عبدالفتاح حيدرة
في محاضرته الرمضانية التاسعة عشرة لعام 1443هـ ، تحدث السيد القائد - عليه سلام الله ورضوانه - حول فريضة الجهاد في سبيل الله، وهو فريضة من أهم فرائض الدين ومن ضمن الالتزامات الأساسية للدين، والقرآن تحدث عن الجهاد أكثر من فريضة أخرى، وهو حديث واسع جدا ويبدأ بقوله تعالى (ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوْلِيَآءَ ٱلشَّيْطَٰنِ ۖ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا)، هكذا يتوجه المؤمن لله، والجهاد في سبيل في سبيل الله هي صفقة مع الله سبحانه وتعالى القائل (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، هذه الصفقة مقابلها الجنة، والمؤمن يقدم ما هو لله، ويأمن مستقبله السعيد للأبد، و الآيات تبين ان مصداقية الانسان تتوقف على كمال إيمانه بقيامة بهذه الفريضة، والانسان الذي يعتبر نفسه كامل الايمان، ولكنه لا يريد الجهاد في سبيل الله ومتنصل عن هذه المسئولية المقدسة، ومنصرف عن ذلك فليس بمؤمن ابدا..
ان الوز كبير عندما يتنصل الانسان عن هذه المسئولية، وخاصة عندما تكون الفرصة موجودة، والانسان في هذه الفرصة حيه لكمال الايمان، وإذا تهيأت الظروف وانطلق الناس للجهاد في سبيل الله والتحرك في سبيل بالنفس والمال وفي باقي المجالات، وهي مسئولية يعظم فيها الإثم عندما يتم التنصل والتفريط بها، واقع المسلمين يتطلب أحياء هذه الفريضه، الظروف الراهنة للأمة ليست بسيطه، بل أن حجم التحديات و المخاطر كبيرة، وهذا يستدعي تحرك الأمة للقيام بهذه الفريضة، لأن مبدأ الجهاد يرتكز على الثقة بالله والتوكل على الله، والكثير مكبلين بسبب انعدام ثقتهم بالله وبنصرة وتأييدة، حتى الوصول إلى اليأس، وبالرغم من وجود الشواهد التي في واقع الحياة، مثل انتصار (حزب=الله) على العدو الاسرائيلي، وإنتصار المجاهدين في غزة، وإنتصار شعبنا اليمني على أكبر عدوان على وجه الأرض، وتم افشال مخططات العدو، والشواهد العملية تقدم حجه على الأمة وتطمن الناس الاستجابة لله، وسيكون معهم، والوعد بالنصر مؤكد ووعده مؤكد، لقولة تعالى (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، وأهل اليقين والثقة بالله لا يرتابوا من الجهاد في سبيل ابدا..
بالاضافة الى الرغبة بما عند الله وما وعد الله به المجاهدين في سبيله بأن لهم الجنة، وقدم وعدا في جميع كتبه في التوراة والإنجيل والقرآن لهذا الأجر العظيم، والتحرك في سبيل الله يدل على الاعتزاز الايماني أمام الاشرار و الطغاة، الذين يظلمون الأمة ويسومونهم سوء العذاب، وجزء من محاربة الأعداء هو طمس هذه الهوية الايمانية، لا يمكن اقامة الدين في واقع الأمة لتحقيق الإستقلال والحرية الا بالجهاد، لأن ما يسعى له اعداء الأمة هو تثبيط الأمة لتكون سيطرتهم اساسا للتبعية والارتهان، وعندما تتوجه الأمة لفصل التبعية عن اعدائها وتتبع الحق وهدى الله وتقتدي بنبيها ، هذا هذا هو جوهر المشكلة مع الكافرين، الانتماء والولاء الايماني معياره المهم والحقيقي هو الجهاد في سبيل الله، والاحداث تمثل الاختبار للإنسان والموقف حول علاقته بالله وموقفه وولائه الايماني، يقول الله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ) و الصابرين الذين يصبرون في جهادهم يمثل ذلك معيارا للموقف الحق، والبعض قد يفصل له القدوة (الرطيبه)، و المعيار الحق هو معيار الله، من هو المطيع لربه والواثق بالله ليضحي بنفسه من أجل الله سبحانة وتعالى ويواجه المخاطر و الصعوبات ..
