مما لا شكّ فيه أنّ موضوع الولاية والسلطة من أهمّ المواضيع السّاخنة على مستوى العالم والدنيا بكلها، والماضي والتاريخ حافل بالكثير والكثير من أمور السلطة، والسّياسة، والولاية، والصّراعات الدّامية على مختلف مراحل، وتاريخ البشريّة بما فيها تاريخ, وماضي, وحاضر هذه الأمّة, والعصر الحديث كذلك حافل بالمواقف, والأحداث, والمتغيّرات, والصّراعات السّياسيّة الدّامية حول موضوع ولاية الأمر, والسّلطة, أو الحكم, والرئاسة باختلاف وتعدّد الوضعيات.
الذي يهمنا في هذا الموضوع هو: ماهي الرّؤية الإسلاميّة، والقرآنيّة لموضوع السّلطة والولاية؟ وما هو مفهومها في الإسلام؟ وهل جعلها الإسلام قضية مفتوحة, أم لها حدود وضوابط؟ وهل أولاها القرآن والإسلام اهتماماً بالغاً, أم لا؟.
هذا هو ما سنوضّحه في هذا الموضوع من خلال الرّؤية القرآنيّة الّتي قدّمها الشّهيد القائد السّيد حسين بدر الدين الحوثي في سورة المائدة الدرس الثالث والعشرون من دروس رمضان, إضافة إلى ما سبق وسيأتي توضيحه خلال هذه القراءة من خلال الدروس والمحاضرات (دروس من هدي القرآن الكريم).
ولاية الله ولاية رحمة"
ابتداءً يعتبر موضوع ولاية الأمر, والسّلطة السّياسيّة في الإسلام مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً ومتلازماً بمعرفة الله, وولايته على عباده, ولا يمكن فصل الموضوع عن بعضه على الإطلاق, سواءً كانت ولاية نبيّ, أو رسول من أنبياء الله ورسله, أو ولي من أوليائه فهي قضية مرتبطة بالله, وولايته, وسلطانه على عباده التي تتجلى هنا في الدّنيا على يد نبيّ من أنبيائه, أو وليّ من أوليائه, ممّن يمثّلون امتداداً حقيقيّاً لولاية الله, وسلطانه, وتعتبر ولاية الأمر في الإسلام الّتي تمثّل امتداداً حقيقيّاً لولاية الله سبحانه وتعالى هي ولاية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله), وولاية الإمام علي (عليه السلام) من بعده, يقول السيد: (بعد أن جاء النهي المؤكد من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين: أن لا يتخذوا اليهود والنصارى أولياء، وبعد أن أوضح خسارة من يسارعون فيهم، والسبب الذي يدفعهم إلى المسارعة أنه نتيجة مرض في قلوبهم، وبين ما يعطي أملاً للمؤمنين: أن الله سبحانه وتعالى سيستبدل بمن ارتدوا عن دينه، سيستبدل بهم غيرهم، من وصفهم بأوصاف عظيمة، هذه الأوصاف العظيمة ليست بمعزل عن هذه الآية: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ﴾[المائدة: من الآية 55] بالإضافة إلى كونها توجيهاً للمؤمنين بشكل عام أنه لا يجوز أن تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ﴾ الذي يجب أن تتولوه فقط ﴿اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾[المائدة: من الآية 55].
وليكم الذي تعتصمون به، وتلجئون إليه، وتستنصرون به الله سبحانه وتعالى، هو من يجب أن تتولوه، وتكونوا معه وتتبعوه، وتطيعوه، ﴿وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾[المائدة: من الآية 55] الآية هنا تبين بأن ولاية الله سبحانه وتعالى في هذه الأرض التي تتجلى على يد نبي من أنبيائه، أو ولي من أوليائه إنما هي امتداد لولايته سبحانه وتعالى، امتداد لولايته، امتداد لسلطانه، لهذا جاءت بعبارة واحدة ﴿وَلِيُّكُمُ﴾ ولم تأت بعبارة الجمع فيقول: أولياؤكم مثلاً، ﴿وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾[المائدة: من الآية 55]؛ لأنها ولاية واحدة، ولاية رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هي امتداد لولاية الله، ولاية الإمام علي هي امتداد لولاية رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، باعتبار الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، ومن بعده الإمام علي امتداد لسلطان الله هنا في الأرض) سورة المائدة الدرس الثالث والعشرون.
وأبرز تجلّيات هذه الولاية في الإسلام، ومفهومها من خلال القرآن الكريم, ومن خلال التأمّل في السّموات والأرض وما بينهما, أنّها ولاية رحمة, وهداية, وتربية, ورعاية, وتكريم قبل أن تكون سلطة, وولاية تنفيذيّة, وهذه هي ولاية الله, ورسوله, والإمام علي الّتي يقدّمها القرآن الكريم, يقول السيد: (هنا يعطينا فهماً بالنسبة للولاية في الإسلام، عندما نقول: السلطة في الإسلام كيف هي؟ عندما تعود إلى القرآن الكريم ترى في سور كثيرة، في آيات كثيرة، وعندما تعود أيضاً إلى واقع الحياة، تتأمل في السماوات والأرض وما بينهما من خلق الله تجد أن ولاية الله سبحانه وتعالى هي ولاية رحمة، ولاية رعاية، ولاية تربية، ليست مجرد سلطة هكذا، سلطة قاسية، أوامر ونواهي فقط، ولاية رحمة بكل ما تعنيه الكلمة, عندما تأتي إلى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وتتعرف عليه من خلال القرآن الكريم، ومن خلال ما نعلمه من سيرته (صلوات الله عليه وعلى آله) تجد أيضا أنه كان يجسد هذه الولاية ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾[التوبة: 128]. عندما تأتي إلى ولاية الإمام علي نفس الشيء) سورة المائدة الدرس الثالث والعشرون.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.