أمرنا الله بمقاطعة كلمة قد يستفيد منها اليهود فبالأولى مقاطعة منتجاتهم
يقول السيد عبد الملك (حفظه الله):
المقاطعة مهمة، لاحظوا: الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يقول:}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ{ لاحظوا هذه الآية المباركة نزلت تمنع عن المسلمين مفردة وكانت مفردة عربية }لَا تَقُولُوا رَاعِنَا{ راعنا: كانت مفردة عربية، يقول المفسرون والمؤرخون: إن اليهود كانوا يستخدمون هذه المفردة ويقصدون معنى آخر فيه إساءة ضمنية للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) فكانوا يستفيدون من معنى محتمل من هذه المفردة.
القرآن الكريم منع على المسلمين استخدام هذه المفردة وأمرهم إلزاماً بمقاطعتها, لاحظوا معي: بمقاطعة مفردة عربية }لَا تَقُولُوا رَاعِنَا{ لأن اليهود كانوا يستفيدون من هذه المفردة فمنع القرآن استخدامها حتى لا يستفيد اليهود من استخدامها؛ لأنهم سيستمرون في استخدامها لو بقيت مستخدمة لدى العرب؛ فإذا كان هناك مقاطعة لمفردة عربية يستفيد منها اليهود أما اليوم فالبضائع الإسرائيلية والأمريكية, أمريكا أكبر داعم وحاضن وراعي لإسرائيل والبضائع الأمريكية والإسرائيلية تشكل أكبر مصدر دعم رئيسي لهما: لإسرائيل ولأمريكا.
والمقاطعة من أبناء الأمة اليوم عالمنا العربي هو سوق من أكبر الأسواق في العالم سوق مستهلك؛ لأن مستوى الإنتاج عندنا في العالم العربي ضعيف ويكاد يكون حكراً فنعتمد في مشترياتنا وفي استهلاكنا على المنتجات الأجنبية, نستورد, كل شيء مستورد لا ننتج كما ينبغي وبالتالي تذهب معظم أموالنا إلى أعدائنا وتشكل ثروة لهم ومصدر دخل كبير لهم.
لاحظوا: اليوم النفط العربي من أكبر مصادر الدعم لأمريكا وبالتالي لإسرائيل؛ لأن ما استفادت منه أمريكا تستفيد منه حتماً إسرائيل هذا أمر لا شك فيه, ويظهر في الخفاء أن هناك تعاوناً مباشراً ودعماً مادياً مباشراً لإسرائيل, ولكن على المستوى الرسمي الطامة واضحة والكارثة كبيرة ومعظم خيرات هذه الأمة تصب في جيوب أعدائنا، ولكن على مستوى واقعنا الشعبي وعلى مستوى أن نشكل داخل شعوبنا توجهاً معادياً لإسرائيل له مواقف عملية, وله تحرك عملي ويسعى إلى أن يتسع نطاق نشاطه في أوساط الأمة.
يعني: عندما يقاطع الآلاف يكون لمقاطعتهم تأثير، عندما يقاطع مئات الآلاف سيكون هذا التأثير أكثر، وعندما يقاطع الملايين من أبناء شعوبنا للبضائع الأمريكية والإسرائيلية سيكون لهذا تأثير أكبر.
على كلٍ هذا الموضوع يجب أن يحظى باهتمام حتى في التثقيف في المساجد، في الوسط الجامعي والمدرسي، وكذلك في الأوساط الشعبية وأن يلقى نشاطاً مستمراً.[1]
المقاطعة تعطي فرصة لتنمية الناتج المحلي
ولاحظوا: هناك فوائد كثيرة جداً لو تفعلت المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية في أوساط أمتنا سيتيح هذا فرصة لتنمية الإنتاج المحلي, وهناك - للعلم - بدائل هذا معلوم قطعاً، هناك بدائل للبضائع الأمريكية والإسرائيلية وأي شيء تريده هناك ما هو بديل عنه من مختلف الاحتياجات والبضائع، هناك بدائل لا حجة للإنسان ولا مبرر أمام الله سبحانه وتعالى والمشكلة خطيرة جداً؛ لأنك ستكتب عند الله داعماً لإسرائيل وداعماً لأمريكا إذا كانوا يستفيدون بمالك وأنت باستطاعتك أن لا يستفيدوا من مالك هذا, باستطاعتك أن تحترز أن لا يصل هذا الدعم إليهم, باستطاعتك أن تعتمد في مشترياتك واحتياجاتك ومتطلبات حياتك على بدائل حتى لا تذهب أموالك إليهم.
