من تجليات هذه المواصفات الإيمانية، والحالة الإيمانية التي كان يتصف بها السيد حسين هي حالة الرحمة والإحساس، والشعور الحي، فهذا الرجل كان رحيمًا بأمته وبشعبه، يتألم ويعاني لكل ألمٍ أو معاناة، عندما يشاهد الظلم، عندما يشاهد معاناة الأمة، عندما يشاهد تلك المظالم الفظيعة والوحشية بحق الأمة، سواء في داخل شعبه أو خارج شعبه، فالكل أمةٌ واحدة يجمعها عنوان واحد هو الإسلام، وارتباطٌ واحد، وأساسٌ واحد، وأرضية واحدة هي الإسلام، هذه الأمة في كل قطرٍ من أقطارها، وفي كل منطقة من مناطقها.
حيث كان يشاهد مظلمةً أو مأساةً كان يعاني، كما يعاني صاحبها أو أكثر، يعاني للواقع المرير والمظلومية الكبرى للأمة في فلسطين وفي غيرها من الشعوب العربية والإسلامية، يعاني ويشعر بالمعاناة والألم، ويتبين عليه أنه يعيش في نفسه، في مشاعره، في واقعه حالة الألم الشديد والمعاناة والشعور بالمرارة.
لم يكن حاله كحال الكثير من الناس الذين يعيشون حالة الأنانية، وحالة الانغلاق الشخصي، فلا يبالي عندما يرى معاناة الآخرين، إما لأنه يرى في الآخرين غيره، أو يرى فيهم غير شعبه، أو يرى فيهم غير طائفته، أو يرى فيهم غير أسرته، فلا يبالي، مهما كانت أوجاعهم، مهما كانت آلامهم، مهما كانت مظلوميتهم.
لربما إذا تأملنا في واقع الأمة الكثير الكثير من الناس على المستوى الفردي أو على مستوى النخب، الكثير من الناس لا يبالون لا تهتز فيهم شعره أمام الكثير من الأحداث الرهيبة والمؤلمة، والمظالم الكبيرة في أوساط الأمة، القتل، والدمار، والتشريد، والعذابات لشعوب بأكملها، لا يبالي الكثير من الناس، أما هو فقد كان كل حدث وكل مأساة تزيده ألمًا وحزنًا وأسى على واقع هذه الأمة، وتحرقًا على هذا الواقع، وشعورًا بضرورة التحرك لمواجهة هذا الواقع.
خِطَابَاتُ الذّكْرَى السّنَويّة لِلشَهِيد ذكرى 1434هـ