من أهم معطيات واسباب القيام بفريضة الجهاد في سبيل الله انه الوسيلة المجدية الصحيحة للانسان لدفع شر الاعداء والاشرار من البشر ، ومشكلة الأمة انها عندما تركت الجهاد ضعفت، في مسيرة الاسلام الأولى وفي حركة رسول الله صل الله عليه وعلى آله وحتى اليوم من عزة ومنعة نالتها مثلا في عصرنا الحديث الجمهورية الاسلامية الإيرانية والمجاهدين في لبنان والعراق وفلسطين وفي اليمن ، كان الجهاد في سبيل الله هو منحهم القوة والعزة والمنعة ، وكان الرسول يحرض المؤمنين وبشكل مكثف للتحرك في الجهاد ، والجهاد اليوم هو الذي يدفع شر الأعداء الذين يتحركون بعدائية شديدة وأكثر جديه وهم أعداء ، والأمة اليوم بحاجة الله، وإذا أردنا ان يكون الله معنا علينا أن نتحرك بأداء وتحرك إيماني، لأن لدينا أعداء يبطشون بكل شئ بوحشية واجرام و إنتهاك للحرمات، وهذا معروف منذ بداية التاريخ وحتى جرائم العدوان على بلدنا، وهذا يحتاج إلى ردع، وتحرك تام للردع الكامل، وعلينا أن نستنتطق التاريخ لانتهاك الأعداء للحرمات، التي غيبت عن الاعلام والمناهج المدرسية، والعدو أصبح يحسب الف الف حساب لعملية الردع ، والجهاد هو العامل المهم لنهضة الأمة وقوتها..
قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) وهذه الآية كافية لفريضة امتلاك الأمة القوة وميل بركة الجهاد، ولاحظوا هذه البركة التي بدأ يعتمد عليها المجاهدون في إيران ولبنان وفلسطين والعراق واليمن ، وتعطيل فريضة الجهاد من أهم عوامل ضعف الأمة في كافة المجالات، الأعداء والأمم الأخرى يتحركوا على أساس هذه الآية، وكانها نزلت على امريكا والصين وروسيا، والمسلمين حينما عطلوا هذا الجانب ضعفوا واهينوا..
إن الاتجاه لبناء القوة هو من بركة الجهاد، وهذا يمثل اكبر عامل نهضة وقوة، ان تعد أكثر ما تستطيع من قوة للمواجهة، واكبر قوة هي قوة الايمان التي تجعل الكل يتجه لبناء قوته التي تتطلب المواجهه، القوة التي تردع عدوكم والقوة التي يحسب لها العدو الف حساب، القوة التي اذا فكر العدو مواجهتها يعرف انه سيخسر، وهذا ما يجب أن يتوجه له المؤمنون، وفي واقعنا المعاصر نجد ان إيران التي يعاديها الغرب وامريكا واسرائيل نجد التهيب من إيران على الرغم من العداء الشديد لها، وفي لبنان وفي غزة، نرى كيف بدأ العدو الإسرائيلي يتهيب من الدخول في معركة معهم، واليوم حتى تحالف العدوان بدأ يعرف انه تورط في مواجهته مع شعبنا، لأنه واجه شعب مسلم مجاهد، باتوا في كل مرحلة أقوى، القوة هي القوة الايمانية والقوة العسكرية والاقتصادية... الخ وقوة التعاون وكل عوامل القوة مهمه ولابد منها، ولابد ان نكون حاملين للروح الجهادية والأخذ بكل أسباب القوة والنصر الإلهي، لمواجهة الحرب العسكرية والحرب الناعمة، والأيمان له أثر عظيم في مقت الذل و الظلم والفساد، ويحب العزة والنصر والقوة، والخطر فيما وراء كل هذا وهي العياذ بالله - جهنم ، والجانب الاساسي ومن اهم سلاح في معركتنا مع العدو هو (الوعي)، والعدو يحقد ويكره فينا كتابنا و إيماننا ورسولنا ومقدساتنا، آخرها حرق القرآن الكريم في السويد، اذا لم يبقى لدى الأمة اعتزاز لدينها ومقدساتها، أصبحت لاشئ ورخيصة وتافهه، ولا يحميها في كل هذا غير الجهاد في سبيل الله، وما يحصل من انتهاكات على الأمة ان تعترض وتحتج وتخرج للمواجهة حتى بالكلمة..