ثم يقول -جلَّ شأنه-: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}[الأنفال: الآية31]، كان موقفهم من الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- موقفاً معادياً، وحاولوا أن يستهدفوه، وحاولوا أن يقتلوه، وكان موقفهم من القرآن الكريم كذلك موقفاً معادياً، فكانوا إذا تتلى عليهم آيات الله -سبحانه وتعالى- من القرآن الكريم لا يؤمنون بها، ولا يقبلون بها، ولا يتفاعلون معها، ولا يتأثرون بها، بل كانوا يواجهونها بهذا الكفران، بهذا الجحود، بهذه العقد: {قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا}، بدون تفاعل مع ما سمعوه من هذه الآيات المباركة، التي لو أنزلها الله على جبل لخشع ولتأثر، فيما يعبِّر عنه هذا من طغيان، من كفر، من جحود، من استكبار، ثم قولهم: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا}، مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، وليس ذلك بصحيحٍ أبداً، النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- تحداهم، فلم يأتوا ولا بمثل آيةٍ من آيات الله -سبحانه وتعالى-، كانوا عاجزين؛ إنما للمكابرة، وحسب المصطلح الإعلامي في هذا الزمن: للاستهلاك الإعلامي، والمناورة الإعلامية.
ثم قولهم: {إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}، يريدون أنما يقدِّمه القرآن الكريم من قصصٍ تاريخي، ومن حقائق، ومن مفاهيم، ومن عقائد، أنه مجرد أسطورة، ما يقدِّمه القرآن أسطورة، يعني: لا حقيقة له، ليس صحيحاً، وكان بعد الأولين، كمثل ما كان عند الأولين من أساطير وقصص خيالية لا صحة لها، فهم كفروا بالقرآن، كفروا بالرسول وكفروا بالقرآن، وواجهوا القرآن الكريم بمثل هذا النكران، وبمثل هذا الرفض، حرب إعلامية كانوا يشنونها لمعارضة الإسلام، ولمعارضة الرسالة الإلهية، حاربوا بكل الوسائل، ومكروا بكل الوسائل، وتحرَّكوا بكل الأساليب.
{وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال: الآية32]، هذا الموقف من جانبهم يوضِّح ما بلغوه من التعنت والاستكبار والجحود، عندما وصلوا إلى هذه الدرجة، فهم يحاولون أن يبدوا موقفاً نهائياً في جحودهم لهذه الرسالة ولهذا الدين، إلى هذه الدرجة أنهم يقولون وكأنهم يتظاهرون بأنهم يدعون: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، بدلاً من أن يقولوا: فاهدنا إلى هذا الحق، فاشرح صدورنا لتقبل هذا الحق، كانوا يقولون هكذا تعبيراً عن مدى تعنتهم، وتظاهراً بثقتهم بما هم عليه من الباطل، وتظاهراً بثقتهم أنَّ هذا ليس هو الحق.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
نص المحاضرة الرمضانية الرابعة والعشرون: 1441هـ 17-05-2020م.
تتمة الحديث عن الخيانة وحديث عن مكر الكافرين وتعنتهم