مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

نعود إلى أصل الموضوع ولأن الآيات من أولها {يَا أيُّها الَّذِيْنَ آمَنُوْا} بل الآيات التي تسبقها في أهل الكتاب توحي بأن القضية بالغة الخطورة وأن القضية هامة جداً جداً عند الله سبحانه وتعالى فيقول للناس ويذكرهم بإيمانهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102)

القضية مهمة جداً يجب أن تخافوا من الله من أن يحصل من جانبكم تقصير فيها، أن يحصل من جانبكم أي إهمال، أي تقصير، أي تفريط، القضية مهمة جداً جداً، هو يقول لنا هكذا، يذكرنا بأن نتقيه فالقضية لديه مهمة، وبالغة الخطورة، وبقدر ما تكون مهمة لديه، وبالغة الخطورة أي أن عقابه سيكون شديداً جداً على من فرط وقصر فيها، فيجب أن نتقيه أبلغ درجات التقوى {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} أقصى ما يمكن فالقضية خطيرة جداً، ومهمة جداً لديه، ولن يسمح لمن يقصر، لن يسمح لمن يفرط، لن يسمح لمن يهمل.

وهكذا تأتي عبارة: {اتَّقُوا اللَّهَ} في القرآن الكريم في مقامات كثيرة، في مقدمة كل قضية مهمة ليوحي للناس بأن المسألة مهمة لديه، فلينطلقوا من منطلق الحذر من الله من أن يقصروا في هذه القضية سيضربهم هو، سيكون عقابه شديداً عليهم، سيكون غضبه شديداً عليهم كما في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (الأنفال: من الآية1).

وهكذا تأتي في القرآن الكريم مكررة في معظم المقامات المهمة؛ لينطلق الناس من منطلق أن هذه قضية مهمة لدى الله سبحانه وتعالى، وهي في واقعها بالغة الخطورة فأي تقصير من جانبنا نحوها سيجعلنا عُرضة لسخط الله ونعوذ بالله من سخطه.

فقوله: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} أنتم في مواجهة مع طرف يمكن أن يصل بكم إلى أن تكونوا كافرين، أنا لا أريد أن تكونوا كافرين، أن تكونوا كافرين يعني أن تصبحوا من أهل جهنم، أن تتحولوا إلى أطراف، تهملون فتصبحون فعلاً في واقعكم كافرين، أي أن تضيِّعوا الرسالة التي حُمِّلْتُمُوها من جانب الله سبحانه وتعالى، أليس هذا الذي حصل بالنسبة للعرب؟ العرب ألم يُذِلِّوا الإسلام بذلتهم؟ ألم يقهروا الإسلام بقهرهم؟ ألم يضيِّعوا كتاب الله بضياعهم؟ لأنهم فرطوا في الرسالة، فرطوا في الرسالة، إذاً فكانت القضية فعلاً بالغة الخطورة.

وتقوى الله سبحانه وتعالى معناها الحذر منه، تكون دائماً تعيش حالة الحذر من جانبه فيما إذا حصل منك تقصير فيما يوجهك إليه، وفيما يرشدك إليه، وفيما يأمرك به وينهاك عنه، ليست سواء، القضايا ليست سواء أن تشرب [كوب شاي] على واحد آخر أليس هذا حراماً؟ لكن لا يقال لك في هذا المقام: اتق الله حق تقاته، حرام واتق الله لا تأخذ هذا.

لكن مقامات مهمة جداً، مقامات مهمة جداً أي تفريط من جانبك فيها هي قضايا عند الله بالغة الخطورة يعلم سوء آثارها على دينه، وعلى عباده وأنت وهذا وذاك أنتم يا هؤلاء هذه الأمة بكلها هي المعنية بأن تكون هي الطرف الذي يَدْرَأ هذا الخطر، ويدفع هذا الفساد، ويعلي هذه الكلمة، أليس هذا هو الطرف المسئول؟

إذاً فانطلقوا من منطلق الحذر؛ لأن مسئوليتكم كبيرة، وأن القضية خطيرة يجب أن تتقوا الله أبلغ درجات التقوى، أي أن تخافوه وتحذروه هو لن يسمح إطلاقاً.

وهذا فعلا شواهده قائمة، شواهده قائمة أنه غضب غضباً شديداً على الأمة أن جعلها تحت أقدام من قد ضرب عليهم الذلة والمسكنة، وجعلها أمة تائهة، تمتلك الأموال الكثيرة، تمتلك الخيرات الكثيرة ومع ذلك لا تزال أمة جاهلة، لا تزال تبعث منحاً دراسية إلى الخارج، منحا دراسية، منحا دراسية، وخبراء آتين من هناك وأناسا را يحين ليدرسوا هناك، الخبراء يعودون ولم ينفعوا بشيء، والطلاب يعودون إلى هنا ولا يعملون شيئاً، بل يعودون حرباً لأمتهم الكثير منهم, حالة من الضياع، حالة توحي بأن الأمة تواجه ضربة قاضية من الله سبحانه وتعالى، غضبة شديدة من جانبه.

