مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله
الإيمان الواعي منبع التضحية ودرع الأمة ضد التيئيس

مـوقع دائرة الثقافة القرآنية - تقارير – 11 جمادى الأولى 1447هـ
إنَّ النفوس التي تشرق بنور الإيمان الواعي تكون كالجبل الراسخ لا تُزعزعها رياح التشكيك، ولا تعصف بها عواصف التيئيس. فمن استظل بظل العزة الإلهية، واتخذ من معية الله سلاحاً ودرعاً، فلن تضرره حملات التثبيط مهما اشتدت، ولن تؤثر فيه دعوات اليأس مهما تعددت وسائلها. إنها منعة الإيمان التي تجعل المؤمن ينظر إلى المصاعب بعين الواثق بربه، المستشعر لقربه منه في كل لحظة.
ذلك هو زكاء النفس، وهو السرُّ في استعداد الإنسان لأعلى درجات العطاء والتضحية، بل والاستعداد للرحيل من دار الفناء إلى دار البقاء، بلقاء الله تعالى. وإنما تُبنى هذه النفس بجملة من القيم السامية: طهارة القلب، استقامة السلوك، رجاء ما عند الله، إيثار الآخرة على الدنيا، والتحرر من قيود الشهوات. وما قيم الإباء والشجاعة والشهامة إلا روافد تغذي هذه النفس، فتهيئها للبذل والفداء.
ولقد جسَّد الشهداء هذه القيم بأسمى صورها، فاختارهم الله لأعلى المراتب، ومنحهم وسام الشرف الأبدي، وبفضل تضحياتهم وصبرهم وصمودهم تحققت للأمة معاني النصر والعزة، وانتقلت من حالة الخوف إلى أن أصبح الأعداء يخشون بأسها، ويحسبون لها ألف حساب. فأينما وجد رجال الإيمان، رجال المواقف والثبات، وجدت القوة التي تحطم طغيان الطغاة.

  • زكاء النفس يهيئ الإنسان لمستوى العطاء والتضحية


يؤكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي أن ما يهيئ الإنسان أن يكون على هذا المستوى من البذل والتضحية والعطاء، وأن يكون مستعداً للرحيل من هذه الحياة إلى الحياة الأخرى، إلى لقاء الله سبحانه وتعالى، ومستشعراً قرب لقاء الله في كل وقت، هو الكثير من القيم: زكاء في النفس، طهارة في القلب، استقامة في السلوك، أمل في الله، رجاء في ما عند الله، رغبة في ما عند الله، تطلُّع إلى ما عند الله، تحرر من توجه النفس بشهوات هذه الحياة ورغبات هذه الحياة، وإيثار لما عند الله فوق كل ذلك. وهذه القيم والتي منها أيضاً الإباء والشجاعة والشهامة والمعروف. هذه القيم العظيمة يجب أن نتذكرها أنها هيأت الشهداء لأن يكونوا على ذلك المستوى من العطاء والبذل والتضحية؛ فاختارهم الله، ومنحهم هذا الوسام العظيم، وسام الشرف الكبير، وبتضحياتهم وتفانيهم واستبسالهم وصمودهم وصبرهم تحقق لأمتنا ما تحقق من نصر وعزة وقوة، وتغيرت المعادلة من مجتمع مؤمن يكون خائفاً إلى أن يكون هناك من جانب الأعداء خوف منه، يحسبون لهذا المجتمع ألف حساب؛ لأن فيه هكذا رجال، رجال حاضرون للشهادة، رجال مواقف، رجال صامدون، ثابتون، رجال شجاعة، شجاعة الإيمان، وعزة الإيمان، وثبات الإيمان.

ولو فقد المجتمع هذه النخبة من الرجال المستعدين للبذل في سبيل الله لهوى إلى الحالة التي وصفها الله تعالى: {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً ...}، ولأصبح المجتمع ذليلا مستعبداً، يتضاعف فيه الاستعباد والهيمنة. لكنَّ الأمة الواعية تدرك أن أعداءها لا يرعون فيها إلاً ولا ذمة، كما وصفهم القرآن: {... وأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ}. فهم يعيشون النزعة العدوانية، ويجعلون من الظلم والطغيان وسيلة للسيطرة.

