد دمية بكل ما تعنيه الكلمة، وإنساناً أشبه بالإنسان الآلي الذي يتحكم الآخرون فيه (ما يسمى بالروبوت) يتحكم فيه الآخرون تماماً.
الإنسان هو إنسان وقيمته الإنسانية بهذا المحتوى: محتواه من الوعي، من المبادئ، من المفاهيم الصحيحة، من القيّم الراسخة، من الأخلاق العظيمة، لو فرغ منها، يوصّف القرآن الكريم هذه الحالة من هذا التفريغ: أن الإنسان يصبح كالأنعام { [الأعراف: من الآية179]، بل أسوء من الأنعام، ينحط الإنسان عن كرامته الإنسانية، عن مؤهلاته الإنسانية، عن قدراته الإنسانية، عن كل ما زوده الله به وفطره عليه كإنسان يميزه عن سائر الحيوانات: مداركه أوسع، دوره في الحياة أهم، ما يمتلكه وما زود به من تلك الطاقات والقدرات والمواهب تعطيه إمكانيةً لأن يكون في هذه الحياة على نحوٍ أعظم في سلوكه، في مواقفه، في حياته، في نهوضه بمسئوليته، في طبيعة دوره في هذه الحياة… كل هذا يضرب ضربة قاضية إذا فرغ هذا الإنسان من هذا المحتوى الذي يتشكل من الوعي والمفاهيم والمبادئ والقيّم والأخلاق.
فلذلك المعركة معنا من جانب أعدائنا سواءً على مستوى واقع شعبنا اليمني، أو على مستوى الأمة بكلها التي نحن جزءٌ منها، المعركة معنا هي معركة سيطرة، يعني: يهدف أعداؤنا إلى السيطرة علينا، هذا عنوان جامع ومانع لهدف معركة العدو معنا، الهدف الرئيسي هو السيطرة علينا، إذا سيطر علينا عدونا بشكلٍ تام، خلاص كمّل مشكلته معنا، خلّص واستفاد من كل شيء: أرضك، ثروتك، مقدراتك، بل أنت، أنت بنفسك يستفيد منك، يستغلك، يحولك في هذه الحياة أنت وما بين يديك، أنت وما لديك، أنت وما معك، أنت وما تملك، يستغلك في تحقيق مصالحه التي هي تشكل خطورةً عليك، بالنسبة لك، إنما هي فقط تمثل مصلحةً خالصةً له، يعني: القوم يريدون- كما يقال في التعبير المحلي والمثل المشهور- الجمل وما حمل، الإنسان وما معه، يشتوا يشلوا الكل، ويستغلون الجميع، يستغلون الكل، استغلالٌ للإنسان في نفسه، استغلالٌ للإنسان في مقدراته، استغلالٌ للإنسان في ثرواته، استغلالٌ للإنسان في كل ما يملكه، وفي كل ما بين يديه، طبعاً هذه كارثة يعني، مسألة خطيرة جدًّا، فيها امتهان لهذا الإنسان في كرامته، فيها استعباد لهذا الإنسان، فيها احتقار لهذا الإنسان؛ ولذلك يجب أن ننظر إلى مسألة الهوية، كمسألة في غاية الأهمية، وعلى صلة وعلاقة بالصراع، على علاقة وثيقة جدًّا بالحرب، بالصراع، بالمشكلة، أنها تمثل ركيزةً أساسيةً لتماسكنا وثباتنا، وتمثل منعة حقيقة في الحفاظ علينا، وفي الدفاع عنا.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة جمعة رجب 1439هـ