{فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً}، هذه الحالة غائبة، اتخاذه عدواً يشكّل حمايةً لك من شره، من خطره، من مكائده، أنت إذا لم تعِ عداوته لك، وتستوعب خطورة هذا العدو، ثم تحمل في الوقت نفسه العداء له، العداء الحقيقي النابع من وعيك بخطورته، بسوئه، بشره، بمخاطره، بمكائده، فتحمل هذا العداء نحوه؛ فتأخذ احتياطاتك اللازمة من هذا العدو، وتكون متنبهاً في كل الأوقات، في كل الظروف، في كل الحالات، في كل المقامات التي ينبغي فيها الاستحضار ذهنياً ونفسياً لخطورة هذا العدو، والانتباه من هذا العدو، والجهوزية الدائمة للتصدي لهذا العدو.
هذه الحالة إذا فقدتها فأنت من الهالكين، فأنت في حالةٍ خطرة بما تعنيه الكلمة، وسيتمكن هذا العدو من حسم معركته معك، ومن السيطرة عليك، ومن الإيقاع بك في شِرَاكِه، يصطادك الشيطان، وتكون ضحيةً لغفلتك، ضحيةً لإهمالك، ضحيةً لحالة الغرور التي عشتها، وانعدام التنبه واليقظة تجاه هذا العدو.
{إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}، هو عدوٌ لهذه الدرجة، حتى لو أردت التصالح معه، وأردت أن تكون من حزبه، وأن لّا تكون في صراع معه، ولا في مشكلة معه، وانضممت إلى حزبه؛ لأن الشيطان معه حزب (حزب كبير)، وأعضاء هذا الحزب والمنتمون إليه كُثُر من الجن ومن الإنس، أعداد كبيرة لربما بالمليارات منضمون إلى هذا الحزب (حزب الشيطان)، ولكن الذين انضموا إلى حزبه، ودخلوا في صفه، واستجابوا له، ولم يقرروا أن يتخذوه عدواً، بل اتخذوه ولياً: سواءً بإدراك وانتباه ومعرفة وعن عمد وقصد، أو من دون انتباه تلقائياً على نحو عملي، أصبحوا في واقعهم العملي والنفسي، وطريقتهم في الحياة يسيرون في خطه، وعلى نهجه، وتحت أمره وتوجيهاته، وفي المسلك الذي يدعوهم إليه، ويتجه بهم فيه عملياً؛ لأن البعض والكثير (الأغلبية من البشرية) هم يتجهون على هذا النحو، يعني بشكل تلقائي من خلال غفلتهم وعدم انتباههم، وعدم إصغائهم إلى تحذيرات الله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى– وتنبيهات الله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى– بهوى النفوس، ورغبات النفوس؛ اتجهوا وراءه، وانضموا إلى صفه، وأصبحوا في حزبه، [خلاص] تصبح في حزبه، تنضم إلى صفه، هل يقدّر لك هذا الجميل؟ هل هو يتفاعل إيجابياً، ويلتفت على نحو إيجابي مع كل أولئك الذي انضموا في حزبه، وأصبحوا من صحبه وجمعه وأتباعه؟ |لا|. لا يحمل لهم إرادة الخير، ولا يُقَدّر لهم ذلك، ولا يرعى لهم هذا الجميل ولا يعتبره أبداً، ولا تتغير الحالة العدائية نحوهم بما أنهم آثروا طاعته فوق طاعة الله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى– واتبعوه وخالفوا الله، وأطاعوه وعصوا الله، حتى الحالة العدائية نحوهم لا تتغير، يبقى عدواً، ويبقى كل اهتمامه، وكل سعيه، وكل جهده، أن يوصلهم إلى أين؟ وهم خلفه، في طريقه، على توجيهاته، وعلى أمره، وعلى كيفما يريد لهم أن يكونوا يذهبون ويتجهون، {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ} حزبه: الذي انضم إليه، الذي أصبح في صفه {لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}، يريد أن يذهب بهم إلى جهنم، إلى جهنم، فإذاً هو عدو خطير؛ لأن التصالح معه لا ينفع، والانضمام إلى حزبه وصفه لا يفيد، لا يسلمك من شره، ولا يخرجك من حالة الخطورة. |لا|، حينما تنضم إلى صفه؛ فأنت تسهّل عليه مهمة الإيقاع بك، والإهلاك لك، والإيصال لك إلى جهنم والعياذ بالله، {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
لعلكم تتقون رمضان 1438هـ: خطورة الشيطان الرجيم
-1- المحاضرة الرابعة