ثم في الأخير يقدم لهم مواصفات رئيسية، تعتبر مصادقاً للانتماء الصادق، تعتبر معياراً للانتماء الصادق: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}، المؤمن لا يرتاب أبداً في وعد الله "سبحانه وتعالى"، يصدق ويثق بوعد الله وبوعيده، يؤمن بكل ثقة، بيقين، ببصيرة، ثم لا يرتاب أبداً، حتى وإن حصلت حملات تضليل، وإن واجه حملات التضليل والتشكيك، لا يتأثر بها؛ لأنه ينطلق عن يقين، عن بصيرة، عن وعي، عن فهم، عن معرفة، وبالتالي لا يمكن لحملات التضليل على المستوى الثقافي والفكري، وعلى مستوى الدعاية والإعلام، أن تهز قناعته وإيمانه، فهو لا يرتاب لا بوعد الله، ولا بوعيده، ولا بموقف الحق الذي هو فيه، ولا يرتاب تجاه الحقائق والتعليمات التي ذكرها الله "سبحانه وتعالى"، لا يرتاب في شيءٍ من الحق، مما قدمه الله "سبحانه وتعالى"، إيمانه مبنيٌ على ثقة، على يقين، فلذلك لا يرتاب، ولا تجاه المتغيرات والأحداث، عندما تحصل متغيرات، عندما تحصل ظروف معينة، أحداث معينة، مهما كانت قسوتها، مهما كانت تأثيراتها، ولا أمام الإرجاف والتهويل، أيٌ من ذلك لا يمكن أن يؤثر عليه، فيسبب له الريب، الذي نتيجته الشك.
أصل الريب: قلق، واضطراب، وعدم ثقة، تصنع شكاً لدى الإنسان، مثلاً: بعض الناس قد لا يثق في قوله "سبحانه تعالى": {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: من الآية7]، قد لا يثق في قول الله "سبحانه وتعالى": {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم: من الآية47]، قد لا يثق في قول الله "سبحانه وتعالى": {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}[الحج: من الآية40]، فعندما تحصل مثلاً أحداث معينة، تحصل فيها انتكاسات، أو إخفاقات، أو هزائم، أو تراجعات، قد يكون سريع الارتياب، فيفقد ثقته بنصر الله أبداً، وهكذا تجاه بقية الوعود الإلهية، تجاه بقية الحقائق التي يقدمها الله في القرآن الكريم، قد يرتاب في أنها هي الحق، في أنها هي الحقيقة، في أنها هي الشيء الصحيح، وقد يتأثر ببدائل مناقضة لها، فيعتبرها هي الشيء الصحيح.
فالمؤمن لا يرتاب أبداً، ما هو عليه من اليقين، ما هو عليه من البصيرة، ما هو عليه من الوعي، ما يحمله من الثقة بالله "سبحانه وتعالى"، يجعله دائماً منطلقاً، متمسكاً، ثابتاً، مستقيماً، لا يتراجع، لا يتزحزح، لا يرتاب أبداً، {ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية لجمعة رجب 1443هـ