وفي سُورة البقرة الدّرس العاشر من دروس رمضان عند قصّة طالوت وجالوت, يبيّن السّيد كيف تكون السُّنة الإلهيّة في الاصطفاء والاختيار, فعند قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ﴾[البقرة: من الآية247], يبيّن السّيد أنّ السُّنّة الإلهيّة في الإصطفاء تقوم على أساس علم الله واختياره بمن يصلح لقيادة النّاس وهدايتهم, وفق معايير إلهيّة دقيقة, يقول السيد: (ليس من الأشخاص الذين هم ينتظرون أنه قد يكون ربما ذلك، أو ذاك، أو ذاك.. جاء شخص ليسوا متوقعين أن يكون هو..هو ﴿قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ﴾[البقرة: من الآية247] هؤلاء الملأ، والكلام من البداية مع الملأ، الملأ: يعني كبار الوجهاء، وكبار الناس, أي: ربما يكونون منتظرين أنه سيقول: أنت يا فلان، أو أنت. ألستم أنتم قلتم أنكم تريدون من جهة النبي نفسه، هو أن يبعث؟ إذاً فالله هو أعلم بمن يصلح للقيادة، أليس هو أعلم؟ قالوا هنا: ﴿وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ﴾ [البقرة: من الآية247]. ليس لديه فلوس كثيرة، لاحظ هذه نظرة ثانية في تقييم مؤهلات القيادة، ما لديه فلوس.
﴿قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾ [البقرة: من الآية247]. لكن ليس معناه الإصطفاء عليهم، اصطفاه على الملأ هؤلاء الذين قد يكون عند كل واحد منهم يتصور أنه سيعيّن قائداً من عند الله) سورة البقرة الدرس العاشر.
ويوضّح السّيد أنّ الاصطفاء والاختيار الإلهيّ يأتي من أجل النّاس ولمصلحتهم, وأنّ الاصطفاء لهم هم حتّى يهتدو, ويتوفّقوا في الحياة, وينتصروا, مبيّناً أنّ الله يؤتي ملكه من يشاء من عباده, وفق مواصفات, ومعايير إلهيّة تقوم على سعة علمه وتدبيره, وأنّ النّاس عندما يتجاوزون هذه المسألة, ويسيرون فيها وفق أهواءهم, واعتباراتهم الشّخصيّة والماديّة سيفشلون في الأخير, وتعود عليهم هذه الطريقة بنتائج كارثيّة لا يستطيعون ويقدرون على تحمّلها, فيقول السّيد عند هذه الآية :(﴿قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ﴾. ثم لاحظ ﴿اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ﴾ أي: اصطفاه عليكم لكم، أليس عليكم لكم في الواقع؟ لاحظ كيف انتهت الطريقة بشكل عجيب؟ ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾ في تأهيله لقيادتهم ﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: من الآية247]. فإذا البشر يريدون أن يتحركوا على هداه، وفي سبيله هي هذه، يريدون هم عناوين ثانية، يتفقون هم وأنفسهم، عناوين أخرى وقادة آخرين هم يختارونهم وفق مواصفات أخرى، ونظرة أخرى من عندهم، هذا موضوع ثاني، يتفقون هم وأنفسهم والنتيجة هم سيرونها في الأخير.
أما إذا أنتم تريدون طريق الله فهي هذه، الله يقول: ﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: من الآية247]. لا يقدرّون أنه لم يعد مع الله مجال إلا واحداً منهم، الملأ عندما يكونون اثنا عشر أو كمَّا كانوا من كبارهم عندهم أن ما هناك غيرهم ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة: من الآية247] يطلع واحد من هناك لماذا؟ لأنه من أجلهم هم، ولمصلحتهم هم، وحتى تكون العملية ناجحة وينتصرون في الأخير) سورة البقرة الدرس العاشر.
التسليم والطاعة لله
في سورة آل عمران الدّرس الثّالث عشر من دروس رمضان عند قوله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[آل عمران: الآيات من 31 - 34] يبيّن السّيد أنّ الأمر كله لله في عباده, وأنّه يؤتي الملك من يشاء, وينزعه ممّن يشاء, وأنّ الذي يجب على النّاس أمام الاصطفاء والاختيار الإلهيّ هو أن يسلّموا لله التّسليم المطلق, مبيّناً أنّ الله قد جعل علامة, ومصداقيّة التّسليم له, هو الطّاعة والإتّباع الصّادق لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله), فيقول: (تقرر هذه الآيات كلها وكثير من أمثالها في القرآن الكريم مما قد سبق، وبقية السور أعني: هي تؤكد وتقرر قضية: أن الله سبحانه وتعالى هو الذي له الحكم والأمر في عباده، هو الذي خلق الخلق، هو الذي له ما في السموات وما في الأرض وهو على كل شيء قدير فهو يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، فدور الناس أو تنتهي القضية بالنسبة للناس إلى التسليم المطلق لأمر الله سبحانه وتعالى ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ﴾ تدَّعون أنكم تحبون الله ﴿فَاْتَّبِعُوْنِيْ﴾ هذا مؤشر وعلامة للتسليم لله سبحانه وتعالى، وليس كل واحد من عنده من هنا ومن هنا فاتبعوني ليحببكم الله) سورة آل عمران الدرس الثالث عشر.
التّسليم المطلق لله هو الّذي يقوم على الوعي, والإيمان, والخضوع, والإذعان لله, وأوامره, وتوجيهاته, بدون أيّ تكلف, أو تصنّع, أو شعور بمشقة على النّفس, وصعوبة في التقبّل للأوامر, والتّوجيهات الإلهيّة, يقول السيد: (الله قد جعل علامة التسليم له ومصداقية حبه أن يتبعوا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ثم قال بعد: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾[آل عمران: من الآية 32] اتباع طاعة قد يكون الإتباع فيه نوع من الشعور بالقسرية بالكراهية بنوع من الثقل على النفس، لكن يجب أن يكون على هذا النحو: الإتباع لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) اتباع طاعة ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾[آل عمران: من الآية 32] هذا الرسول وإن لم يكن منكم، وإن لم يكن من بني إسرائيل، الله هو الذي له الحكم والأمر في عباده، يجب أن تسلموا له والقضية لم تخرج عن السنة الإلهية في موضوع الإصطفاء، في موضوع الإصطفاء ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوْحَاً وَآلَ إِبْرَاهِيْمَ..﴾[آل عمران: من الآية 33] إلى آخر الآية، ومحمد (صلوات الله عليه وعلى آله) هو من آل إبراهيم اصطفاء ذرية بعضها من بعض، فهذا الرسول الذي أمرتم بطاعته والذي جعلت طاعته علامة لمحبتكم إن كنتم صادقين في دعواكم الحب لله هو نفسه أصطفي واختير؛ لأن هذه هي سنة إلهية ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوْحَاً وَآلَ إِبْرَاهِيْمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِيْنَ﴾[آل عمران: الآية 33] فهو اصطفى رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ليكون رسولاً للعالمين) سورة آل عمران الدرس الثالث عشر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.