مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

تاريخياً بدأت بالعرض من حيث انتهت المعركة، ما بعد المعركة، حيث تشاجر البعض من المسلمين من المجاهدين الحاضرين في تلك الغزوة، تشاجروا على الأنفال، وساء ذات بينهم، وسألوا رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- من موقع الخصومة التي دارت بينهم، والتشاجر والحساسيات التي نتجت عن التركيز على موضوع الغنائم، عندما حرص البعض أن يحصل على قصدٍ وافر، وأصبحت المسألة حسَّاسة، أثَّرت على ذات بينهم.

 

الدروس: القرآن الكريم جعل المدخل إلى مسألة الجهاد في سبيل الله -سبحانه وتعالى- في هذه السورة المباركة، من نقطةٍ مهمةٍ جدًّا: فالجهاد في سبيل الله ليست مجرد عملية عسكرية تنطلق فيها وأنت تحمل هاجس النصر والغنيمة؛ إنما هي مسيرةٌ عظيمةٌ مقدَّسةٌ، تنطلق معتمدةً على أسس، وعلى مبادئ، وعلى تعليمات، وعلى أخلاق، وعلى قيم، وأول خطوةٍ فيها في هذه السورة المباركة هي: التجرد من الأطماع المادية والمكاسب والمقاصد الشخصية.

 

وفي القرآن الكريم حديثٌ واسع يركِّز على هذا الجانب في صياغة الشخصية المسلمة، وفي بناء الإنسان المجاهد في سبيل الله -سبحانه وتعالى-؛ كي يتطهر من الطمع، كي يخلص من التوجه الذي يغلب عليه المقاصد والمكاسب الشخصية والأنانيات، مثل هذا التوجه الخاضع للطمع، ومثل هذا التوجه الذي يركِّز بشكلٍ رئيسي على المقاصد والمكاسب الشخصية، سيؤثر سلباً على المسيرة الجهادية، التي تحتاج إلى الألفة، وإلى التعاون، وإلى تظافر الجهود، وإلى أن تكون الأمة والقوة التي تتحرك في هذا العمل المهم أن تكون متآخية بالأخوة الإيمانية، أن تكون متعاونة، أن تكون متظافرةً في جهودها، أن تكون متآلفةً، أن تكون مستويات التعاون والتنسيق بينها على أرقى مستوى، وأعلى مستوى.

 

إذا دخلت المكاسب والمقاصد الشخصية، وحضرت الأطماع المادية، وغلبت الأنانية؛ فهذا سيوجه ضربة قاضية لما لا بُدَّ منه للنجاح في العمل في سبيل الله، من ألفة، من تعاون، من تنسيق، من تآخٍ، يساعد على العمل الجماعي؛ لأن العمل في سبيل الله هو عمل جماعي، ومسؤولية جماعية، وحينها لا يمكن النجاح، النتيجة التي تترتب على فساد ذات البين، على ضعف التعاون، على الخلل في الألفة، على الخلل في التنسيق، على الخلل في تظافر الجهود، التي تسبب الخلل في مدى اللحمة والتعاون؛ الهزيمة ستكون هي النتيجة الحتمية لذلك.

 

فالموضوع مهم جدًّا بكل الاعتبارات، كقيمة أخلاقية ودينية وإيمانية؛ لأن من أهم ما يركِّز عليه الإيمان في العلاقات الاجتماعية بين المؤمنين هو: إرساء دعائم الأخوة، والمحبة، والمودة، والاستقرار، والتعاون، والألفة، وعندما تأتي الحساسيات، والنزاعات، والخلافات… هي تفسد ذات البين، ثم تؤثِّر على التعاون، وهذا بلا شك.

 

فالله -سبحانه وتعالى- يربينا في القرآن الكريم على أن نتجرَّد من الأطماع، أن نتخلص من المقاصد الشخصية، والأنانيات، وهو- في نفس الوقت- سيمنُّ علينا هو من واسع فضله؛ لأنه عندما قال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}، بعد أن يجرِّد الشخصية المسلمة من الأطماع، والمقاصد الشخصية، والمكاسب الشخصية، هو لا يحرمها من ذلك، في نهاية المطاف إنما تتجه الأنفال التي هي لله والرسول، وما يمنُّ الله به سواءً على مستوى الغنائم أو غيرها، إنما يتجه- في نهاية المطاف- إلى ما يمثل عاملاً مساعداً لتنفيذ المسؤوليات والأعمال، فرعاية الله تتجه إلى عباده، والخير من الله -سبحانه وتعالى- واسع، والبركة واسعة، إذا تجرَّد الناس من الأنانيات، والأطماع، والحساسيات الشخصية، والتنافس على الغنائم.

 

ثم يرسِّخ عندنا هذه النظرة، ويقررها كحكمٍ شرعي: أنها لا تعود إلى الملكية الشخصية أبداً، لا يتجه الإنسان ابتداءً وهو يرى أن له فيها ملكية شخصية، أو استحقاقاً شخصياً، وأنَّ هذه النظرة إذا تعامل الإنسان على ضوئها، وأخذ شيئاً بناءً على ذلك، أو طمع شيئاً بناءً على ذلك، فهذا يعتبر من الغلول، ومن الخيانة التي نهى الله -سبحانه وتعالى- عنها، فهي بدءاً تدخل في إطار الحق العام، على هذا النحو الذي يخضع لتوجيهات الرسول وتعليماته كقائدٍ للمسلمين، وهذا ما يزيح عن الناس التنافس والحساسيات، إذا بقيت المسألة مسألة أطماع ومكاسب شخصية، سيترتب عليها الحساسيات الكبيرة، والفتن، والتنافس غير الإيجابي، التنافس السلبي، التنافس غير الشريف، التنافس المطبوع بالطابع المادي والطمع.

 [الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة التاسعة عشر (يوم الفرقان- 2) 1441هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر