سبق في محاضرةٍ سابقة، عرضٌ موجزٌ لبعض ما تضمنه القرآن الكريم من حديثٍ عن اليوم الآخر وما فيه من المشاهد الكبيرة والهائلة، وعرضٌ عن عذاب الله سبحانه وتعالى وجبروته وبأسه، بما يعزز فينا حالة الخوف من الله سبحانه وتعالى، الخوف الذي يساعدنا على الاستقامة، على الطاعة لله سبحانه وتعالى، على تجنب ما يغضب الله، وما يسيء إلى الإنسان، وما يحط من مكانة الإنسان ومن إنسانية الإنسان، الخوف الذي يجعلنا ندرك أن الله سبحانه وتعالى أولى بأن نخافه وأن نرهب منه، وأن نذعن له، وأن نطيعه، وأن نستجيب له، وليس العبيد الضعفاء المساكين من الطواغيت الذين يخافهم البشر ويذعنون لهم فيستعبدونهم من دون الله.
حديثنا في هذه المحاضرة هو عن الجانب الآخر من الإيمان باليوم الآخر، عن رحمة الله سبحانه وتعالى وما أعده للإنسان من النعيم العظيم، والجزاء العظيم، حينما يستقيم الإنسان ويستجيب لله سبحانه وتعالى، ومثلما حالة الخوف من أهم العوامل المؤثِّرة على الإنسان في اتجاهاته في الحياة، كذلك حالة الرغبة والطمع لها أثرها في الإنسان، والإنسان خلقه الله سبحانه وتعالى وجعله مخلوقاً، محتاجاً، مفتقراً، راغباً، ينشَدُّ ويسعى إلى احتياجاته ورغباته، وهو بفطرته كذلك كما حكى الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}(العاديات:8) فالإنسان بفطرته تنزع نفسه إلى الخير والسعادة، والفوز، والفلاح، ورغباته مادية ومعنوية، وكما يضل الإنسان في حالة الخوف، فيخاف من غير الله، ويغفل عن الله سبحانه وتعالى ثم ينساق نتيجة خوفه حسب أهواء من يخافهم من الظالمين والطغاة، كذلك في حالة الرغبة والحاجة يمكن للإنسان أن يَضِّلَ فيغفل عن الله سبحانه وتعالى، وعن نهجه العظيم، وتُوقِعُهُ رغباته واحتياجاته ضحيةً لهيمنة المفسدين والظالمين، وكذلك مدخلاً لتأثير الشيطان عليه.
ونجد فيما حكاه الله سبحانه وتعالى عن أبينا آدم الإنسان الأول، ما حكاه في القرآن الكريم عنه كيف تَمَكَّن الشيطان من التأثير عليه من خلال هذا المدخل، الرغبة، والحاجة، عندما حاول أن يستدرج آدم إلى أكل الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها، وأغناه كذلك عنها، كان قد أعطاه ما يكفيه، جنة فيها من العيش الرغد الواسع كل ما يحتاج إليه، ما يسد كل حاجته، ونهاه عن شجرةٍ واحدة، فحاول الشيطان أن يستدرجه، وأن يورطه ليتجاوز نهي الله سبحانه وتعالى فدخل له من مدخل الرغبة النفسية {قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}(طه:120) ومن هنا أثَّرَ على آدم من خلال هذا الجانب.
الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا، وهو العالم بنا، وباحتياجاتنا، وبرغباتنا {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير}(الملك:14) وهو كذلك الرحيم بنا، هو أرحم الراحمين، رحيم بنا، وهو كريم، أكرمُ الأكرمين، وقادرٌ على رعايتنا، غنيٌ عظيم، ولذلك فقد رسم سبحانه وتعالى لعباده طريق الخير والسعادة والفلاح، والعزة والكرامة، ولكن الإنسان بجهله وغفلته، وأحياناً بسوء فهمه للدين، يبتعد عن دين الله سبحانه وتعالى وعن نهج الله، وينساق وراء شهوات نفسه، وهو يريد أن يحقق لنفسه السعادة من خلال إتباع هوى النفس غافلاً عن أن الله قد رسم له طريق السعادة، بل للأسف البعض يرى في نهج الله سبحانه وتعالى أنه يحرم الإنسان من السعادة، وأنه يمثل قيوداً على رغبات الإنسان، تُكَبِّل الإنسان، وتكبته، وتكبت رغباته، وتبعده عن السعادة، والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى جعل منهجه ودينه وتعليماته وهداه لعباده بما يحقق لهم السعادة والفلاح.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بعنوان (الفوز العظيم)
القاها بتاريخ: 9/ رمضان/1434هـ
اليمن – صعدة.