لأن الله سبحانه وتعالى هو رحمن، هو رحيم يهمه أمرنا، لا يريد أن نُظْلم، لا يريد أن نكون كافرين فنستحق جهنم، هو عندما وعد بجهنم للمجرمين لم يقل: تلك جهنم فأي مجرم، أو واحد يريد أن يضل فمصيره جهنم، لا يهمه أمره، هو يهدي الناس، ويرشدهم إلى كيف يبعدهم عن مقتضى سخطه، وعقابه، كيف يبعدهم عن طريق جهنم، عن الوقوع في جهنم، هو رحيم بالناس، هو رحيم بعباده.

دينه هذا - الذي هو لا يساوي عند الكثير منا "الدخان الذي نشربه يومياً" لا يساوي الاهتمام به الاهتمام بالدخان الذي يتحول من نقود إلى دخان في الهواء- أمره عظيم عند الله، هو يعلم أنه نعمة عظيمة لعباده، يعلم أنه متى ما ضاع في وسطهم فسيضيعون هم، ويهلكون هم، متى ما ضاعوا هم، متى ما هلكوا سيضيعون هداه لعباده للبشر كلهم.

كم صعدت أصوات تقول: [يجب أن نلحق بركاب الغرب] من قبل مائة سنة بدأت من مصر، ومن بلدان أخرى [يجب أن نتثقف بثقافة الغرب، يجب أن نلحق بركاب الغرب، يجب أن نعمل على كيف نتطور مع الغرب] طيب نساء العرب [تَخَلَّعْنْ] وأصبحن يقلدن الغرب تماماً هل تطوروا؟ هل وصلوا إلى ما وصل إليه الغربيون؟ لا. لا؛ لأنهم يتصورون أن المسألة هي أن بإمكاننا أن نصل إلى ما وصل إليه الآخرون، ونحن العرب، نحن العرب من لدينا مسئولية مهمة كان بالإمكان أن تجعلنا - لو نهضنا بها - فوق أولئك الآخرين ويكونوا هم من يفكرون في اللحاق بركابنا، فالمسألة لا تتأتى، لن تحصل.

فمازال المصريون الذين انفتحوا على دول الغرب قبل أن ينفتح الصين عليها، وبعثوا بطلاب إلى الغرب قبل أن يبعث الصينيون بطلاب إليها، أصبحت الصين دولة عظمى صناعية، والمصريون مازالوا شغالين في التمثيل قطاع التمثيل كلام، مازالوا يبعثون بطلاب إلى الغرب، طلاب على طول منح دراسية يرجع قد هو فرنسيا بتفكيره يكون حربا لأمته، لدرجة أن من يرسلون ويعودون يتحولون إلى ساخرين من أمتهم.

أي أن الوضعية التي يعيش فيها العرب هي وضعية سخط، الوضعية التي يعيش فيها المسلمون وضعية سخط من الله لماذا؟ لأنهم أضاعوا دينه الذي فيه ذكرهم، وفيه شرفهم، وفيه عزتهم فلا يمكن أن يتحقق لهم شيء إلا بعد أن يعودوا هم، ومتى ما عادوا سيصبحون هم سادة الدنيا، سيصبحون هم من يفكر الآخرون باللحاق بهم، بالاهتداء بهم، بالتقليد لهم، بالتـثقف بثقافتهم، بالتحلي بأخلاقهم، فيعم الهدى الدنيا كلها.

{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} لاحظ {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} لو نأتي إلى النظر إلى الآية من منظار آخر أن يأمرك بأن تكون على أعلى درجات التقوى، ثم يقول لك: انتبه لا تموت وأنت كافر، أليست هذه حالة من التباين في التعبير تقريباً؟ عند من يفهم اللغة العربية؟ حالة من التباين في التعبير، ولهذا يأتي بعض المفسرين فيقولون: معناها ولا تموتن إلا وأنتم مستسلمون لله، خالصون لله، من أجل أن يجعلوا كلمة: {مُسْلِمُونَ} تنسجم مع كلمة {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}.

المسألة هي على وضوحها، أنتم في مواجهة فريق من أهل الكتاب، بل أنتم الآن في مواجهة أمم من أهل الكتاب تعمل على أن تردكم بعد إيمانكم كافرين، أليس هذا شيء؟ هناك طرف يعمل على أن يصل بنا إلى درجة الكفر، إلى أن نكفر، وطرف خطير سيعرف كيف يصل بنا إلى أن نكفر ونحن نشكره على ما عمل معنا، إلى كيف نكفر ونحن نتلهف على أن نلحق بركابه، كيف نكفر ونحن نثقف أنفسنا بثقافته ونعتبرها هي التحضر والتقدم والتطور، وتعني هي العقل، والسمو الروحي والبشري، والارتقاء الإنساني! أليس هذا الذي يحصل الآن في بلاد المسلمين؟ نكفر طواعية ولهذا قال: {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} (آل عمران:100)

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

(سورة آل عمران – الدرس الثاني)

}وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ{

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ:25شوال 1422هـ

الموافق:9/1/2002م

اليمن – صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر