المجتمعات البشرية بشكلٍ عام تسعى لأن تكتسب في واقعها القوة، والمنعة، والقدرة العسكرية، وكل وسائل القوة التي تساعدها على الدفاع عن نفسها، على دفع الأخطار عنها.
بل البعض من المجتمعات البشرية لا تكتفي بهذا المستوى من الاهتمام، من الجهوزية، من السعي للقوة، بل تسعى إلى أن تكون في مستوى القدرة على ضرب الآخرين، على السيطرة على الآخرين، على قهر الآخرين، على التغلب عليهم، وعلى ثرواتهم، وهذا معروفٌ في الواقع البشري: أنَّ هناك اهتمام كبير بأن تكون المجتمعات قوية، وأن تكتسب كل وسائل القوة التي تحميها، أو أكثر من ذلك: تستغلها لاستهداف الآخرين والسيطرة عليهم. فالإسلام هو ينظم هذه المسألة: مسألة أن تسعى الأمة لتكون قويةً، منيعةً، قادرةً على دفع الخطر عنها، على دفع الشر عنها، ينظم هذه المسألة ضمن الالتزامات الإيمانية والأخلاقية، ووفق القيم الإلهية، والمبادئ الإلهية، والضوابط الأخلاقية، ويربطها في غاياتها وأهدافها بما هو مقدَّس، بما هو مرتبط بالقيم والمبادئ والأخلاق الإلهية.
وبدون الاهتمام بهذا الجانب، فالنتيجة خطيرة جدًّا في واقع الأمة: تبقى الأمة بدون منعة، بدون قوة، بدون عزة، ويستبيحها الأشرار الطغاة المجرمون الظالمون، يستغلون ضعفها، يستغلون عجزها، يستغلون هوانها وذلها، فيستهدفونها بكل أشكال الاستهداف.
وواقع المسلمين هو يترجم هذه الحقائق: حالة الضعف في الواقع الإسلامي، في واقع المسلمين، وليس في الإسلام نفسه، حالة الضعف الرهيب، وما ينتج عنه، وما يترتب عليه من مآسٍ ومظالم كبيرة في واقع أمتنا، هو يدل بشكلٍ واضح على أهمية هذه الفريضة، وما يرتبط بها من نتائج مهمة في واقع الأمة.
عند الحديث عن مسؤولية الأمة في الجهاد في سبيل الله "سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى" كأمة لها رسالة، ولها مسؤولية، ولها حاجة وضرورة بأن تكون أمة قوية، منيعة، تقدر على النهوض بمسؤولياتها من جهة، وعلى حماية نفسها من جهةٍ أخرى، عند الحديث عن هذا، يبرز في مقدِّمة العوائق: عائق الخوف، وبالذات أنَّ الأعداء (أعداء الله، وأعداء الإنسانية، الطغاة، المجرمين، الظالمين) يستخدمون وسائل الجبروت والظلم والطغيان بحق الناس كأسلوب للسيطرة عليهم من خلال الترهيب، من خلال التخويف، من خلال زرع الخوف في نفوسهم، فممارسات القتل بوحشية وإجرام، هي ممارسة معروفة بالنسبة لهم، كل قوى الشر، كل قوى الإجرام والطغيان، تجعل من أسلوب القتل بطريقة وحشية وجماعية، القتل للناس بطريقة الإبادة الجماعية، القتل للرجال والنساء، والكبار والصغار، القتل الجماعي للناس في منازلهم، في مساكنهم، في أماكن تجمعاتهم، القتل ليس فقط في المعركة وفي الميدان، القتل للمدنيين، القتل للمسالمين، القتل للذين هم حتى في منازلهم، القتل بطريقة وحشية، الاستباحة لكل الحرمات، هو ممارسة واضحة، وسلوكٌ أساسيٌ من سلوكهم وممارساتهم؛ ولذلك فالأمة بحاجة إلى أن تحمل روحية الشهادة، التي تجتاز من خلالها حاجز الخوف والرهبة من جهة الأعداء، ويشجع الأمة للانطلاقة بجدية لحمل راية الجهاد في سبيل الله "سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى"، وإن كان هناك احتمال الشهادة، فالشهادة شرفٌ كبير.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
كلمة القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة تدشين الذكرى السنوية للشهيد 1445