يقول السيد عبد الملك أيضاً في خطاب جمعة الإنذار:
نحن معنيون، ويجب أن نحرص على أن نتحرك أساسا في مشاريع عملية، وفي تغيير هذا الواقع السيئ، وهذا يتطلب جهدا كبيرا وعملا مستمرا، هذا ما حرصنا عليه ونسعى له في مسيرتنا القرآنية نحن (أنصار الله)، حرصنا دائما أن ننطلق في مشروع عملي بـ(شعارنا) بمشروعنا العملي البَنَّاء، بثقافتنا الجهادية، وثقافتنا الممانعة والمقاومة والمناهضة لأعدائنا، كذلك على مستوى حرصنا ودفعنا الدائم إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، وإلى أن نجعل من قضايا الأمة الكبرى أساساً في مشاريعنا العملية، وفي رؤانا على المستوى السياسي وعلى المستوى الاقتصادي.
وهذا يمكن أن يستفاد منه، ليكون حافزا للبناء، لنتجه جميعا إلى البناء والنهضة، لأننا إذا انطلقنا هذا المنطلق بالتأكيد سنحرص على أن نسعى لنكون أقوياء، إذا اتجهت شعوبنا، إذا اتجهت أمتنا، إذا اتجهت منطقتنا الإسلامية في العالم العربي وغيره من هذا المنطلق؛ لمواجهة التحدي؛ لتكون بمستوى الأخطار والتحديات حتى تتمكن من مواجهتها، معناه أن يتجه الجميع اتجاها بناءً لبناء الواقع، لإصلاحه، لترميمه، حتى نكون أقوياء.
وبالتالي عندما نسعى هذا السعي، ونحرص على ذلك، سيتغير واقعنا بشكل عام، وسيكون هذا مدخلا إلى واقعنا الداخلي كشعوب عربية؛ لأنه للأسف واقعنا يتحكم فيه غيرنا، كمسلمين كعرب في الأعم الأغلب في معظم الحال الذي يتحكم بواقعنا، الذي يرسم السياسات الاقتصادية ويفرض الواقع السياسي ويتحكم فيه هو غيرنا، امتداد هذا الواقع في نهاية المطاف يصل إلى العدو، إلى من يستهدف الأمة، إلى ما يخدم إسرائيل، إلى ما يحقق للأمريكيين والغرب السيطرة المباشرة والكاملة على أمتنا على بلداننا على مقدراتنا إلى ما نخسر فيه كل شيء، وهذا ما يحصل.
بات من المهم أن تعي الشعوب حقيقة الواقع وضرورة السعي لإصلاحه، وأن تدرك أن هذه مسألة أساسية تساعدها على تغيير الحالة القائمة تجاه القضية الفلسطينية ذاتها، لأننا عندما نجد أن الأمة تعيش حالة من العجز الكبير، حتى تجاه القضية الفلسطينية، فتقف الموقف المطلوب الموقف اللازم الموقف المشرف، الواقع نفسه أسهم إلى حد كبير في أن تكون الأمة على ما هي عليه من عجز ومن مواقف محدودة، مكبلة بقيود كبلها بها أعداءها بأدواتهم الداخلية قبل كل شيء.
ولكن إذا أدركنا أنه يجب أن نغير هذا الواقع، وأن نصلح هذا الواقع، وأن نبني واقعنا على نحو أفضل؛ لنكون في المستوى المطلوب، ونؤدي واجبنا كما ينبغي تجاه قضية فلسطين، وتجاه غيرها من قضايا الأمة الكبرى، وفي مواجهة التحديات والأخطار.
بشرائك للبضائع الأمريكية والإسرائيلية ستكون شريكاً في جرائمهم
عندما تصبح شريكاً لإسرائيل وشريكا لأمريكا في جرائمها وظلمها أي مشكلة أكبر من هذه وأي خطر أكبر من هذه على دينك؟ وهذه المسائل المهمة ستكون مسائل مهمة يوم القيامة؛ لأن البعض من المثقفين والخطباء سيأتي يُحذر من الغيبة والنميمة ونحوها وينسى مثل هذه المسائل.
