أيها الإخوة الأعزاء الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قام بمسؤوليته على أكمل وجه, وبلغ البلاغ المبين, وجاهد في سبيل الله؛ لأن الله جل شأنه جعل إقامة هذا الدين يقترن بها الجهاد في سبيل الله, الله يقول: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} (الحديد:من الآية 25) أنزل الله مع الكتاب وأنزل مع الرسل الحديد, الحديد.
والإسلام - أيها الإخوة - يربي رجالاً يحملون الحديد فيذودون به عن هدى الله, فيواجهون به الطغاة, ويواجهون بالحديد المستكبرين, ويواجهون بالحديد الطامعين الذين يريدون أن يطفئوا دين الله.
إن دين الله يربي رجالاً, ينتج رجالاً, ينتج أبطالاً يخلعون ثوب الذل, وكذلك يكونون بعيداً عن السكينة المسكنة والهوان والإذلال والتعاسة, رجالاً أعزاء بعزة الله العزيز, وبعزة رسوله العزيز, وبعزة القرآن العزيز, أنزل الله الحديد ليكون أبناء الإسلام, أمة محمد, أتباع محمد رجالاً يحملون الحديد فيدافعون بالحديد عن أنفسهم, وبالحديد الذي حمله رسول الله درعاً, وبالحديد الذي حمله رسول الله سيفاً, وبالحديد الذي حمله رسول الله سهماً, تحرك رسول الله كأعظم قائد عسكري وبطل ورجل عظيم ليقارع الطغيان, ليقارع المنكر, واجه اليهود وهزمهم, وواجه مشركي العرب وطغاة العرب, والمفسدين من العرب وهزمهم, وواجه أيضاً النصارى بكل إمكانياتهم العسكرية وانتصر عليهم.
هذا هو رسول الله الذي خاض الكثير من المعارك ذوداً عن الحق, من أجل المستضعفين, من أجل المظلومين, من أجل إقامة الحق, من أجل إزالة الظلم وإزالة الطغيان, على هذا الأساس قام الدين, وقام الحق, وقام العدل, وأصبح للمسلمين كيان عزيز, وكيان مقتدر وقوي.
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بجهاده العظيم حتى وهو يحتضر, وهو يحتضر على فراش الموت كان قد أعد سرية جهادية, أعد جيشاً مجاهداً وهو يقول: ((أنفذوا جيش أسامة, أنفذوا جيش أسامة)), بهذه الجهود العظيمة التي بذلها (صلى عليه وآله وسلم) وهو يبلغ ثم وهو يقاتل, ثم وهو يربي, ثم وهو يعلم, ثم وهو يصلح, بهذه الجهود العظيمة قام للإسلام كيان عزيز وعظيم وقوي, لكنه فيما بعد تضعضع ذلك البنيان وحصل تراجع لدى المسلمين, في التراجع عن تلك التعليمات المهمة والعظيمة, وفي نفس الوقت مع هذا التراجع الذي صحبه ذلة وهوان, وصحبه تشتت وفرقة, وصحبه انعدام للضمير وانعدام للشعور بالمسؤولية, وانحطاط في القيم, حتى أصبح أغلب المنتمين للإسلام يحملون نفوساً مهزومة ومأزومة وضعيفة وهزيلة, وفي نفس الوقت أصبحوا قابلين لأن يُظلموا وأن يُستذلوا وأن يُقهروا وأن يُهانوا.
لكن - أيها الإخوة - هل يفيد الأمة نسيانها لنبيها؟ هل يفيد الأمة ابتعادها عن دينها؟ كلا والله لن يفيدها ذلك, إن هذا يسبب شقاءها أكثر, ويسبب معاناتها أكثر واستعبادها أشد, يسبب لأن يهيمن عليها الطغاة وأعداؤها فيذلونها ويقهرونها, وتكون حياة الناس حياة شقية, ثم في نفس الوقت تبقى المسؤولية أمام الله, تبقى المسؤولية أمام الله لأنا كلنا مسؤولون, مسؤولون عن أن نكون أتباعاً لهذا النبي, نسير على دربه, نأخذ بتعليماته, نقتدي به, ونتأسى به {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:الآية21) أسوة نتأسى به, ونقتدي به, ونتبعه, ونطيعه, ونأخذ بتعليماته, هذا الابتعاد وهذا التجاهل أذل هذه الأمة, وجعلها تحت أقدام اليهود وتحت هيمنتهم, وجعلها أمة غبية فقدت الحكمة, وفقدت القوة, وفقدت القيم العظيمة التي تحيي النفوس وتشد المواقف وتبني الأمة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من خطاب سماحة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة المولد النبوي الشريف
للعام الهجري 1429هـ