من رحمة الله جل وعلا أن يجعل لعباده من يربيهم التربية العظيمة فتزكو نفوسهم، وتطهر قلوبهم، وتُقَوَّم سلوكهم، وتُسَدّد أقوالهم، فيكون الإنسان على مستوى عظيم يليق بما أراد الله له أن يكون عليه، إنسان ذو قيم، ذو مُثُل، يتحلى بالجميل من الصفات والكريم من الأخلاق، فيكون الإنسان عظيماً بعيداً عن الدنس والهوان، فهذا من مظاهر رحمة الله جلا وعلا.
الله جل شأنه يقول: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(الجمعة: 2-4) حينما بعث الله فينا نحن الأميين, نحن العرب, حينما بعث الله فينا ومنا محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) رسولاً له مهمة كلفه الله بها, منوطة بنا هي لنا, رسول لنا لخدمتنا, يعمل من أجلنا, كلما لديه, كلما يقدمه لنا ومن أجلنا, يتلو عليهم آياته, آيات الله التي تمنحنا الوعي, وتمنحنا البصيرة, فلا يستطيع أحد أن يضلنا, ولا يستطيع أحد أن يخدعنا, ولا يتمكن أحد من إفسادنا طالما تحلينا بذلك الوعي وهاتيك البصيرة {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ} ونحن محتاجون إلى الزكاء, الإنسان يحتاج إلى زكاء نفسه كي يكون من الأبرار, وعنصراً صالحاً في الدنيا, يقوم بدور عظيم يترتب عليه فلاحه وخيره وفوزه في الدنيا والآخرة.
{يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} وأيضاً معلماً, رسول الله من مهامه تجاهنا - أيها الإخوة - أن يكون معلماً لنا, يعلمنا كتاب الله الحكيم, كتاب الله الكريم, كتاب الله الذي يتضمن التعاليم العظيمة, التي إن أخذنا بها نسعد في الدنيا والآخرة ونسلم من عذاب الله في الدنيا والآخرة, ونعيش في عزة وسعادة ويكون مصيرنا إلى خير في الآخرة أيضاً, معلم, معلم, يعلم كتاب الله, ويعلم هذه الأمة الحكمة لتكون أمة حكيمة, حكيمة في مواقفها, حكيمة في سلوكها, حكيمة في أعمالها, حكيمة في إدارة شؤون حياتها, حكيمة في مواجهتها مع أعدائها, تصرفاتها حكيمة, ومواقفها حكيمة, وأعمالها حكيمة.
هذا هو الرسول، وهذا هو مشروعه للأمة أولها ولاحقها، سابقها وآخرها, رسول الله هو لهذه المهمة؛ لأن يكون لنا معلماً لنا, مربياً لنا, قائداً لنا, مصلحاً لنا, يحل مشاكلنا, يزكي أنفسنا, يقودنا إلى حيث الخير, إلى حيث الرشاد, إلى حيث العزة, إلى حيث المجد, إلى حيث الفلاح, إلى السعادة, يشدنا نحو الله, ويصلنا بالله بما يكسبنا رضوان الله, وتوفيق الله, وعون الله, ونصر الله, رسول يتكفل بهذه المهمة لهذه الأمة, السابقين منهم واللاحقين {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}.
إذاً أيها الإخوة هذا يمثل فضلاً من الله علينا لنعرف هذا, رسول الله حينما بعث الله فينا رسولاً منا, هذا يعتبر فضلاً من الله علينا نحن, منة من الله علينا نحن, فحينما قال الله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} هذا من أعظم ما أكرمنا الله به أن يجعل منا رسولاً, رسولاً له هذه القيم, وهذه التعاليم, وهذه المهام العظيمة؛ لكي نكون نحن خير أمة أخرجت للناس, نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر, ونسود فوق الأمم الأخرى, وننهض بمسؤولية هي شرف كبير لنا, فالرسول منا فضل من الله علينا, وهو في نفس الوقت منة {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}(آل عمران:الآية164) حتى لا نكون أمة ضائعة, أمة تعيش دون هدف, ضائعة في كل مجال من مجالات الحياة, ثم يكون مصيرها إلى جهنم والعياذ بالله, فهذه منة, مَنَّ الله, ذلك فضل الله, شرف كبير أنعم الله به علينا, حين نعرف أن الرسول محمد هو منة من الله علينا وفضل علينا وشرف كبير لنا, وأنه من أعظم ما قدمه الله لنا, أعظم من كل النعم المادية التي لا يصبح لها أي قيمة مع الشقاء ومع الضلال ومع البعد عن هدى الله جل شأنه.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة المولد النبوي الشريف
للعام الهجري 1429هـ.