لا بأس ثقِّف عن كل الأخطار وحذر من كل الذنوب والمعاصي ولكن النسيان للمسائل الكبيرة غفلة كبيرة، يوم القيامة ستبقى للمسائل الكبيرة أهميتها وليس بالمستطاع تهميشها آنذاك، ستبقى هذه القضايا الكبرى قضايا كبرى يوم القيامة وحاضرة يوم القيامة, وكلٌ منا سيُحاسب ويُسأل ويُجازى، مهم أن نراجع أنفسنا وأن نحسب حساب أنفسنا في مسائل لها هذه الأهمية، لها هذا المستوى من الاعتبار وسنسأل عنها يوم القيامة.
فالمقاطعة مسألة مهمة الله أمر المؤمنين إلزاماً في مقاطعة كلمة آنذاك كان يستفيد منها اليهود فما بالك بالمليارات التي يستفيد منها اليهود الصهاينة والتي يستفيد منها الأمريكي ولا أحد يبالي بالمخذلين المثبطين.. لا. يكون هم الإنسان أن يؤدي مسؤوليته ولا يكترث بالمخذلين والمثبطين.
المقاطعة الاقتصادية هي غزو للعدو إلى عقر داره
يقول السيد حسين رضوان الله عليه في محاضرة: (الشعار سلاح وموقف):
"المقاطعة الاقتصادية كذلك يجب أن يهتم الناس بها، المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، يحاولون أن يقاطعوها، المقاطعة مؤثرة جداً وحتى لو لم يكن إلا منطقة واحدة، لا يقول أحد كم يا ناس يشترون! يوجد ناس آخرون يقاطعون في البلاد العربية، فأنت لا تحتسب نفسك مع الذين لا يقاطعون، احتسب نفسك رقماً إضافياً إلى آلاف الأرقام الأخرى في البلاد العربية التي تقاطع...
المقاطعة الاقتصادية للبضائع مهمة جداً ومؤثرة جداً على العدو، هي غزو للعدو إلى داخل بلاده، وهم أحسوا أن القضية عندهم مؤثرة جداً عليهم، لكن ما قد جرأت الحكومات العربية إلى الآن أن تعلن المقاطعة، أن تتخذ قراراً بالمقاطعة، لأن الأمريكيين يعتبرون إعلان المقاطعة لبضائعهم حرباً؛ لشدة تأثيرها عليهم.
فإذا كانت مؤثرة بهذا الشكل فلينطلق الناس فيها، ومعظمها أشياء يوجد بدائل لها، يوجد بدائل أرخص منها وأفضل منها، الإنسان المؤمن يكون عنده هذا الشعور، عنده هذا الاهتمام، حتى ولو كنت تظن أنه لا يوجد إلا أنت اعمل هذا الشيء، لا تشترِ بضائع أمريكية.
نزلت قوائم فيها أسماء بالبضائع الأمريكية التي يقاطعها الناس، يهتم كل واحد أن يقاطعها، يهتم كل واحد أن يذكِّر صاحب دكان أو صاحب متجر أن لا يستورد منها، إذا قد استورد كمية يحاول أن يصرِّفها ويكفي، لا عاد يستورد شيئاً جديداً.
في الأخير سترى كم ستطلع من أرقام كبيرة من ملايين الدولارات خسارات للشركات الأمريكية، والأمريكيين ليست حركتهم هذه الكبيرة إلا بتمويل العرب، بعائدات أموال العرب، الاستثمارات الكبيرة التي لديهم، البلاد العربية سوق كبيرة لمنتجاتهم وشركاتهم. يترك الناس كلمات: (أن هذا العمل لا يؤثر، وهذا ليس منه فائدة، ماذا عساه أن يفعل؟! ماذا سيكون تأثيري عليهم إذا لم أعد أشتري كوب عسل) لا. على الناس أن يتركوا هذه التفسيرات وينطلقوا من منطلق أن المقاطعة الاقتصادية مادامت تؤثر إذاً سنقاطع، وسترى بأنك وأنت شخص واحد كم ستكون مشترياتك في السنة الواحدة، ستطلع أرقاماً كبيرة، خلِّ عنك الآلاف معك، وإذا كنتَ ترى أهل بلادك لا يقاطعون ولا يهتمون، فاعتبر نفسك أنك لست رقماً غريباً، أنت رقم مع مقاطعين كثير في (أندونيسيا) في (ماليزيا) في مختلف البلاد الإسلامية، والبلدان العربية الأخرى، احسب نفسك واحداً مع هؤلاء في المقاطعة، لا تحسب نفسك واحداً مع الذين لا يرضون أن يقاطعوا ولا يرضون أن يفهموا من أهل البلاد".
[1] من خطاب للسيد عبدالملك في يوم القدس العالمي للعام 1438هـ.