والنظام السعودي لا يمتلك الحق في تلك الممارسات والسياسات، التي حوَّل بها الحج إلى موردٍ ماليٍ من جهة، وفرض سياساته من جهةٍ أخرى، إضافة إلى بعض الممارسات، منها: ممارسات تكررت في عدة أعوام، ممارسات تستهدف الحجاج في حياتهم، وتؤثِّر على أمنهم وسلامتهم، ومنها الاعتقالات، البعض من الناس اعتقلوا من بلدان متعددة، من اليمن، من مصر... من دول متعددة، واعتقلوا وهم يؤدون شعائر الحج، وهم في الديار المقدسة، وهم في الموطن الذي أراده الله أن يكون آمناً، وجعل له حرمته العظيمة، فيقومون باعتقال من يريدون اعتقاله دون تقدير حرمة بيت الله الحرام والديار المقدسة، وحرمة شعائر الحج، والبعض أيضاً كذلك في العمرة، ولها حرمتها كذلك، لكنهم ينتهكون كل الحرمات.
ليس لهم الحق في كل تلك الممارسات، التي يدخل كثيرٌ منها تحت عنوان (الصَّدّ عن المسجد الحرام)، هذا العنوان تحدث عنه القرآن الكريم في آيات كثيرة، وكان من أبرز جرائم الكافرين في عصر رسول الله "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، حينما كانوا يسيطرون على مكة المكرمة، ويتحكمون بشعائر الحج، كان الحج بقي متوارثاً بين العرب حتى في الزمن الجاهلي، ولكن أثناء سيطرة المشركين على مكة كان هناك معاناة كبيرة، فكانوا يمارسون ممارسات تدخل ضمن الصَّدّ عن المسجد الحرام، والله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قال في القرآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج: الآية25].
السيطرة على مكة لا تعطي أي جهة سيطرت عليها مشروعية التصرف كما يحلوا لها، كما تشاء وتريد، وفق سياساتها الخاطئة، وتوجهاتها الخاطئة والمنحرفة عن تعاليم الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ ولذلك ليس للنظام السعودي شرعية في قيوده وإجراءاته الظالمة والخاطئة، وقيوده التي تشكِّل عائقاً لأكثر المسلمين عن الذهاب إلى الحج، أو عن أداء فريضة الحج كما ينبغي، وفق هدي الله وتعليماته المباركة، وفق الأهداف التي رسمها الله لتلك الفريضة العظيمة، والله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عندما قال في القرآن الكريم: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[الأنفال: من الآية34]؛ لأن الإجراءات التي تُشكِّل عائقاً للناس عن الذهاب لأداء فريضة الحج، وعن الذهاب إلى العمرة، هي تدخل في عنوان (الصد عن المسجد الحرام)، كذلك القيود التي تعود إلى سياساتهم الخاطئة، التي يتحكمون بها على الناس في أدائهم لتلك الفريضة المقدسة، فيقول الله: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ}[الأنفال: من الآية34]، ليس لهم ولاية عليه، ما يمارسونه من ممارسات هي ممارسات لا شرعية لها، وليس لهم الحق فيها، {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[الأنفال: من الآية34].
فالقيود المالية، والإجراءات الظالمة والمعقدة، والمخاطر الأمنية في الاعتقال والتهديد للناس في حياتهم، القيود على أداء هذه الفريضة تدخل بكلها تحت عنوان (الصد عن المسجد الحرام)، وهي مما تعانيه الأمة، في عدم تمكُّنها من الاستفادة من ذلك الركن العظيم، الذي له أهميته الكبرى، وكان يمكن لو تهيأت الظروف للأمة لأداء ذلك الركن العظيم، في ظروفٍ مريحة، بدون تعقيدات، بدون قيود ظالمة، كان يمكن أن يكون له أثر كبير جداً، في واقع المسلمين على المستوى التربوي والأخلاقي، وعلى مستوى القضايا الكبرى والجامعة، والمسؤوليات المقدسة، وعلى مستوى أيضاً الواقع الاقتصادي للأمة... على كل المستويات.