من المهم لنا في شعبنا الـيَـمَـني العزيز وفي واقع المنطقة عُمُوْماً أن ندرك أن الأحداث القائمة حالياً وهذا الواقع المأزوم بكله ليس حالة عابرة ولم يأتِ بالصدفة ولم يكن حالة طرأت هكذا إلى الواقع بدون مقدمات، لا، نحن أَمَـام مرحلة من مراحلَ كثيرة اشتغل عليها الأَمريكي والإسْرَائيْلي وأعوانهم حتى أوصلوا واقع الأُمَّــة إلَـى ما وصل إليه، وحتى أحدثوا كُلّ هذه المشاكل في واقع الأُمَّــة وصنعوا كُلّ هذه الأَزَمَـات في واقع الأُمَّــة، وهم في حرب متواصلة على الأُمَّــة وهم لا يألون جُهداً في أن يلحقوا أبلغ الضرر بالأمة.. وساذج وغبي وأحمق وجاهل من ينتظر أن تتجهَ أَمريكا سواء في واقع مشكلة هنا أَوْ واقع مشكلة هناك بحُسن نية وبإرادة خير وبدافع إنْسَـانية وبفعل سامٍ لحل مشكلة وإصلاح واقع وإنهاء أزمة غبي. الأَمريكي يستثمر في الأزمة أن تبقى وفي المشاكل أن تتغذى وتتنامى وفي الصراع أن يدوم ويستمر، ولكنه يحرص دَائماً على أن يتحكم بكل قواعد اللعبة وان يبقى متحكماً في مسار الأحداث ليضمَنَ استمرارها على النحو الذي يريده وبما يحقق أَهْـدَافه، هذا الذي يسعى له الأَمريكيون ويحرص عليه الإسْرَائيْليون ويستفيد منه الإسْرَائيْليون بشكل كبير. إذاً فأين تتجه أنظار شعوبنا أَمَـام هذا كله، ننتظر من أَمريكا وننتظر من أَدَوَات أَمريكا، وننظر إليها نشخر فيها ونأمل منها أن تعالج هذه المشاكل وتحل هذه الأَزَمَـات وتصلح هذا الواقع وتعالج هذا الجراح، لا، لا في بلدنا ولا في أي بلد آخر، هذا الواقع هو محطة من محطات الكيد و المكر الأَمريكي والإسْرَائيْلي. التَّـحَـرُّكُ بمسؤولية هو السبيل لإنقاذ الأمة شعوبُنا أَمَـامَ كُلّ ذلك بين خيارين: إما الاذعان والتسليم لهذه المخاطر وإفساح المجال للأَمريكي وأَدَوَاته ليشتغلوا شغلهم في الأُمَّــة ويعملوا ما يريدون وينفذوا كُلّ مكائدهم ومؤامراتهم بحق الأُمَّــة دون أية عوائق ولا مطبات أَمَامـهم حتى يوصلوا إلَـى النتيجة التي يريدونها وهي أَسْـوَأ نتيجة خسارة الدنيا والآخرة، أَوْ أن تتَـحَـرّك الأُمَّــة أن تعتصم بالله سبحانه وتعالى، أن تعود إلَـى مبادئها العظيمة وَإلَى قيمها الأصيلة وَإلَى فطرتها الإنْسَـانية، وتتَـحَـرّك تَـحَـرّكاً مسؤولاً تعي مسؤوليتها أَمَـام نفسها وأمام الله سبحانه وتعالى الذي لا يرضى لها الإذعان والخنوع والاستسلام وأعداؤها يسحقونها ويرتكبون بحقها أبشع الجرائم ويسعون إلَـى القضاء عليها وإنهاء كيانها ووجودها بكل ما يعنيه هذا الوجود. الخيارُ بالتأكيد الخيار الصحيح الذي تقتضيه الفطرة الإنْسَـانية وتفرضه المبادئ ويفرضه الدين والقيم والأَخْلَاق أن تتَـحَـرّك هذه الأُمَّــة لتدفع عن نفسها تلك الأَخْطَـار، أن تتَـحَـرّك بشكل شامل بقدر ما يتَـحَـرّك الأَعْــدَاء بشكل شامل، أن يكون هذا التَّـحَـرُّكُ بشكل شامل، وأن تحرص على كُلّ ما يعطيها قوة في الموقف أن تحرص على ذلك كله وتتَـحَـرّك على كُلّ المستويات. الوعيُ.. الأُمَّــة بأمس الحاجة إلَـى الوعي، التَّـحَـرُّك العملي على كُلّ المستويات، اليوم الشعوب مكشوفة الظهر لا جيوش قوية تحميها ولا كيانات بشكل دول يمكن أن تعول عليها لتدفع عنها الخطر والشر يطالها بشكل مباشر، والمؤامرات تنزل اليوم إلى الميدان الشَّـعْـبي بشكل مباشر؛ لأَن موضوع الحكومات بالأَغلب قد انتهت منه أَمريكا البعض صار مجرد دُمية يتَـحَـرّك لتنفيذ المؤامرات، والبعضُ إما قضي عليه وإما مستغرق يعيش حالة الأزمة الخانقة التي تفقده القدرة على الفعل الكبير في واقع الأُمَّــة، فالشعوب معنية بنفسها معنية بحكم الفطرة الإنْسَـانية وبحكم الدين والمسؤولية الدينية، إن الله يأمرنا أن نتحرر من الطواغيت، إن الله يريد لنا أن لا يستعبدنا أحد أياً كان وبأي عنوان كان، إن الله سبحان وتعالى يرد لنا العزة ولا يرضى لنا أن نقبَلَ بالذلة والهوان، إن الله سبحانه وتعالي هو القائل، (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )، أن الله يريد لنا الكرامة أن الله يريد لنا أن لا نظلم وان لا نقبل من الآخرين بان يظلمونا أبشع الظلم وبكل أشكال الظلم عَسكرياً واقتصادياً وسياسياً وتحت كُلّ العناوين، (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ)، (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ).
السيد:
عبد الملك بدر الدين الحوثي/ حفظه الله.
من خطابه بمناسبة ( ذكري الصرخة )/ عام / 1437 / هـ