قدَّموا الأمريكي والإسرائيلي والغربي، النظام الغربي المعادي لأمتنا، قدَّموه كدين من الأديان السماوية، مساوٍ لنا، فأتوا بالحديث عن النصارى واليهود، والنصرانية واليهودية والإسلام كديانات سماوية متساوية، وعملوا على أن يرسِّخوا لدى الكثير من المغفلين من أبناء أمتنا والجهلة هذه النظرة: أن ينظر إلى اليهودية كما ينظر إلى الإسلام، كلاهما دين سماوي متساوٍ مع الآخر، أن ينظر إلى النصرانية كدين سماوي متساوٍ مع الإسلام، في تجاهلٍ تام لما وصل إليه اليهود والنصارى من انحراف تام عن الرسالة الإلهية، وتنكُّرٍ كاملٍ لمبادئها، وتحريفٍ شامل لمفاهيمها، وأنَّ الحالة التي هم عليها هي مجموعة من الأهواء، والتحريف، والانحراف المتنكِّر للأنبياء ولرسالتهم، ولكتب الله، ولدينه الحق القويم، فالنظرة إليهم بما هم عليه، (بما هم عليه)، وكأنهم في حالةٍ متساويةٍ مع الإسلام، هي في هذا السياق؛ وبالتالي يوجبون أن تنظر إليهم النظرة الإيجابية، التي تنظر بها إلى الدين السماوي، إلى الدين الإلهي الحق، وأن تنظر إليهم نظرة إيجابية بهذا العنوان، فيما هم عليه من باطل، من انحراف، من تحريف، من ظلم، من إجرام، من طغيان، وأتوا بعنوان القبول بالآخر، والتعايش مع الآخر؛ للقبول بأولئك الأعداء المحتلين، المستهدفين لأمتنا، المجرمين، القتلة، الناهبين لثروات أمتنا، الذين يسعون إلى استعبادنا وإذلالنا وقهرنا للقبول بهم، وبكل ذلك معهم تحت هذا العنوان، ولم يقبلوه في ساحتنا الداخلية كمسلمين، لا يقبلون بالتعايش مع الآخر المسلم، لا يقبلون بالآخر المسلم، الذي له موقف معادٍ للأعداء، موقف من جرائمهم، موقف من تسلطهم، موقف من عدوانهم، موقف من مصادرتهم لحقوق هذه الأمة، موقف من سياساتهم العدائية ضد هذه الأمة، لا يقبلون بذلك أبداً؛ ولذلك عنوان الديانات السماوية، والعلاقة فيما بين أتباعها بطريقة مختلفة، بطريقة مختلفة، يعني: يرسِّخون في واقعنا نحن، واقعنا كأمةٍ مسلمة، أن ننظر بإيجابية إلى أولئك الذين يحتفظون بنظرة سلبية، ونظرة عدائية، ومعتقد عدائي، وموقف عدائي، لا يتغير، لا يغيِّرون معه شيئاً، لا في مناهجهم، ولا في مصادرهم المعتمدة، ولا في كتبهم المحرَّفة، ولا في سياساتهم المعتمدة، ولا في ثقافاتهم التي يعتمدونها، ويرسِّخونها، وينشرونها في أوساطهم؛ إنما تغيير يخصنا نحن كأمةٍ مسلمة، ولا يتجه إليهم.
ثم أكثر من ذلك: أتوا بعنوان الإبراهيمية، والتعاون وفق هذا العنوان، والاندماج بصبغة دينية، تحت عنوان الإبراهيمية، ويسمون اتفاق الخيانة، والتطبيع مع إسرائيل، والخيانة لهذه الأمة، والتحالف مع أعدائها، يسمونه بالاتفاق الإبراهيمي، ومن خلال هذه الطريقة الجديدة، يريدون أن يقدِّموا أو أن يفرضوا زعامةً دينيةً لليهود الصهاينة، زعامة دينية، بغطاء ديني، بعنوان ديني، على الأمة الإسلامية، ومعها المجتمع الغربي عموماً، بالنسبة للنصارى والمسيحيين، تحت عنوان الإبراهيمية، ليجعلوا الزعامة الدينية لليهود تحت العنوان الديني، وفي نفس الوقت لا يتغير شيء بالنسبة لليهود الصهاينة، لا يغيِّرون شيئاً من معتقداتهم ولا في مناهجهم، تبقى تلك النصوص، والتربية العدائية، والنظرة العدائية، والأسس العقائدية العدائية، وكل شيء يبقى على ما هو، لكن بالنسبة للمغفلين من المنافقين وأبناء أمتنا المغفلين، الذين يتجهون ذلك التوجه الغبي، فيقبلون بذلك، ويتأثرون بتلك العناوين، ناسين ومتجاهلين أنَّ الوارث الحقيقي لنبي الله إبراهيم، ولنبيه موسى، ولنبيه عيسى، وللكتب السماوية، وللدين الإلهي الحق، هو: خاتم النبيين، وسيد المرسلين رسول الله محمد “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، هو الأولى، {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: الآية68]، (هَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا).
الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” هو الامتداد الحق والصحيح للرسالة الإلهية، ولرسل الله، والقرآن الكريم هو الذي احتوى خلاصة الكتب الإلهية عبر كل التاريخ: صحف إبراهيم وموسى، هو الذي احتوى في محتواه ما تقدَّمه من الهداية الإلهية للبشرية في أسس وفيما تتطلبه الهداية الإلهية للمجتمع البشري.
فيأتون ليحرِّفوا كل شيء، ويجعلون ذلك بوابةً لفرض زعامةٍ دينية يبنى عليها المحبة لليهود الصهاينة كمعتقد ديني، وكمسألة دينية، بل ومصادرة الحق الفلسطيني باسم الدين، وبعناوين دينية، وبتحريف لنصوص ومعاني لآيات قرآنية، وهذا ما صدر من البعض لحد الآن، كم يحاولون أن يحرِّفوا المعاني للنصوص القرآنية، أن يختلقوا بعضاً من النصوص والفتاوى، التي تساند هذا التوجه السلبي والتضليلي.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد القائد 1443هـ