وعن الأثر والفاعلية لوجود هذا النوع من الرجال بكونهم صمام الأمان في كسر شوكة العدو وإفشال مؤامراته يقول السيد القائد: "لو فقد مجتمعنا هذه النوعية من الرجال الذين لديهم الاستعداد أن يبذلوا أنفسهم، الذين لديهم الاستعداد أن يواجهوا العدو مهما كان جبروته، مهما كانت قوته، مهما كانت إمكانياته، لديهم الاستعداد أن يقدموا أنفسهم في سبيل الله، لو لم يكن لمجتمعنا هذه النوعية من الرجال لكان مجتمعاً هيناً وذليلاً ومستعبداً، ولتضاعفت وتنامت وتزايدت حالة الاستعباد، وحالة الإذلال، وحالة الهيمنة والسيطرة، ولاستحكم الشر من جانب الأعداء بظلمهم، بجبروتهم، بخستهم، بلؤمهم، بخبثهم، بإجرامهم، بحقدهم، بالنزعة العدوانية التي يعيشونها؛ لأنهم عادةً - وهذا هو ما قدمه القرآن الكريم عن الأشرار - {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ}(التوبة:الآية10). معتدون يعيشون النزعة العدوانية، يرغبون في العدوان، ويسارعون في العدوان، ويبادرون إلى العدوان، ويجعلون من العدوان والظلم والطغيان والاستعباد والتسلط وسيلة للتحكم في الناس، وسيلة للتغلب على الناس، وسيلة للسيطرة على الناس.

  • الوعي سلاح لتحطيم المنافقين

وبالوعي الراسخ يستطيع المؤمنون أن يحطموا معنويات المنافقين والمرجفين، فييأس أولئك ويضمحلون حين يرون صمود المؤمنين ككتل من الصلب. وحين تبلغ الأمة هذه الدرجة من الوعي فإن كل حملات التشكيك والتثبيط ستبوء بالفشل. 
يشير الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، في محاضرة (سورة آل عمران الدرس الثالث) إلى هذا الجانب بالقول: "نحن بحاجة إلى أن نَظهر في وعينا في سلوكنا في أعمالنا في جدنا في اهتمامنا إلى درجةٍ تحطم معنويات المخربين من المنافقين والمرجفين والذين في قلوبهم مرض، فييأسون، فيضْمَحِلُّون ويتضاءلون أمام ما يلمسونه من كل شخص منا، من جِدِّه واهتمامه ووعيه، فيرون الناس كتلاً من الصلب.. تتضاءل نفسياتهم، وتضمحل، ويتلاشون شيئاً فشيئاً، حتى يصبحوا في المجتمع لا قيمة لهم، وحتى يصل إلى درجة أن لا يعرف ماذا يقول وبماذا يتفوه معي أو معك، تضطرب المسألة لديه، يتلَجْلَج الباطل في فمه، فلا يعرف ماذا يقول وماذا يعمل. إذا وصلت الأمة إلى وعي من هذا النوع، فلو اتجهت عشرات المحطات والقنوات الفضائية ومحطات الإذاعة نحو مجتمع من هذا النوع كل ذبذباتها ستنطلق إلى الجو، ولن تصل إلى أرض نفسيتك، لن تؤثر فيك".

  • طاعة حقيقية وعمل جاد لنتغلب على الأعداء

ولا بد للأمة من طاعة حقيقية وعمل جاد لتتغلب على عدوها كما أمر الله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا}. فالثقة بوعد الله هي الأساس، وهو القائل: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.
ويؤكد الشهيد القائد على أهمية الطاعة المطلقة كأحد أهم عوامل النصر فيقول في الدرس الثامن عشر من دروس رمضان: "... {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً} (النساء:83 ـ84). ولاحظ كلما يذكر قضية هي عادة من الأشياء التي تشكل وهناً داخل المجتمع، ألم يذكر هنا عن أشخاص مواقفهم، منطقهم، لكن هنا يعطي أملا وتثبيتا للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله)، كذلك للمؤمنين أن يظلوا مستقيمين وثابتين؛ لأن هذه الأشياء -في الأخير- عندما تكون من أطراف هي تعتبر ليست منهم، فمن هو منكم، من هو من الناس، من هو مؤمن سيلتزم، هذه لن تضر في الأخير إذا كانوا ثابتين، أي: ليس المعنى أن الاستقامة والثبات أن تكون ثابتاً ومستقيماً، لكن إذا ما هناك شيء، لا عدو ولا كلام ولا شائعات ولا شيء. استقم وكن ثابتاً، ويأتي هذا التأييد من الله سبحانه وتعالى، وإن كان هناك أشياء.
وهذه قضية هامة؛ لأنه كثير من الناس متى ما رأى الوضع، أناس لا ينطلقون، وأناس مخذِّلون، وأناس يتحركون مع العدو، وأناس كذا.. إلى آخره، اعتبر أنها قضية لم يعد بالإمكان أن يتحرك فيها شيء، أنها وضعية لا يمكن يستقيم فيها عمل، ولا ينجح الناس أبداً أن يعملوا في دين الله فيها؛ لهذا قال له: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} (النساء: من الآية84)، وعسى من جهة الله هي وعد {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً} (النساء: من الآية84). قال سابقاً بعدما قال عنهم: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} (النساء: من الآية81) كيف قال بعد؟ {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} (النساء: من الآية81). أليست تلك حالة تعتبر خطيرة؟ أليس المطلوب في مواقف الناس أنه طاعة، وطاعة حقيقية؟ لكن قد يحصل أناس آخرون يبيتون خلاف ما تقول، ألست ستعتبر هذه حالة من الوهن داخل المجتمع الذي أنت فيه؟ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّه يعني: لا تتراجع، لا يحصل عندك تراجع عندما ترى مظاهر من هذه التي تعتبر خلخلة".

