تحدث عن أهمية كشف الحقائق، عن واقعنا والمسؤولية علينا، بناء على هذا الأساس: نحن في وضعية، وضعية مهينة، ذل، وخزي، وعار، استضعاف، إهانة، إذلال، تحت سيطرة اليهود كعرب كمسلمين، يقول: ((أصبحنا فعلاً تحت أقدام إسرائيل، تحت أقدام اليهود، هل هذه تكفي إن كنا لا نزال عرباً، إن كان لا يزال لدينا الشهامة العربي، وإباءه، ونخوته، ونجدته لتدفعنا إلى أن يكون لنا موقف؟
الحالة الثانية هي ما يفرضه علينا ديننا، ما يفرضه علينا كتابنا القرآن الكريم، من أنه لابدَّ أن يكون لنا موقف من منطلق الشعور بالمسؤولية أمام الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
نحن لو رضينا وأوصلنا الآخرون إلى أن نرضى بأن نقبل هذه الوضعية التي نحن عليها كمسلمين، أن نرضى بالذل، أن نرضى بالقهر، أن نرضى بالضعة، أن نرضى بأن نعيش في هذا العالم على فتات الآخرين، وبقايا موائد الآخرين، لكن هل يرضى الله لنا عندما نقف بين يديه السكوت من منطلق أننا رضينا، وقابلنا، ولا إشكال فيما نحن فيه، سنصبر، وسنقبل، فإذا ما وقفنا بين يدي الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" يوم القيامة، هل سنقول: [نحن في الدنيا كنا قد رضينا بما كنا عليه]، هل سيعفين ذلك عن أن يقال لنا: ألم نأمركم، {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ}[المؤمنون: من الآية105]؟))، ثم ذكر كثيراً من الآيات القرآنية، وفعلاً القرآن مليء بالآيات التي يأمرنا الله فيها بالجهاد في سبيله، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأن نكون أنصاراً لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، تلك الآيات التي تأمرنا بالوقوف ضد الطاغوت والاستكبار، ضد الكفر والظلم والإجرام والفساد، ماذا سنعمل؟ نحن أمة عليها مسؤولية، ولها رسالة، حتى انتماؤنا للإسلام ليس فقط مجرد انتماء للجانب العبادي منه، فيما يتعلق بالطقوس العبادية، هذا جزءٌ من ديننا، ولكن أيضاً هناك رسالة، هناك مسؤولية، هناك دور تتحرك به هذه الأمة، والمنتمون إلى هذا الإسلام.
((ألم يقل القرآن لنا: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران: من الآية110]، ألم يقول الله لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ}[الصف: من الآية14]، فإذا رضينا بما نحن عليه، وأصبحت ضمائرنا ميتة، لا يحركها ما تسمع، ولا ما تحس به من الذلة والهوان، فأعفينا أنفسنا هنا في الدنيا؛ فإننا لن نعفى أمام الله يوم القيامة، لابدَّ للناس من موقف، أو فلينتظر ذلاً في الدنيا، وخزياً في الدنيا، وعذاباً في الآخرة، هذا هو منطق القرآن الكريم، الحقيقة القرآنية التي لا تتخلف، {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}[الأنعام: من الآية115]، {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}[الأنعام: من الآية34]، {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[ق: الآية29])).
فإذاً لابدَّ أن يكون هناك موقف، هذه ضرورة دينية، إيمانية، يرتبط بها مصيرنا يوم القيامة، يوم نقف بين يدي الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وهي ضرورة واقعية، نحن بحاجةٍ إليها؛ لندفع عن أنفسنا كأمة مسلمة، كمسلمين: الذل، القهر، الاستعباد، الهوان، الطغيان؛ لأن تحركنا في إطار الموقف الصحيح، الذي وجَّهنا الله إليه، هو نجاةٌ لنا، هو عزةٌ لنا، هو كرامةٌ لنا، هو الذي ينتشلنا من حالة الضعف والشتات والقهر، إلى أن نكون في مستوى الموقف، إلى أن نكون في واقعٍ قوي، نأخذ فيه بأسباب القوة، والنهضة، والتحرُّك، وأسباب النصر، ونحظى فيه بمعونة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" وبتأييده، فندفع عن أنفسنا الذل، والظلم، والقهر، والاستعباد، والإهانة، لابدَّ أن نتحرك. فما هو الخيار عندما نريد أن نتحرك؟
يقول: ((ثم عندما نتحدث، ونذكر الأحداث، وما يحصل في هذا العالم، وما يحدث، ووصلنا إلى وعي بأنه- فعلاً- يجب أن يكون لنا موقف، فما أكثر من يقول: [ماذا نعمل؟]))، كثيرٌ من الناس يقولون بعد أن يصل إلى هذه النتيجة: حتمية الموقف، وضرورة الموقف، كضرورة واقعية، وكضرورة دينية، من حتميات الالتزام الإيماني، ((يقول: [ماذا نعمل؟ وماذا بإمكاننا أن نعمل؟]، أليس الناس يقولون هكذا، هذه وحدها تدل على أننا بحاجة إلى أن نعرف الحقائق الكثيرة عمَّا يعمله اليهود وأولياء اليهود، حتى تلمس- فعلاً- بأن الساحة، بأن الميدان مفتوحٌ أمامك لأعمالٍ كثيرة جداً جداً جداً))، [ماذا نعمل؟] هذا التساؤل يدل على ماذا؟ على عدم معرفة بما يعمله الأعداء، بما يتحرك فيه اليهود، ومن يدور في فلكهم، كيف يشتغلون في كل المجالات، وبالتالي كيف نتحرك للتصدي لهم.
يقول: ((الميدان ليس مقفلاً، ليس مقفلاً أمام المسلمين، أعمال اليهود والنصارى كثيرة، ومجالات واسعة، واسعة جداً، وهم يحسون بخطورة تحركك في أي مجالٍ من المجالات لتضرب عملهم الفلاني))، اعرف في المقدِّمة ما يعمله الأعداء، اعرف مؤامراتهم، أنشطتهم في كل المجالات، وتحرك، لتتحرك كل أمة في كل مجال من المجالات، ليتحول هذا الواقع السلبي الذي هو حال الضياع، إلى تحرك عملي واعٍ في كل ميدان، تتحرك وأنت إعلامي في الجبهة الإعلامية بشكلٍ صحيح، أنت تعرف استراتيجياتهم، مؤامراتهم، دعاياتهم، وتتحرك لضربها، والتصدّي لها، أنت تعرف في المجال الثقافي والفكري والتعليمي ما هي أنشطتهم، مؤامراتهم، خططهم، وتسعى لإفشالها وضربها، أنت تتحرك في المجال السياسي، أنت تعرف مؤامراتهم لبعثرة الأمة، لتضييع الأمة... وبقية التفاصيل التي تندرج تحت هذا العنوان، ثم هكذا في المجال العسكري، الأمني، الاقتصادي... في كل مجال.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
الذكرى السنوية للصرخة 1445هـ