ولذلك عندما نعود إلى النماذج، إلى منهج الإسلام، إلى الآيات القرآنية، ما فيها أيضاً من تحذير ووعيد، الله -سبحانه وتعالى- حكى لنا في (سورة ص) قصة نبيه داوود -عليه السلام-، عندما اختبره الله اختباراً قد يكون من وجهة نظرنا اختباراً بسيطاً، وقد دخل عليه الخصمان وتشاجرا عنده، أحدهما يقول: أن معه تسعٌ وتسعون نعجة، والآخر قال: معه نعجة واحدة، وهو يشتكي من أن صاحب التسعة والتسعين نعجة طلب منه أن يضع نعجته عنده ليكفلها، ليقوم بكفالتها، يعني قال: لا تشغل نفسك، أنت ما معك إلا نعجة واحدة، ليس لديك إلا نعجة واحدة، ضعها مع غنمي وسأكفلها لك، وهنا استعجل في الجواب، {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ}، فماذا كانت النتيجة؟ أدرك- فيما بعد- أن هذا اختبار: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}[ص: 24-25]، ثم يأتي ذلك التحذير العجيب؛ ليكون درساً لكل المؤمنين، لكل الذين آمنوا، لكل الذين يتحملون المسؤولية، {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}[ص: الآية26]، تحذير شديد وهو نبي؛ ليستفيد منه كل الناس، ليعرف كل الذين يتحملون المسؤولية أن الموضوع خطير، إذا كان هذا التحذير قد صدر إلى نبيٍ من أنبياء الله، إن الله -سبحانه وتعالى- يحذره هذا التحذير الشديد؛ فليأخذوا العبرة، فليحذروا، فلينتبهوا.
فلذلك عندما يكون الإنسان في أي موقع من مواقع المسؤولية عليه أن يستحضر الدوافع الإيمانية، وأن يحرص على أن يكون خاضعاً لله، وأن يدرك أن التزاماته الإيمانية والدينية زادت أكثر من غيره، فهو في موقع الخطورة إن فرط، إن ظلم، إن تجاوز، إن طغى، والذين يمكنهم الله -سبحانه وتعالى- من عباده المستضعفين، وقد تحركوا ضد الظلم، ضد الطغيان، وسعوا إلى إقامة العدل، هم معنيون أيضاً أن يكونوا مدركين لخطورة الغفلة عن مسؤولياتهم، عن منطلقاتهم الإيمانية التي انطلقوا منها ابتداءً، وأن يكونوا مستحضرين لذلك على الدوام؛ لأن الغفلة حالة خطيرة على الإنسان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
وما الله يريد ظلماً للعالمين (4) الظلم من موقع المسؤولية.. من أخطر الظلم.
المحاضرة الرمضانية الخامسة عشرة 1441هـ 08-05-2020م.