  • معية الله تنسف مشاعر الضعف

 
أول نقطة من عوامل القوة في مسألة الجهاد في سبيل الله هي الانطلاق معتمدا على معية الله سبحانه وتعالى، ونصره، وتأييده، وهذا يمثل عامل اطمئنان مهم جدا، لأنه مهما كانت إمكانياتنا محدودة وقدراتنا بسيطة ونحن نواجه عدوا لديه العدد الكبير من الجنود، والإمكانيات والقدرات العسكرية الكبيرة، فنحن حينئذٍ لا ننطلق من منطلق المقارنة بين مستوى ما نملك وما يملكه العدو، بل نعتمد على الله سبحانه وتعالى، ونتوكل عليه، ونحسب حساب الله القوي العزيز القاهر، الذي هو جل شأنه، مهما كانت قدرات العدو وإمكاناته، فإن الله هو من يملك قلب العدو ومشاعره، والله هو القادر على أن يلقي في قلب العدو الرعب، ثم لا يتماسك، ويفقد توازنه وقوته وشعوره بالقوة، مهما كان ما بيده من سلاح، وفي الأخير تنهار معنوياته تماماً.
يقول السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي: "انطلاقة الإنسان المؤمن في موقفه الحق، وقضيته العادلة، وهو يواجه الظلم، ويواجه الطغيان، ويواجه العدوان، وهو يحمل هذا الإيمان: أن الله مع المؤمنين، أنه يستند إلى وعد الله سبحانه وتعالى بالنصر، يوجِد لديه اندفاعا كبيرا، ويعزز في نفسه معنويات عالية، لم يعد يشعر بالضعف، ما الذي يؤثر على موقف الإنسان؟ ما الذي يؤثر على نفسيته؟ ما الذي يسبب الهزيمة لأي قوم أو أمة؟ الشعور بالضعف. ما هو العامل المهم في الميدان؟ الشعور بالقوة، الإنسان المؤمن الذي ترسخ في وجدانه وفي يقينه وفي مشاعره أن الله معه، حاضر معه، ليس غائباً عنه، ولا غافلاً عنه، وأنه يستند إلى الله، ويعتمد على الله، ويتوكل على الله، ويستذكر وعد الله بالنصر "وكان حقا علينا نصر المؤمنين"، "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"، "وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُ". كل هذه الوعود الإلهية هي وعود صادقة، وعود جادة ليست هزلية، وليست لمجرد الخداع أو أن الهدف منها الدفع بالآخرين، إذا اندفعوا خلاص ثم يتنصل عنهم، لا، إذا عملنا ما علينا أن نعمل وفق التوجيهات الإلهية فالله هو الأوفى، والله هو الأصدق، ولن يخلف وعده أبدا، "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا". ما أحد أصدق من الله أبدا".

  • الشدة على الطاغوت هي الحكمة

إن الشدة على الأعداء والرحمة بين المؤمنين هي منهج القرآن: {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}. فلا لين مع الطغاة، ولا شدة مع المؤمنين. وهذا هو السبيل إلى الظهور على الباطل.
ويؤكد السيد القائد -في خطاب المولد النبوي الشريف 1429هـ- قائلا: "يقول الله {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً}(الفتح:من الآية29). رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن معه يقتدون به، يتبعونه، لديهم الشدة، هم أشداء، لكن على من؟ تلك الشدة، تلك القسوة، على من؟ على الكفار، على الشر، على الباطل، على الظلم، على الطغيان، أشداء على الكفار؛ لأنه لا يجدي أمام الكفار إلا الشدة، الشدة في مواجهة الكفار هي الحكمة، هي الحكمة التي أرشد إليها الله، وأمر بها الله؛ لأن الكفار لا يمتلكون قيما، وليس فيهم إنسانية، ليس لديهم رحمة، ولا لديهم ضمير، فهم حينما لا يكون هناك شدة في مواجهتهم وعليهم، حينما يُعاملون بالرحمة، ويُعاملون بالدبلوماسية والعلاقات وما شابه ذلك يكونون هم من يسطون على الأمة، من يفتكون بالأمة، من يضربون الأمة، من يذلون الأمة، وهذا واقع، هذا واقع – أيها الإخوة – أمام الكفار من اليهود والنصارى، الأمريكيين والإسرائيليين، هؤلاء هل أجْدَتْ تلك السياسة التي يعتمد عليها الحكام العرب؟ الليونة، اللطف، الدبلوماسية، العلاقات، مد اليد للسلام، وما شابهَ ذلك، هل أجدت؟ لم تجدِ شيئاً، لم تدفع ضراً ولم تكشف شراً، ولا دفعت عن الأمة أي خطر أبداً".


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر